TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > المازوخية الطائفية

المازوخية الطائفية

نشر في: 28 يناير, 2014: 09:01 م

لا يختلف السادي عن المازوخي من حيث الهدف. كلاهما يبحث عن لذّة. فالسادي تعتريه لذة حين يعذب الآخر، والمازوخي يتلذذ مثله لكن عن طريق تعذيب نفسه. والتعذيب نفسه يتخذ أشكالا عدة وليس شرطا فيه ان يكون هناك سوط او قرباج لاستخدامه في التعذيب. فالموظف الذي حين تراجعه لإنجاز معاملة ويؤخرها عن قصد كي يجعلك تتعذب بالرواح والمجيء في الأيام الحارة هو موظف سادي. كذلك المازوخي حين يقصد شخصا أو مكانا ما وهو يعلم انه سيلاقي ما لا يرضيه، فانه مازوخي، مثل هذا الذي قال في احد الدارميات:
عمده ارد امر بالدار وشبع مغمّه
ونحب نحيب ايتيم من يذكر امه
الطائفيون أيضا نوعان: سادي ومازوخي. الغالب والشائع أن الطائفي سادي يتلذذ بحرمان ابن الطائفة الأخرى من التمتع باي حق من حقوق الحياة. لكن ان تجد طائفيا مازوخيا يتلذذ عندما يؤذيه الطائفي من الطرف الآخر فتلك من النوادر، الا في العراق "الجديد".
حينما نلوم ونحمل رئيس الوزراء بصفته المسيطر والمتصرف الوحيد بالملف الأمني بدءا من القوات المسلحة الى قوات الشرطة، مسؤولية عدم اكتراثه بحماية أرواح الناس من الإرهابيين، يهاجمنا هؤلاء. اكثرهم يناشدنا ان نكتب عن عمليات الإرهابيين بدلا من ان ننحي باللائمة على من سهل لهم الفرار من السجون ولا يمتلك حتى ادنى حدود الخبرة في مقارعة الإرهاب سياسيا وميدانيا. ما الذي سنضيفه مثلا ان كانت الجهات الرسمية بنفسها تقول انا فقدنا في العام الأخير لوحده بحدود عشرة آلاف قتيل عدا الجرحى والخراب المادي؟ أيتوقع هؤلاء ان مثلنا سيطيعه الإرهابيون حين يلومهم، وهم الساديون بامتياز؟ طبعا لا. من لا يرضى على من يلوم المقصر في حمايته من القتل، مريض. ومن يريد ان نسمعه "المقتل" الجديد ونزيده في النواعي كي يبكي على حاله، مريض أيضا.
محزن، لا بل مخيف جدا مخيف ان يجد هؤلاء الباحثون عن التلذذ بجراحهم حكومة طائفية تلبي حاجتهم. والأكثر حزنا ولا إنسانية معا هو هذا الكم المرعب من الفضائيات والكتاب الذي يبحثون عن شعبية، كشعبية المالكي، من خلال ترك المقصر الحقيقي والانشغال ببث وكتابة بكائيات تغذي مرض المازوخية الطائفية وتجذره في نفوس المظلومين.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. عبدالعزيز السامر

    الدكتور الموقر هاشم العقابي! نحن بحاجة الى مفردات اللغة العربية حتى السياسين يعرفون التحدث بمصطلح لايعرفه اكثر القراء حتى نقول عنهم مثقفين ويعرفون اللغة العربية بدل مصطلحات تركية او ايرانية والله المستعان !! اخي الكريم لو تكتب كل يوم اربعة وعشرين ساعة لاي

  2. نبيل

    الاخ عبدالعزيز انه ابتلاء بحق

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

باليت المدى: جوهرة بلفدير

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram