احتشد رهط غفير من السابلة أمام إحدى الواجهات الزجاجية العريضة لمخزن عريق بشارع اكسفورد في قلب لندن، للتمتع بعرض حي ! بعد ان تفتقت خيالات المعلنين عن طريقة مثلى لجذب واستقطاب المشترين - وتحقيق المزيد من الارباح ، بعد موسم التنزيلات ( الذي كانت حصيلته متدنية قياسا للسنوات السابقة). كيف؟
استبدلوا دمى المانيكان المخصصة لعرض الملابس ، بفتيات يانعات من لحم ودم واحتدام مشاعر . وتم سجن اكثر من عارضة لساعة وبعض ساعة في ( فترينة ) العرض الزجاجية ، لتغدو فرصة سانحة لمن لا يشتري : ليتفرج .
فتيات رشيقات في مقتبل العمر .. لبسن معاطف الفراء تحسبا لشتاء قارس (قارص) والبعض منهن ارتدين المايوه، انتظارا لصيف لاهب ٫ لعرض آخر صيحات المودة وما تفتقت عنه قرائح بيوت الازياء . دون إهمال لوازم آخر صرعات المكياج والاكسسوارات المتممة، من اقراط وأساور وقلائد وخلاخيل السيقان، ليضيفوا للصورة الهواجس الخفية للتشويق والإثارة.
ما الذي يدفع إمراة ما للرضوخ لهذا العرض المهين لكرامة الانسان — الرجل قبل المرأة—؟ الحاجة للمال ؟ربما . حب المغامرة والخروج على السائد والمألوف؟ ربما . الرضوخ لرغبات رب العمل ؟ ربما….
امر بالواجهة الزجاجية ، ولا امنع فضولا استبد بي للتمعن بأدوات العرض: الفتاة تقف جامدة كتمثال من رخام ! لا تتحرك ، لا تتكلم . لا تطلق ضحكة .لا تتلفت ...
أي عزاء للنساء في بلدان الثراء الفاحش والفقر المدقع — على السواء— ان يستعملن كسلعة؟
الدعوة ليقظة المرأة ، — وإطلاق سراحها من ربقة العبودية المتلفعة بالعباءة والخمار والبرقع. وتلك السافرة عن النهود والافخاذ والسيقان —مهمة مقدسة .
دعوتها للتمرد على قضبان سجنها ولو كانت من ذهب، وفك قيودها ولو كانت من حرير . تحريضها للاضطلاع بدورها الحقيقي: شريكة الرجل لا تابعة له ، رفيقته لا محظيته ، حبيبته لا ملك يمينه ، نفحة من روحه لا مفقسا لبيوضه ولا جردلا للنفايات يلقى إليه بالمياه الثقيلة كلما دعت الحاجة.
لا عزاء للسيدات ؟
[post-views]
نشر في: 29 يناير, 2014: 09:01 م