بمناسبة صدور روايته الجديدة " في مثل هذا البحر الكامل " ، التقت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية واسعة الانتشار الروائي الأمريكي المتحدر من أصول كورية تشانغ راي لي ( ولد في 29 يوليو / تموز 1965 ) أستاذ الكتابة الإبداعية في جامعة برينستون الذي بات اسمه ل
بمناسبة صدور روايته الجديدة " في مثل هذا البحر الكامل " ، التقت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية واسعة الانتشار الروائي الأمريكي المتحدر من أصول كورية تشانغ راي لي ( ولد في 29 يوليو / تموز 1965 ) أستاذ الكتابة الإبداعية في جامعة برينستون الذي بات اسمه لامعا في الشارع الثقافي الغربي لما تمثله كتاباته من ثورة حداثوية تناولها النقاد في عديد الصحف والمجلات هناك ، وهو حينما يتحدث عن منجزه الجديد فكأنما يعيد صياغة الماضي بإسلوب الحاضر مرجحا أن يكون لموضوعة الكلاسيك دور قوي في صنع الرواية القادمة للكثير من الكتاب الذين جرفتهم الأعمال المعقدة التي اعتقلت العقول فترة طويلة .
ولأجل ان يكون الحوار خاص بالرواية شؤونها وشجونها تقدمت الصحيفة بأول أسئلتها له ليكون القارئ على دراية أن تشانغ راي لي لم ينقطع يوما عن قراءتها مع انشغالاته بالكتابة عنها وتدريسها :
* ما هو أفضل كتاب قرأته في الآونة الأخيرة ؟ وأين ذهب صوتك لأفضل كتاب في العام الماضي؟
- بهرتني حقا رواية آدم روس " السيد الفول السوداني " ، ومع أن عنوانها يوحي أنها يمكن أن تكون رواية كوميدية ساخرة إلا أنها من النوع البوليسي الرومانسي بنفس الوقت ، وظف فيها روس القتل كأحد الجرائم التي لاتقف عند حد معين من البشر ، وعندما تكون المرأة أحد أدواته هنا لابد أن نتوقف قليلا لنتعرف على جوانب متعددة لها أصدق ما فيها هو ذاك الحب اليائس الذي شكل محورها .
روس ومن خلال سرده المتصاعد الحافل بالإنفعال جعله ليس فقط مرآة أو عدسة تكشف الجانب الآخر من الجريمة ، لكنه أضاء من خلاله شخصيات أخرى أشعرنا بخطرها أيضا ، أما صوتي فقد ذهب لنفس الرواية التي أعتبرها أفضل كتاب قرأته .
* متى وأين تحب أن تقرأ ؟
- أقرأ في كل مكان ، لكن استمتاعي الحقيقي في القراءة هو في الرحلات الجوية ، القراءة هناك لها تأثير مسكن للخوف ولحظات التعذيب أثناء الطيران.
* ما الكتب التي تجد نفسك تعود إليها مرارا وتكرارا في قراءتها ؟
- لقد تم في الآونة الأخيرة إعادة قراءة الكتب التي لم أكن قد قرأتها مرة اخرى منذ المدرسة الثانوية وحتى الجامعة مثل " الأخوة كارامازوف " و " المرأة في الحب " ، هي أعمال كبيرة ومعقدة شكلت عندي في البداية صعوبة في فهمها ، الآن يمكنني قراءتها بتمعن ولهفة مع رغبة في فك أسرار لغتها الملهمة .
* من هو الروائي المفضل لديك على مر العصور ؟ والروائي المفضل لديك اليوم ؟
- تسمية " المفضل " هي دائما مستحيلة لديّ ، إذ كيف أختار من بين عشرات الكتاب الكبار من أفضله على غيره كفلوبير مثلا أو دوستويفسكي ، جويس ، بورخيس ، ومع ذلك كنت أميل إلى الروائيين الأمريكيين خاصة منهم همنغواي وقد أرفع صوتي عاليا لستايرون وإبدايك ، وقد ينخفض قليلا للبعض الآخر ، لكن دون ديليلو دائما ما كنت أفسح لمحبته ركنا أثيرا من نفسي وأحاول أن اقرأ له كل ما ينشره وحتى قصصه التي تحولت إلى السينما كثيرا ما أعيد مشاهدتها ، إنني أعشق منهجه في الكتابة وأعتبره مألوفا ويحمل دائما علامة مميزة في لغته ، وبعد كل الذي قلته يعجبني الكاتب الذي لايعرف الخوف .
* ما هي أنواع القصص التي تجذبك لقراءتها ؟ وكيف تصف أنواع الكتب التي تبتعد عنها ؟
- لي كل الإستعداد لقراءة أي شيئ يشتمل على التفكير والجودة ، ومع أني لست عقائديا حتى أحصر نفسي في قراءات معينة فإني أرى مجال الكتابة التي تجذبني غنية باللغة والشكل ، أحاول دائما لدى تدريسي طلابي التعرف على النواحي الجمالية لعدد من الكتاب لذا تجدني أقدم لهم قصص لأنطون تشيخوف ، دنيس جونسون ، فلانري أوكونور ، لهذا السبب أنا أستمتع كثيرا بتدريس الأدب .
* ما هي أنواع الشخصيات الجاذبة لك كقارئ وكاتب ؟
- مثل معظم الناس ، أنا مفتون بالشخصيات التي يعصف بها الكرب واليأس وأحاول دائما البحث في مكنوناتها لفهم قواعد لعبتها .
* " في مثل هذا البحر الكامل " هي أول رواية لك تحكي عن البائسين بوجه خاص ، هل أنت من محبي هذا اللون الكلاسيكي والذي أضفت إليه الكثير من الخيال البائس ؟
- قد لايكون بالضرورة أن أتوجه دائما بتناول هذا الخيال ، والكتابات الكلاسيكية التي سبقنا إليها أورويل وهكسلي ، والأعمال المعاصرة لمكارثي ، آتوود وايشيجورو كانت رائعة حقا وهي تعرض أوضاعنا وتحمل إمكانيات معينة من التعبير والسلوك البشري ليس لمجرد أنها تعيين لعوالم حاضرة أو مستقبلية فقط بل لتأكيد فعل هذا اللون من الكتابة وتاثيره على القارئ دون تشويه لحقيقة ما يكتب حتى لايجبر على ترك قراءتها وحتى لايصبح مشهدها العاطفي مكررا أصلا .
* على الرغم من أن رواية " في مثل هذا البحر الكامل " تمت كتابتها في الولايات المتحدة مع أنكم بدأتم في بلورة فكرتها عن إحدى المدن الصينية ، ما الذي دفعكم إلى تغيير فكرتها ؟
- كنت أنوي كتابة رواية اجتماعية واقعية حول المدن الصناعية التي قامت على دلتا نهر اللؤلؤ في الصين ، لكني وفي رحلة لي في القطار شاهدت من مقعدي فيه منطقة سكنية شبه مهجورة في بالتيمور أدهشني منظرها وقلت في نفسي وأنا أمر على مشاهدتها من قطاري : لماذا لايكون للشعب مدن صغيرة في الضواحي خالية من استيلاء الأغنياء عليها لجعلها مدن صناعية ملوثة ؟ بالطبع مثل هذا الشيئ لايمكن أبدا أن يتحقق الآن وفكرته غير قابلة للتصديق .
* مع الكتب الخاصة بك فوجأنا بوجود كتبا خاصة بالطبخ ؟
- نعم ، الكثير منها موجود مع كتبي الخاصة وأصدقائي يعرفون مدى محبتي لطهي الطعام بنفسي لذا فقد داومت كثيرا على قراءة كتب الطبخ بداية ، لكنني الآن نادرا ما أستخدم وصفاتها بعد أن أتقنت صناعتها وأمر عليها حاليا لإلقاء نظرة على الصور التي تحفز شهيتي وتجعلني أتخيل وجودها على مائدة طعامي .
* ما هي الكتب المفضلة في طفولتك ؟
- لم أكن قادرا من قراءة كتب الأطفال الكلاسيكية حتى الصف الأول بسبب عدم تمكني من التحدث باللغة الإنكليزية ، لكنني قرأت الكثير منها بعدئذ في المدرسة الإبتدائية والتي لا أتذكر عناوينها بسبب وجود مكتبة والدي في منزلنا وهو الطبيب النفسي الذي وجهني لقراءة هذا اللون من الأدب والذي أقصده هنا كتب التحليل النفسي وأغلبها لسيغموند فرويد ومنها " تفسير الأحلام " و " الحضارة وسخطها " وغيرها والتي استخلصت منها كيف تكون الهستيريا وكيفية ظهور الرجل الجرذ ، لقد ساعدتني هذه القراءات بالكشف عن أمراض الناس الغير ظاهرة وتوظيفها في عديد المشاهد الروائية التي وضعتها منذ شروعي بالكتابة وحتى الآن .
* ما الكتب التي تتحرج قراءتها حتى الآن ؟
- الكونفوشيوسية والكتاب المقدس ، لقد حاولت قراءتهما في أوقات مختلفة من حياتي لكني لم أنجح وظلا بعيدان عني مع محاولة موجودة لديّ للعودة إليهما وقراءتهما .
* ما الكتاب الذي تتطلع لقراءته بشغف هذا العام؟
- لا شك سيكون مذكرات صديقي الكاتب غاري شتيانيغارت والذي أنا متأكد من أنه سيكون مليئ بالفرح والحزن ، فهو يكتب بطريقة ذكية جدا متناولا حياة الغربة كون ولادته كانت في لينينغراد هاجر بعدها مثلي إلى أمريكا والكثير من أعماله تعتمد اختراع الأماكن والأوقات بطريقة وهمية ساخرة أحيانا وبإتقان يبلغ حد الإعجاز .
عن: صحيفة نيويورك تايمز