TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > جنيف وفشل الجولة الأولى

جنيف وفشل الجولة الأولى

نشر في: 31 يناير, 2014: 09:01 م

لم نكن ننتظر من الأخضر الإبراهيمي، تصريحاً يكشف فيه أن تسعة أيام من التفاوض بين طرفي الصراع في سوريا، لم تفض إلى أي تقدم ملموس في الملفات المطروحة، وأن مواقف الطرفين خلالها بقيت متباعدة، ويبدو غريباً إعلانه الأمل بأن تكون المرحلة المقبلة من المفاوضات مثمرة أكثر، وألا تكون كسابقتها، ذلك أن وفدي التفاوض لم يحضرا إلى جنيف للتفاوض، بقدر ما جاء كل منهما بهدف إقناع العالم بأنه على حق، وأن الطرف الآخر ليس أكثر من مجموعة إرهابيين، يجب القضاء عليهم، والمؤكد أنهما يحضران نتيجة للضغوط الدولية، وليس سراً أن روسيا أجبرت النظام على الحضور، مسلماً باستناد التفاوض إلى وثائق جنيف الأول، الداعية إلى تشكيل هيئة انتقالية تمارس كامل الصلاحيات التنفيذية، وواشنطن مارست ضغوطها على المعارضة، مُهددة بأن امتناعها عن الحضور سيحرمها من الدعم الذي تقدمه لها.
سادت أجواء الجولة الأولى من المفاوضات، المناورات المتبادلة والمتذاكية، للهروب من الأولوية التي يزعم كل طرف أهمية الولوج منها إلى جوهر الصراع، فالمعارضة ترى أنها لموضوع هيئة الحكم الانتقالية، والنظام يطالب بوقف التمويل والتسليح والتدريب والإيواء للإرهابيين، وتسهيل تدفقهم إلى سوريا، والعمل سريعاً على مواجهة المجموعات الإرهابية، والقضاء عليها لتحقيق الأمن والسلام وعودة الهدوء والاستقرار، ويعتبر رفض المعارضة لذلك دليلاً على تورطها بالإرهاب، وراعيتا المؤتمر تعتنقان قناعةً، بأن لكل من الفريقين حرية طرح ما يرغب فيه، على أمل أن يشكل ذلك بدايةً ما لمسار الحل السياسي، الذي يشكل اتفاقهما عليه نقطة جوهرية في علاقاتهما، لكن ما جرى خلال تسعة أيام، هو اتفاق هش أعقب مماطلات مرضية، على إدخال المساعدات إلى بعض المواقع المحاصرة.
يعتقد المعارضون للأسد أن حضورهم كشف مواقف النظام المراوغة، وأنه يلعب على الوقت، بأمل تغيير الواقع على الأرض وأن مزاعمه عن محاربته للإرهاب مكشوفة، وأنها ليست أكثر من محاولات بائسة للترهيب، لكن هذا المكسب لا يلغي حقيقة أن ذلك لم يمنع النظام من كسب الوقت، لمواصلة محاولاته المستمرة منذ ثلاث سنوات، لفرض الحل الأمني، مع التظاهر بقبوله التفاوض على حل سياسي، فالمعارك المتصاعدة على الأرض، تعمل على تكريس التغيير الديموغرافي، وإحداث الفرز السكاني طائفياً، نتيجة لتهجير المزيد من السوريين، وتدمير آلاف المباني السكنية، لإقناع العالم باستحالة التوصل إلى استقرار سوريا وعدم تقسيمها أو سيطرة المتشددين والتكفيريين عليها، دون الأخذ بوجهة نظره حول أسباب الصراع، وأولويات البحث عن حلول لإخماده.
يرى كثير من المراقبين أن اقتصار أهداف المفاوضات على مجرد استمرارها، يعني استمرار النظام في حربه التدميرية، بغض النظر عن مزاعم الغرب بانتفاء أي دور للأسد في مستقبل سوريا، مع الاعتراف بالحاجة إلى تعاون الأسد للتخلص من الأسلحة الكيماوية، مع أن أمين عام الأمم المتحدة أكد أن دمشق لا تتعاون كما يجب في هذا المضمار، وأنها لم تسلم أكثر من 5% من مخزونها الكيماوي، ويظن هؤلاء أنه كان على المعارضة، الحصول على ضمانات بتنفيذ مضمون قرارات جنيف الأول، بموجب ولاية من الأمم المتحدة، بدل السعي لإثبات رعاية النظام للإرهاب، وهي تهمة يعتقد الغرب أنها صحيحة ولا تحتاج لأي إثبات، لكن الواضح أن المعارضة تسعى على الأقل لتحييد الموقف الروسي، إن لم يكن استمالته لصالحها، وهنا نعرف الهدف من زيارة الجربا القريبة لموسكو، وإعلانه عشيتها أن الروس أبلغوه عدم تمسكهم ببقاء الأسد، مع تمسكهم بوحدة البلاد، وخلوها من الإرهاب التكفيري، ما يفسر توحد المعارضين في الحرب ضد تنظيم داعش.
جنيف الثاني فشل متواصل والحل بعيدٌ عن بحيرة ليمان.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

 علي حسين عزيزي القارئ.. هل تعرف الفرق بين المصيبة والكارثة؟، المصيبة يمكن أن تجدها في تصريح السياسيين العراقيين وجميعهم يتحدثون عن دولة المؤسسات، وفي الوقت نفسه يسعون إلى تقاسم المؤسسات فيما بينهم تحت...
علي حسين

أزمة المياه في العراق وإيران: تحديات جديدة للاستقرار الإقليمي

د. فالح الحمــراني حذرت دراسة أعدها معهد الشرق الأوسط في موسكو من ان أزمة المياه بإيران والعراق المتوقعة في نهاية هذا العام قد تفضي الى عواقب بعيدة المدى، تؤثر على الاستقرار الاجتماعي في المنطقة،...
د. فالح الحمراني

العراق.. السلطة تنهب الطقس والذاكرة

أحمد حسن على مدار عشرين عاما، تحولت الثقافة في العراق إلى واجهة شكلية تتحكم بها مجموعات سياسية تدير المجال العام كما تدير المغانم. وفي ظل هذه الوضعية لم تعد الثقافة فضاء لإنتاج الوعي أو...
أحمد حسن

لماذا تهاجم الولايات المتحدة أوروبا بسبب حرية التعبير؟

فابيان جانيك شيربونيل * ترجمة : عدوية الهلالي «أعتقد أنهم ضعفاء. الأوروبيون يريدون أن يكونوا ملتزمين بالصواب السياسي لدرجة أنهم لا يعرفون ماذا يفعلون." لفهم الموقف الأمريكي تجاه القارة العجوز، يصعب إيجاد تفسير أوضح...
فابيان جانيك شيربونيل
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram