الطريقة التي كسب بها الجيش المصري مباركة الشعب له حين عزل مرسي من الرئاسة لم تكن بفعل قوته العسكرية وضخامة عدده. برأيي ان سر النجاح الأول يعود الى اللغة التي استخدمها الجيش بالتخاطب مع الناس. واللغة غير الكلام كما تعرفون. وبالمناسبة فالصمت يعد لغة أيضا. سألت أكثر من مصري كان عائدا من تظاهرة تطالب السيسي بالترشح لرئاسة الجمهورية عن اهم سبب دعاه لذلك، فكان الجواب الأغلب: لأنه مننا وبيفهم علينا ونفهموا. تذكرت جواب هؤلاء وانا اتابع احتفالا غنائيا أقامته القوات المسلحة بالذكرى الثالثة لثورة 25 يناير بدعوة من السيسي وبحضور رئيس الجمهورية.
كانت الأغاني كلها تمجد مصر وتتغنى بحبها ولم يذكر في أي منها اسم لشخص او لحزب. الجمهور المصري تفاعل معها بالدموع والتصفيق الى أن جاء اوبريت "تسلم الأيادي"، الذي رعت المؤسسة العسكرية إنتاجه، فوقفت القاعة ومن فيها من شدة الحماس. هذا هو الذي لا يفهمه مرسي ولا أي إسلامي سياسي. انهم لا يحبون مصر لانها وطنهم، بل يحبونها، كما علق الكاتب المصري عماد الدين حسين، "كولاية إسلامية ولدوا وتربوا فيها ولذلك فالمسلم الماليزي أقرب للإخواني من المسيحي او الليبرالي المصري".
في العام 1994 دعاني الصديق الشاعر مظفر النواب لأمسية أحياها بلندن وقدمه فيها الشاعر سعدي يوسف. كان الجمهور كبيرا وكان من بين الحاضرين إسلاميون عراقيون. عندما غنى مظفر وشاركه الغناء الدكتور سعدي الحديثي تفاعل الحاضرون والحاضرات بحرارة وحماس كبيرين ما عدا الإسلاميين طبعا. لا ادري بوقتها لماذا انكسر قلبي عليهم. ربما لأني قرأت في وجوههم انهم مرغمون على التخلي عن طبيعتهم بفعل ما ابتلوا به من أفكار.
اليوم وانا اعيد في ذهني مهرجان المصريين الغنائي ومهرجان النواب، خلت نفسي جالسا أغني "الريل وحمد" وقد مر بي المالكي. أما سينظر الى ما افعله بأنه رجس من عمل الشيطان او منكرا، فيشتمني ولو بقلبه وقد يحرم حتى السلام علي؟
زين، وماذا لو كان على بعد خطوات مني باكستاني او إيراني او بحراني او برتكيشي افترش سجادته ووجه تربته صوب القبلة وبيده مسبحة يدندن شيئا ما في قلبه وهو يداعب خرزها؟ هل سيعامله بمثلما عاملني .. أي منا أقرب اليه؟ للتذكير لا غير، ان صدام، أيضا، حرّم على العراقيين سماع أغنية "الريل وحمد".
مربط فرسي سؤال: هل يصلح من يحتقر أغاني الناس، لحكمهم؟ القاهرة أجابت، فهل ستجيبنا بغداد؟
أغانـي النـاس
[post-views]
نشر في: 31 يناير, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 3
أبو سعد
تختلف ثقافات الشعوب ولن تستجيب لك بغداد! وساقول لك كيف..(في العراق تم قتل العائله المالكه وتمزيق حكومتها وفي مصر تم ترحيل الملك فاروق بالسلام الملكي في العراق تم قتل عبد الكريم قاسم ولا يوجد له قبر في مصر كانت جنازة عبد الناصر مهرجان عربي ودولي وله قبر تو
الناصري
يا عقابي ان بلادي تنحب منذ عشر سنين .....اي اغاني يا عقابي ان بلادي تبكي دما منذ عشر سنين ...ان اهلنا في العراق يسحقهم الارهاب منذ عشر سنين.....بالامس داعش في وزارة هادي العامري ومدافع المالكي منذ شهر تقصف الفلوجه قصفا عشوائيا تعرف يعني شنو قصف عشوائي يعن
ابو اثير
استاذنا الشاعر المغترب ... بعد قراءة مقالتك تذكرت الوزير حسن العامري عندما صرح بانه مستعد وجاهز مع ميليشياته لمكافحة ومقاتلة الأرهابيين في المنطقة الغربية.. ثم تبين أنه لايستطيع المحافظة على مقر دائرة من دوائر وزارته والتي لاتبعد عنه عشرات الأمتار