بغداد/المدى نماذج كثيرة ومتكررة لآلاف من الأطفال المنسيين في السنوات الأخيرة وقد ترك هؤلاء دفء العائلة وحنوها، وامتهنوا مهن الرجال، يزاحمون الكبار في كل مكان في الورش أو في بيع البنزين أو المواد الغذائية عند مفترقات الطرق وعند التقاطعات المرورية وغيرها من الأماكن
التي لا تكاد تخلو من واحد أو أكثر منهم من يساعد أباه أو أخاه، وربما نجد منهم من يعيل أسرة كاملة، واللافت أن من يجمع بين هؤلاء الأطفال هو فقدانهم لعوائهم. لاتكاد التقاطعات المرورية تخلو من بعضهم، يلتصقون بالسيارات التي تقف عند الإشارات يعرضون عليها بضاعتهم، فعند احد التقاطعات المرورية في مدينة بغداد وقفت الطفلة (رنا) 11 سنة حاملة علب المناديل الورقية، وبعد أن اشترينا منها علبة سألناها عن سبب عملها في هذا السن بدلا من الدراسة؟ أجابت قائلة: أن أبي فقد ساقه إثناء الحرب الأخيرة واستشهدت والدتي وفقدت إحدى عيناي كما ترون ولم تستطع عائلتي توفير نفقات 4 أولاد كلهم في المدرسة، فضلا عن صعوبة المعيشة لذلك تركت المدرسة وبدأت أبيع المناديل الورقية لكي أساعد أبي الذي يبيع السكائر على قارعة الطريق. لم يكن (محمد) 13 سنة أفضل حالا من غيره حيث اضطر للعمل بورشة لتصليح السيارات في الحي الصناعي في منطقة الشيخ عمر، قال (محمد): استشهد آبي في الإحداث الأخيرة التي مرت بنا ولم يكن موظفا حكوميا لنحصل على راتب تقاعدي لذا اضطررت للعمل بورشة لتصليح السيارات لسد نفقات عائلتي وبسببه تركت المدرسة. وفي سوق من أسواق بغداد ألح علي الطفل (كرار) لاشتري منه كيسا من النايلون لأضع فيه مقتنياتي من المشتريات، وأمام إلحاح هذا الطفل الصغير وتوسلاته اشتريت منه واحدا من هذه الأكياس بالرغم من عدم حاجتي إليه. سالت الطفل (كرار) لماذا أنت في السوق وقت الدوام في المدرسة؟ فأجاب قائلا: لست مسجلا بالمدرسة لأنني اعمل وأعيل عائلتي،فسألته عن عمره فأجاب (8) سنوات، وأضاف: أن والدي توفي ولي أختان اصغر مني مع والدتي وأنا ألان مسؤول عنهم جميعا.
الــشــارع بــيــتــهـــم
نشر في: 16 نوفمبر, 2009: 04:04 م