اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > ناس وعدالة > جرائم الجيش البريطاني في العراق مابين محكمة الجزاء الدولية ودعاوى الضحايا

جرائم الجيش البريطاني في العراق مابين محكمة الجزاء الدولية ودعاوى الضحايا

نشر في: 2 فبراير, 2014: 09:01 م

بعد ثلاثة أشهر من شنّ البريطانيين والأمريكان حملتهم العسكرية على العراق مع ائتلاف من الدول الراغبة في المشاركة بغزو العراق لهدف تغيير نظام صدام حسين، وكان البريطانيون أهم حليف للولايات المتحدة في غزو العراق، روجوا إلى أنهم أعانوا الشعب العراقي على ال

بعد ثلاثة أشهر من شنّ البريطانيين والأمريكان حملتهم العسكرية على العراق مع ائتلاف من الدول الراغبة في المشاركة بغزو العراق لهدف تغيير نظام صدام حسين، وكان البريطانيون أهم حليف للولايات المتحدة في غزو العراق، روجوا إلى أنهم أعانوا الشعب العراقي على التخلص من صدام حسين، واستخدموا كلمة التحرير. وفي عام 2011 انسحب آخر عدد من الجنود البريطانيين من العراق، مخلّفين وراءهم بلدًا عربيًا غارقًا في المشكلات ومصابًا بمرض الخوف، هذه المرة لم يأت الخوف من نظام صدام حسين، وإنما من الممارسات السادية للجنود البريطانيين، التي تتحدّث عنها ملفات هي اليوم بحوزة محكمة الجزاء الدولية في لاهاي.

البريطانيون أيضًا قاموا بتعذيب المعتقلين العراقيين، ولم يكن ذلك تجاوزات استثنائية، وإنما تنفيذًا لستراتيجية، مثلما فعل الأمريكان في سجن أبو غريب، كما ارتبط اسم هذا السجن بسمعة الجيش الأمريكي، فإن البريطانيين مارسوا جرائم مماثلة في السجون التي أقاموها في القسم الجنوبي من العراق.
ففي البصرة أوقف الجنود البريطانيون بعد احتلال العراق في عام 2003 موظف استعلامات يعمل في أحد الفنادق يدعى بهاء موسى، وكان يبلغ حينها 26 عامًا من العمر، وتوفي بهاء بعد مرور يومين على اعتقاله في زنزانته في سجن أقامه البريطانيون في المدينة المذكورة. وبعد تشريح الجثة تبيّن أنه تعرّض إلى 93 إصابة في كامل جسده، من جروح وكسور في الضلوع، وفي النهاية كان سبب الوفاة: الموت خنقاً.
وأعرب الجيش البريطاني بعد انتشار خبر وفاة الشاب العراقي عن "بالغ أسفه" وأكد أنها حادثة فردية، لكن هذه كانت كذبة كبيرة. استنادًا إلى المركز الأوروبي لحقوق الإنسان والحقوق الدستورية في برلين وهي منظمة غير حكومية، ومكتب محاماة في مدينة برمنغهام البريطانية، هناك معلومات وافية عن قيام الجنود البريطانيين بجرائم ضد الإنسانية خلال وجودهم في العراق، وقدّم المركز الأوروبي لحقوق الإنسان والحقوق الدستورية ومكتب المحاماة في برمنغاهام، دعوى قضائية أمام محكمة الجزاء الدولية، وحمّل الطرفان المسؤولية بالكامل لممثلي المملكة المتحدة لارتكاب جرائم ضد الإنسانية في العراق وتعمّد تعذيب المعتقلين في العراق من عام 2003 إلى عام 2008.
يُشار إلى أن تعبير "ستراتيجية التعذيب" التي جرى العمل بها، توضّح أهمية الدعوى، لأن تختفي وراءها أسماء مسؤولين بريطانيين كبار كانوا على علم بهذه الستراتيجية، بل هم الذين وضعوها وعلى الأقل صادقوا عليها. وتدعم الدعوى أقوال 109 من المعتقلين العراقيين الذين تعرّضوا حينها للتعذيب والتنكيل في سجون الجيش البريطاني.
ويرى المراقبون أن الفضيحة سوف تؤثر سلبًا على سمعة الجيش البريطاني، لاسيما أنه في حال ثبوت الاتهامات، ستتعرّض بريطانيا إلى إحراج. ومما يُعزّز الدعوى هو مدى صدق أقوال الشهود، فهم تعرّضوا إلى التعذيب والتنكيل في سجون مختلفة في أنحاء المناطق التي كانت تحت سيطرة الجيش البريطاني، وذلك في أوقات متفاوتة، وتعرّضوا لنفس الممارسات، الأمر الذي يُشير إلى أنهم كانوا يعملون ضمن ستراتيجية وينفذون تعليمات محدّدة. وقد سبق أن عمل الجيش البريطاني بستراتيجية مماثلة في إيرلندا الشمالية خلال عقد السبعينات، عندما كان يعذب المعتقلين هناك المشتبه بانتمائهم إلى جماعة الجيش الجمهوري الإيرلندي الذي كان يُحارب النظام في لندن من أجل استقلال إيرلندا الشمالية عنه، وعندما افتضحت ممارسات الجيش البريطاني في إيرلندا الشمالية تعهّدت الحكومة البريطانية علنًا بوقف ممارسات تعذيب المعتقلين، لكن الجنود البريطانيين هناك لم يمتثلوا للأوامر.
ومن وجهة نظر عضو البرلمان البريطاني مايكل ميتشر الذي ينتمي لحزب العمّال، ليس هناك مجال للشك بأن تكون الأوامر بممارسة تعذيب المعتقلين قد صدرت من مراجع سياسية عليا في بريطانيا.
وكتب ميتشر في عام 2011 حين تحدّثت الصحف البريطانية عن المصير المروع لبهاء موسى: هذه ليست حادثة استثنائية. وباعتقاده، فإن المسؤولية تقع على عاتق مسؤولين في الجيش البريطاني في العراق وصولًا إلى وزارة الدفاع البريطانية في لندن.
وهذه ليست أول مرة يلجأ فيها المركز الأوروبي لحقوق الإنسان والحقوق الدستورية إلى محكمة الجزاء الدولية بهذا الشأن، فقبل ثمانية أعوام تقدما بدعوى مدعمة بأقوال شهود حول جرائم تعذيب وقتل وقعت داخل معسكرات الجيش البريطاني في العراق. ورفضت المحكمة الدولية في ذلك الوقت النظر بالدعوى، وزعمت أنها لا تستند إلى الصحة، وأنه إذا حصلت حالات من الوفاة، فإنها ربما نتيجة حوادث. والمهم أن المحكمة المذكورة تذرّعت بعدم وجود أدلة دامغة للنظر بالدعوى، لكنها أشارت إلى أن موقفها قد يتغيّر إذا جرت تحقيقات بشكل أكثر دقة. وقد بذل المسؤولون في المركز الأوروبي لحقوق الإنسان والحقوق الدستورية جهودًا جبّارة من أجل تحقيق ما طلبته منهم محكمة الجزاء الدولية قبل ثمانية أعوام . ويقع محضر جرائم الجيش البريطاني في العراق خلال الفترة من 2003- 2008 في 250 صفحة، وهو مزود بوثائق وترجمة بعدة لغات أوروبية لأقوال عراقيين تعرّضوا للتنكيل والتعذيب في معسكرات الجيش البريطاني في العراق. وقد وصفت صحيفة "زود دويتشه" الألمانية ما ورد في أقوال الشهود العراقيين، بأنها مروعة. وجميعهم قال: إنه تعرّض إلى الركل بأقدام الجنود البريطانيين وإلى اللكم وفي الغالب حتى أصابتهم الغيبوبة، بالإضافة إلى تغطية وجوههم بأكياس لعدة أيام، وكان الجنود البريطانيون أيضًا يجبرونهم على عدم الاستسلام للنوم، وكثيرون حاولوا الانتحار نتيجة اليأس الذي انتابهم .
وتجدر الإشارة إلى أن قرابة 50 ألف جندي بريطاني كانوا متمركزين في العراق، ومنهم من أجبر على الخدمة في معسكرات اعتقال كانت تغص بالمعتقلين، وقال جندي بريطاني خدم في البصرة عند سؤاله من قبل قاض في لندن: إن الجميع كان يعرف أن المعتقلين يتعرّضون إلى التعذيب، وكانت أصوات المعتقلين تصل إلى خارج الأقبية، كما أوضح أنه قام مرارًا مع رفاقه باصطحاب معتقلين عراقيين إلى زنزانات التعذيب وكانوا يُطلقون على قبو التعذيب اسم "بيت الآلام".
وقد قام مانفرد نوفاك المقرّر السابق لهيئة الأمم المتحدة لقضايا التعذيب، بتدعيم المحضر بوثائق حول جرائم التعذيب التي مارسها البريطانيون بحق المعتقلين العراقيين في العراق، وأدلى برأيه بما اطلع عليه وقال للصحيفة الألمانية: لا شك أن الجرائم التي ارتكبها الجنود البريطانيون ضد المعتقلين العراقيين، كانت تنفيذًا لأوامر من مراجع عسكرية وسياسية عليا، واستخدام الضرب والإهانات لإجبارهم على تنفيذ أهداف محدّدة، خاصة لاستخدام أقوالهم تحت التعذيب لإدانتهم أو الإدلاء بمعلومات، كما كان الجنود البريطانيون يرفّهون عن أنفسهم من خلال تعذيب المعتقلين العراقيين.
وقالت صحيفة "زود دويتشه": إنه إذا ما قبلت محكمة الجزاء الدولية الدعوى فإن ردود الفعل لن تطيح فقط برؤوس بعض الضباط والجنود البريطانيين، وإنما ستطول بعض المسؤولين العسكريين والسياسيين، وعلى رأسهم رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، الذي تحوّل في تلك الفترة من سياسيّ يرفع شعارات الديمقراطية والحرية، إلى سفّاح .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. سلام كاظم بدن

    سلام عليكم انا صاحب مؤسسة اين ميمون للبحث عن المتضررين من جراء الاحتلال البريطاني حيث تم جمع اكثر من الف قضية اعتداءغير مببر ووحشية التعامل والعنف الدموي الذي استخدمه الجيش البريطاني ضد عراقيين ابرياء

  2. سلام المالكي

    من اغرب جرائم الاحتلال اختطاف الطفل ميمون المالكي واختفاء اثره او حتى معلومة عنه من قبل الجيش البريطاني من البصرة وصمت حكومي مطبق رغم تناول وسائل الاعلام لانها قضية راي عام دولي اصبحت لذا نرجو تفاعل المدى مع الامر وتحياتي

يحدث الآن

القبض على عشرات المتسولين والمخالفين لشروط الإقامة في بغداد

لهذا السبب.. بايدن غاضب من صديقه اوباما 

في أي مركز سيلعب مبابي في ريال مدريد؟ أنشيلوتي يجيب

وزارة التربية: غداً إعلان نتائج السادس الإعدادي

التعليم تعلن فتح استمارة نقل الطلبة الوافدين

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

جانٍ .. وضحية: مدفع السحور.. جاء متأخراً !!

جانٍ .. وضحية: مدفع السحور.. جاء متأخراً !!

كانت ليلة من ليالي رمضان، تناول الزوج (س) فطوره على عجل وارتدى ملابسه وودّع زوجته، كان الأمر عادياً، لكن لسبب تجهّله، دمعت عينا الزوجة. ابتسم في وجهها وهَمَّ بالخروج الى عمله بمحطة الوقود الخاصة...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram