صبيح الحافظ أصدر مركز البحوث والدراسات التربوية في وزارة التربية العدد الثاني لمجلته الفصلية (دراسات تربوية) قام عدد من الأساتذة والأكاديميين المتخصصين ، وقد تضمنت بتحريرها تسعة بحوث متنوعة ، المضامين تصب جميعها في عملية التربية والتعليم.
ومن اللافت للأمر أن هنالك بحثاً جديراً بالعرض والتحليل لما له من أهمية بالغة وهو يتناول أهم مشكلة يعانيها المجتمع العراقي منذ زمن طويل إلا وهي مشكلة تسرب التلاميذ في المرحلة الابتدائية إذ أن هذه المرحلة تعتبر القاعدة الأساس التي يعتمد عليها سلم التعليم في المرحلة اللاحقة ، بالإضافة إلى أن هدف التعليم الابتدائي والأساسي ليس القضاء على الأمية والإعداد لمرحلة التعليم الثانوي فحسب ، بل تهدف المدرسة الابتدائية إلى تمكين النشء من المساهمة في الحياة الاجتماعية التي يسودها النظام والوئام. ان تقدم الشعوب والمجتمعات أساسه المعرفة وتعلم الأشياء من خلال الوعي التربوي والمعرفي لمختلف جوانب الحياة ، لذلك يجب بقاء التلميذ واستمراره في الدراسة إلى نهاية المرحلة الابتدائية يعد أمرا ضرورياً لاكتسابه معلومات ومهارات هي الحد الأدنى لمواجهة الحياة والأساس التي تعتمد عليه بقية المراحل الدراسية التالية ، وبعكسه فإن التسرب يترك آثارا سلبية عديدة على التلميذ ذاته وعلى المجتمع في جميع أحواله الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ، وان بقاء المشكلة وعدم معالجتها يعني فقدان – الموارد البشرية المتعلمة والمؤهلة لبناء وتنمية المجتمع ، ومن جانب آخر هو عدم انتفاع التلميذ بالخبرات والمعارف والسلوك الحسن والتي تقدمها المدرسة ، كما تؤثر سلباً على نضج شخصيته وقدراته ، بالإضافة إلى جنوحه إلى الانحراف والسرقة في بعض الأحيان. ومن آثار المشكلة أيضاً نشوء الدوافع والحوافز على السلوك السيئ الذي يكسبه من خلال احتكاكه واختلاطه مع رفقائه المتشردين في محيطه وبيئته الاجتماعية ، ففي هذه الحالة يكون من السهل على المتسرب ان يرتكب الأفعال المنافية للأعراف والأخلاق الحميدة إضافة الى تعلمه لغة الشارع بمفرداتها البذيئة. إذن فالمدرسة هي المؤسسة الراعية لتنمية وتأهيل الفرد منذ نشأته الأولى ، وفي سبيل القضاء على هذه الآفة المدمرة للمجتمع اهتم المسؤولون من المربين والتربويين ، وبهدف إيجاد السبل والحلول الناجحة للقضاء على هذه المشكلة التي يعانيها المجتمع العراقي أجريت دراسات عديدة لتحديد اسباب المشكلة وقد توصل معظم الباحثين من تلك الدراسات المستفيضة الى نتيجة على شكل ثلاثة اسئلة هي أكثر تحديداً ووضوحاً ودقة وعليه فإن المشكلة تتلخص بالأسئلة التالية (نقلاً عن مجلة دراسات تربوية ص200). ما هي الأسباب التي تدفع التلاميذ إلى ترك المدرسة قبل إتمام المرحلة الابتدائية وعدم الالتحاق بها أساسا؟ ماهي المشكلات الأكثر تأثيراً والتي أدت الى تسرب التلاميذ من الدراسة هل هي المشكلات التعليمية – الأسرية – الاقتصادية ام المشكلات الأمنية وذلك لإعطائها الأولوية عند المعالجة وتقديم الحلول. ماهي المعالجات الضرورية التي يمكن تقديمها للتلاميذ المتسربين لإعادتهم الى مقاعد الدراسة. أسباب التسرب ، كما جاءت في واحدة من الدراسات المذكورة في المجلة وكما يلي:- أسباب أسرية- من خلال تخلي الآباء عن التزاماتهم ومسؤولياتهم تجاه ابنائهم بسبب الطلاق وتفكك العائلة ، او القسوة في التعامل مع الابناء او ضعف الوعي الابوي بأهمية تعليم الابناء. أسباب اقتصادية- وذلك حاجة الاسرة الى زيادة دخلها الحالي الذي يؤدي الى انخراط الاطفال في سن مبكرة في العمل وترك المدرسة لضعف إمكانية الأسرة لتحمل النفقات بسبب الدخل المنخفض وقلة الموارد المالية. الاسباب التربوية – سوء معاملة بعض المعلمين للتلاميذ واتباع اسلوب العقاب البدني وسوء التفاهم مع اولياء امور التلاميذ. الاسباب النفسية – يعاني الكثير من التلاميذ مشاكل نفسية تؤدي الى تسربهم من الدراسة مع عدم تأقلم التلميذ مع الاجواء الجديدة للمدرسة وعوامل نفسية اخرى منها ضعف التركيز والذاكرة وصعوبة الحفظ وسهولة التشتت والشرود والنسيان. صعوبة مفردات المنهج او افتقارها الى التشويق وبعدها عن بيئة التلميذ. استهداف الإرهابيين للمدارس وقتل المعلمين وهجرة العائلات ما دفع الكثير منهم لعدم إرسال أبنائهم الى المدارس بسبب هذه التهديدات. أما أسباب تسرب الإناث – هو ضعف وعي أولياء الأمور بأهمية إكمال بناتهم للمرحلة الابتدائية. حاجة الاسرة الى عمل البنت في البيت. شيوع بعض القيم والتقاليد الجامدة التي تمنع البنت من الذهاب الى المدرسة في سن معينة. عدم تقبل اختلاط الجنسين من بعض الآباء. ضعف العلاقة بين المدرسة والمجتمع ، وقلة اهتمام المعلمات بمشكلات البنات. وقد جرت عمليات استبيان لأخذ آراء عدد من المشرفين التربويين ومدرسي المدارس الابتدائية ومن أولياء أمور التلاميذ ، وقد جاءت أسباب أخرى وكما يأتي: ضعف استيعاب التلاميذ لبعض المواد الدراسية. الرسوب المتكرر للتلميذ. قلة الساعات الاضافية لمساعدة التلاميذ الضعاف. ضعف التزام بعض المعلمين والمعلمات بالدوام. كره التلميذ لبعض
تسرّب التلاميذ من المدارس الابتدائية له أسبابه
نشر في: 16 نوفمبر, 2009: 04:12 م