العاملون على خط بغداد الرمادي وبقية مدن محافظة الأنبار في مرآب الكرخ بمنطقة علاوي الحلة ، من سائقي سيارات النقل الخاص ، يترقبون انتهاء العمليات العسكرية بفارغ الصبر ، وعودة الأوضاع الى طبيعتها السابقة ، ليمارسوا عملهم بشكل اعتيادي ، لكنهم اليوم يشعرون بالخوف والقلق، وتنتابهم الهواجس من احتمال التعرض للاختطاف والسلب ، فضلا عن اضطرارهم الى عبور مئات السيطرات والخضوع لتفتيش دقيق، للتحقق من الأوراق الثبوتية للركاب مع سيل من الأسئلة للتعرف على سبب التوجه الى الأنبار في وقت تشهد فيه معارك واشتباكات مسلحة ، اذ أصبحت الفلوجة مدينة طاردة للسكان .
سائقو سيارات الكيا والفارة ، والخصوصي المعروف باسم "أوباما " العاملة على الخط ، يقضي الواحد منهم نهارا كاملا للحصول على العدد الكافي من" العبرية " ثم التوجه الى الأنبار على بركة الله ، وتمنيات بالوصول بسلام وترقب مصحوب بحذر من مفاجآت الطريق ، والأحداث المحتملة ، بعض سائقي السيارات لم يحالفه الحظ ، فيضطر الى المبيت لدى أقاربه ومعارفه في بغداد ، على امل الحصول على "التقبيطة" في اليوم الثاني ، أما الصنف الآخر فتجاوز التعليمات والضوابط، وعمل على خط اخر يتجه الى صلاح الدين او سامراء او مدن محافظة نينوى ، وليس بين السائقين من فكر بالعمل على خطوط بابل و كربلاء والنجف ،والديوانية ، لان هذا "التحول الخطير " من وجهة نظرهم قد يعرضهم الى عواقب وخيمة ، ولاسيما ان أحداث الأنبار فسرها أعضاء في مجلس النواب الموقر بانها تعبر بشكل خفي عن مخطط إقليمي يستهدف إثارة الصراع المذهبي للإطاحة بالنظام السياسي ، توفرت له البيئة الملائمة في خيم المعتصمين.
"ستار أوباما" صاحب سيارة بهذا الاسم المتداول بين مالكي المركبات ، ربما يكون هو الأكثر تعرضا للأضرار من بين زملائه ، فهو يسكن بحي النزال بمدينة الفلوجة ، ومنزله تعرض للقصف العشوائي ، فاضطر الى ترحيل أسرته الى قضاء هيت ، لتسكن في هيكل منزل على قيد الإنشاء، وبجهود الخيرين من الأهالي استطاع ان يوفر للأسرة ملاذا امنا مؤقتا ، متفرغا لعمله ولكنه اصطدم بالكساد وقلة "العبرية " فقرر البحث عن خط بديل ، ليغطي نفقات اسرته النازحة.
امضى "ستار أوباما" أسبوعا يعمل على الخط الجديد بغداد كربلاء ، بعد حصوله على موافقة دائرة الإشراف على النقل الخاص، ودفع الرسوم والمقسوم لمسؤولي الدائرة ، وحرصا منه على توفير رحلة سعيدة لركاب سيارته ، وفر لهم تسجيلات الأدعية الدينية ، طلبا للأجر والثواب ، والتخلص من السؤال :" منين العمام " لمعرفة الانتماء المذهبي ،لأسبوع واحد فقط سارت الأمور بشكل طبيعي مع ستار ، متجاهلا تحذيرات زملائه من خوض مغامرة تغيير الخط ، وفي احد الأيام طلب منه مسؤول بطاقة السكن ، وكتاب موافقة تغيير خطه من بغداد الرمادي الى كربلاء ، فاعترض السائق ستار على منعه من حقه الدستوري بالعمل في اي مكان ، فأثار قوله غضب المسؤول ، وحصلت مشاجرة بين الطرفين ، وصلت الى تهديد السائق بالاعتقال، بتهمة التجاوز على القانون والاعتداء على مسؤول أثناء واجبه الرسمي ، عاد ستار الى خطه القديم لينضم الى بقية زملائه بانتظار "العبرية" المتوجهين الى مدن الأنبار ،مع إدراكه الأكيد ان المشكلة معقدة ، وتحتاج الى معركة يخوضها مع زملائه بعنوان "قادسية أوباما".
قادسية أوباما
[post-views]
نشر في: 2 فبراير, 2014: 09:01 م