مارسيل بروست يعني العديد من الأمور، ابرزها كونه روائياً مهتما بغرابة الطبيعة البشرية وسلوكياتها.فهناك أناس لا يملّون من بروست، وتمر اليوم الذكرى المئوية على إصدار الجزء الأول من مجلّده (ذكرى أشياء مضت) والذي يحمل عنوان "طريق سوان" وهي الرواية التي ست
مارسيل بروست يعني العديد من الأمور، ابرزها كونه روائياً مهتما بغرابة الطبيعة البشرية وسلوكياتها.
فهناك أناس لا يملّون من بروست، وتمر اليوم الذكرى المئوية على إصدار الجزء الأول من مجلّده (ذكرى أشياء مضت) والذي يحمل عنوان "طريق سوان" وهي الرواية التي ستبقى غير مقروءة من الكثيرين.
وفي الحقيقة، وجد بروست صعوبة في طبعها، وبعد إرساله مخطوطتها الى دار النشر أعيدت اليه، من غير ان يتم فتح رزمتها، ويبدو ان آندريه جيد، المسؤول في دار النشر، اعتقد ان اشتراكياً صغيراً مثل بروست، لا يجيد كتابة رواية ممتعة، وفي النهاية، انفق بروست من ماله الخاص لطبعها، وسرعان ما أصبحت الرواية الأفضل وعلى الرغم من ذلك، فانها رواية لا يقدر الكثيرون على التواصل معها، فهي ليست بالرواية التي تقرأ بتأني، او لمرة واحدة، لانها تحتاج الى قراءات عدة.
ويعلم المعجبون ببروست، أو ان عليهم ان يعرفوا هذه الحقيقة، ففي الكتاب تفاصيل عدة يتحدث عنها الروائي بدقة، كما ان بعض الجمل تبدو مبهمة، وفيها تأملات ذاتية مطولة، ومقاطع طويلة من التحليلات، انما رواية رقيقة بدون اي شك، ولكننا نتذكر ملاحظة روبرت لويز ستيفينسون لا أحد يتحدث عن الجمال او مشهد الجمال لخمسة دقائق، فلماذا الكتابة عن مثل تلك المشاهد بإطالة؟ ونتذكر ايضا ان ألن دي بوتون، اعلن مرة ان افضل ما في أعمال بروست هو الوصف ومقاطع من التحليلات النفسية، وهذا الأمر يعني ان أناس مختلفون يكتشفون أموراً مختلفة تحمل كل منها نوعاً من الثراء الأدبي. أما إيفلين وو، الكاتب الإنكليزي، فقد وجد بروست مثيراً للضجر، "لم يقل لي احد ما انه كان شخصاً قد هرب من مصح عقلي، انه لا يهتم ولا يحس بالوقت".
وبروست كانت يعني الكثير من الأمور وأهمها كونه روائياً مسلّياً، واعياً الطبيعة البشرية وسلوكياتها، والخداع الذي نمارسه لإخفاء بعض الأمور الحقيقية في الحياة، وهذه المظاهر المخادعة تجدها ايضاً في روايات سكوت، وستيندال، أوستن، ديكينز وديستويفسكي، وكل واحد منهم تحدث عن كوميديا النفاق في الطبيعة الإنسانية.
وبروست في شبابه، بدأ بكتابة مقالات عن معاصريه بأسلوب ساخر، وكان بروست ناقداً ومترجماً، وقد عاش في فرنسا ما بين 1871-1922، وكتاباته تستعرض تأثير الماضي بالحاضر.
وكان بروست من عائلة غنية، درس القانون والأدب وارتباطاته الاجتماعية جعلته يخالط النبلاء، وعانى بروست مرض الربو منذ طفولته، وابتعد عن المجتمع في عام 1897، بعدما ازدادت حالته سوءً، كما أثرت عليه وفاة والدته في عام 1905.
ومن أهم أعماله "البحث عن الزمن المفقود"، وهي رواية بدأ بكتابتها عام 1909، وهي تتألف من 4300 صفحة.
وقد أطلق غراهام غرين (الروائي البريطاني) على بروست لقب "الروائي الأعظم في القرن العشرين". توفي بروست قبل ان يستكمل مشاريعه والمجلدات الثلاثة الأخيرة، نشرت بعد وفاته وحررها شقيقه روبرت.
عن الاوبزرفر