تُدشن اليوم أعمال الدورة الـ64 لمهرجان برلين السينمائي الدولي، بمشاركة عراقية عن الشهيد كامل شياع، إلى جانب مشاركات عربية أبرزها فيلم المخرج الجزائري الأصل الفرنسي الجنسية رشيد بوشارب "رجلان في المدينة" الذي يتنافس ضمن المسابقة الرسمية، التي أدرجت في
تُدشن اليوم أعمال الدورة الـ64 لمهرجان برلين السينمائي الدولي، بمشاركة عراقية عن الشهيد كامل شياع، إلى جانب مشاركات عربية أبرزها فيلم المخرج الجزائري الأصل الفرنسي الجنسية رشيد بوشارب "رجلان في المدينة" الذي يتنافس ضمن المسابقة الرسمية، التي أدرجت فيها أسماء مهمة في عالم السينما ، منها الفرنسي المخضرم آلان رينيه الذي يشارك بفيلم "حياة ريلي" وفيها أيضاً البيروفية صاحبة "حليب الأسى" كلاوديا لوسا وفيلمها الجديد "مرتفع" ،والألماني أدوارد بيرغير المشارك ب"جاك". عشرون فيلماً اختيرت للتنافس على جوائز المسابقة الرسمية والكثير غيرها وزعت على مسابقات المهرجان الأخرى كالأفلام القصيرة التي من بينها فيلم الزميل الناقد السينمائي العراقي فيصل عبد الله "23 أغسطس 2008" الذي يحكي قصة أخيه الشهيد كامل شياع خلال سنوات إقامته في أوروبا، وعودته إلى وطنه وأمله في إحداث تغيير فيه. الفيلم وصف، وحسب التقديم الموجز في الكاتالوغ الخاص بالمهرجان، بأنه "بورتريه مقنع قدمه فيصل لأخيه تضمن لمحة لتاريخ الفكر اليساري في العراق". وضمن المشاركة العراقية يحضر المخرج الشاب هاشم العيفاري إلى المهرجان ضمن "مواهب برلين 2014 " حيث تم اختياره من بين 4100 طلب تم تقديمها من 137 دولة. فيما سيتنافس فيلم الفلسطيني مهدي فليفل "زينوس" مع "أم أميرة" لناجي إسماعيل و"ابتسم يبتسم لك العالم" للثلاثي فاميلي الحداد وبوف جروس وإيهاب طرابي. أما في قسم "الفوروم الممتد" فستعرض فيه ثلاثة أفلام لبنانية "موندال 2010" لروي ديب و"نصف خطوة" لجو نعيمي و"مشروع الشيخ إمام" للمخرج غيث الأمين. من السعودية هناك "أوراق الشجر تتساقط في كل الفصول" إخراج أحمد مطر، ومن مصر فيلم فيولا شفيق "أريج .. عطر الثورة" و"الميدان" لجيهان نجيم المرشح لجوائز أوسكار هذا العام ،وفيه ترصد مراحل تطور ثورة يناير المصرية خلال أكثر من عامين قضتها بالقرب من ساحة الحدث "ميدان التحرير". جاء تميز "الميدان" لكون صاحبته قد أنجزته بشروط السينما الأمريكية التي تعرفها جيداً وسبق أن أنجزت في إطارها عام 2004 فيلم "غرفة التحكم" الذي يتناول دور المؤسسات الإعلامية الأمريكية أثناء احتلال العراق .
الخاص في عمل جيهان أنها تعرف مصر جيداً، تعرف ساحة التحرير وتُقيم بالقرب منها لهذا كانت متابعتها لها لصيقة بالمكان وبالتطورات التي شهدها منذ 25 يناير، ووفقها شكلت فريق عملها واختارت شخصياتها المركزية من الحدث نفسه، بفارق حرصها على أن تعبر تلك النماذج بصدق عن النسيج والتركيبة الاجتماعية المصرية كلها، فأحمد الشاب المتحمس للثورة من أبناء الطبقة الكادحة السائدة ، ومجدي عاشور من الإخوان ،وخالد عبد الله الذي ترك إقامته في الخارج وجاء ليبقى في مصر ويساهم في تغييرها أقرب إلى اليسار. ثلاث شخصيات كانت بحاجة إلى رابط يشدها إلى بعضها فكان لمطرب الثورة رامي عصام هذا الدور، مثلما كان لساحة التحرير المساحة الأكبر كمكان شهد الحراك منذ بدايته عام 2011 حتى أواسط عام 2013 حين استجاب وزير الدفاع السيسي لنداء ملايين المصريين وقام بإزاحة الرئيس السابق محمد مرسي. اقترابها من شخصياتها الرئيسية، سيسمح لها برسم بورتريتات واضحة الملامح لهم، ويقدم صورة جلية عن خلفياتهم وكيف ستؤثر لاحقاً الأحداث على مواقفهم الفكرية والسياسية ومن خلالها ستتمكن من رسم صورة للبلاد وما جرى فيها بأدوات سينمائية لا بحوارات مباشرة وكليشهات ما أعطي لكل واحد منهم فرصة وصف حالته ومواقفه بحرية وفق المتغيرات التي سجلها الوثائقي خلال أكثر من سنتين كانت كاميرتها أداة التسجيل الوحيدة لتفاصيل المشهد السياسي المصري، ما سمح لمُشاهد الفيلم بالمضي مع السرد البصري الخالص بسلاسة خلال ما يقارب ساعتين من الزمن.
يركز "الميدان" على موقفي الجيش والإخوان من ناحية وحركة الشارع المصري بكل أطيافه في ناحية ثانية، ووفقها سيتطور الوثائقي ويسير في الميدان كشاهد على ما يجري فيه. فالمرحلة الأولى التي اتسمت باصطفاف عام ضد السلطة، شهد تمزقاً أحدثه انحياز الإخوان إلى الجيش، فيما يشبه الخيانة للحلف الشعبي، شعر به المنتمون إلى صفوفه وكانت ردود فعلهم متباينة حوله، فيما كانت شديدة وغاضبة من المحتجين الآخرين وبينهم أحمد وخالد. فالاثنان شعرا بأن تحالفاً سرياً يجري تمتينه بين الإخوان وبين قادة الجيش يضمن وصولهم إلى السلطة ويبعد عامة الناس عنها وهذا ما حدث بالفعل بعد حين، وحذر منه أبناء مصر ووقفوا ضده منذ البداية وجيهان بفطنتها السينمائية تمسك هذا الخيط ولا تتركه يفلت لأنه هو من سيوصلها إلى الحقيقة التي يجري الصراع حولها اليوم حول الموقف من الإخوان ولماذا تدخل السيسي لحسم الأمر. أفضل ما في "الميدان" أنه ظل مفتوحاً على تحولات محتملة لأنه لم يذهب إلى الحدث ويظل أسيره، بل أراد النظر إليه عبر أشخاص، يمثلون شرائح المجتمع المصري، ينتمون لوطنهم أكثر ما ينتمون إلى غيره من الجهات السياسية أو الفكرية!
غير المشاركة العربية هناك الكثير والكثير ما ستعرضه دورة برلين الـ64 التي ستفتتح بفيلم المخرج وويس أندرسون "فندق بودابست الكبير" وستستمر من السادس حتى السادس عشر من هذا الشهر.