ليس غير أبناء اليمن وجيرانهم السعوديين، وربما حلفاء بعضهم في إيران، من يهتم بالحرب الدائرة في بلاد القات، بين أنصار الله الحوثيين، وبين آل الأحمر كما يبدو في الظاهر، وبين قوى إقليمية تفتش عن موطئ قدم لها في يمن ما بعد عبد الله صالح، المرشح للانقسام مجدداً ما بين شمال وجنوب، أو أكثر من ذلك، وإذا كانت السمة البارزة للصراع هي الطائفية، حيث الزيديون الشيعة يقاتلون آل الأحمر السنة، فإن واقع الأمر يتجاوز إلى مآلات أكثر خطورة، يغمض الكثيرون أعينهم عن مخاطرها، فالواضح أن أنصار الله الحوثيين، وهم يدقون أبواب صنعاء، يسعون إما لإقامة دولتهم، مستغلين مشاعر الجنوبيين المحبطة من تجربة الوحدة، أو بسط نفوذهم على أجزاء من جغرافيا البلاد، في تحد للنفوذ السعودي، بقصد الحد من قوته، وتعزيزاً لدور حلفائهم الإيرانيين في المنطقة، كتعويض عن خسارتهم المحتملة في سوريا ولبنان، إن سقط نظام الأسد.
بدأت حركة الحوثييين قبل حوالي ربع قرن، بإنشاء ناد في منطقة نائية من محافظة صعده، بهدف حفظ القيم والأخلاق، لكنها لبست وجهاً طائفياً، حين ظن حسين ابن مؤسسها أنه الممهد لظهور المهدي المنتظر، فسافر إلى إيران، حيث تشرب قيم ومبادئ الإثنى عشرية الجعفرية، وعاد ليحول النادي الاجتماعي إلى تنظيم عسكري سياسي، لفت نظر الرئيس السابق، فقرر لعب ورقته لمواجهة تنظيم الإخوان المسلمين، فقدم له دعماً غير محدود، وكان لشخصية حسين الجاذبة، كخطيب مؤثر وكريم اليد بسخاء، تأثيرها في جذب العاطلين والمحتاجين، لينفق عليهم الأموال التي يتلقاها من إيران وشيعة الخليج، وأموال الزكاة التي يجبيها ولو بالقوة، وكانت جغرافيا المنطقة الجبلية حليفه، خصوصاُ أنها معقل للمذهب الزيدي، ما منح حسين الفرصة للسيطرة عليها، وبسط نفوذه على منطقة حافظت على خصوصيتها الوظيفية، بتصدير السلاح والسلفيين وفقهاء المذهب الزيدي.
سقط حسين قتيلاً في أول مواجهة عسكرية مع الدولة، التي اكتفت باحتلال المنطقة، دون أن تقدم أي خدمات تجذب المواطنين إلى صفها، ما أسفر عن ست حروب طاحنة، شارك السعوديون في آخرها، بعد اقتحام الحوثيين مناطق في السعودية، وكان واضحاً أن هذه الجماعة تُعظّم قوتها العسكرية، بما تغنمه من مخازن الدولة وغنائم الحروب، التي سعى علي عبد الله صالح لزج اللواء علي محسن الأحمر في أتونها، لإضعافه وإجباره على قبول فكرة التوريث التي يرفضها، وكانت الثورة اليمنية وانشقاق محسن فرصة فتح فيها صالح مخازن سلاحه للحوثيين، ليمتلكوا عدداً من الدبابات والصواريخ النوعية الحديثة.
يلفت المراقبون أن الحوثيين خاضوا حروبهم تحت شعار الموت لأميركا، لكنهم لم يستهدفوا أية مصلحة أو منشأة أميركية، ورفضت واشنطن إدراج الحركة الحوثية في قائمة الإرهابيين، ولم تقتل يوماً قيادياً منهم، فهل يعني ذلك أنهم يحظون بعطف واشنطن، ما يعني سؤالاً تابعاً عن الموقف السعودي المناوئ لهم، والإيراني الداعم لنشاطهم، غير أن من المهم اليوم، ملاحظة أن حربهم الأخيرة تندلع فيما يتواصل حوار وطني لبحث مستقبل البلاد، فهل يسعون إلى حسم السيطرة على مناطق محددة، استباقاً لتقسيم البلاد إلى أقاليم، ضمن نظام اتحادي جديد تم الاتفاق على إقامته بموجب الحوار الوطني، أم يتحركون بالنيابة لتعزيز النفوذ الإيراني في المنطقة، وأين تكمن المصلحة الأميركية إن هم احتلوا صنعاء، بعد استكمال سيطرتهم على معاقل آل الأحمر، في حين تحتشد القبائل مجدداً في محاولة لخوض معركة مصيرية، قد تكون مقدمة لحرب لانهاية لها؟
سؤال يفتقر للبراءة، هل هي الفوضى الخلاقة؟
أنصار الله الحوثيون
[post-views]
نشر في: 7 فبراير, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 1
نبيل
السعودية دولة ضعيفة وتريد ان تظهر بمظهر دولة قوية هذا اخذت هذا الانطباع بعد التأمر على العراق مع اسرائيل وامريكا و اوهمت نفسها كذالك ودخلت نفسها بمعارك خسرتها كلها اعتقد بعد التامر على العراق ان القوة الامريكية في خدمتها بالمنطقة