ما كنّا ننتظر أن تقول وزارة العدل أو وزارة شؤون المرأة ان ما ورد في التقرير صحيح، وانهما تأسفان لحدوث ذلك وستتخذان الاجراءات المناسبة لمعالجة الأمر وضمان عدم تكراره في المستقبل، أو في الأقل ان الوزارتين أو أياً منهما ستحققان في الأمر لإجلاء الحقيقة.
عن آخر تقرير لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" (مراقبة حقوق الانسان) أكتب الآن، وهو تقرير يتهم السلطات العراقية باعتقال الآلاف من النساء بصورة غير قانونية ومعاملتهن معاملة غير انسانية تصل في بعض الحالات الى حد الاغتصاب.
تراوح ما قالته الوزارتان، رداً على التقرير، بين ان "المعلومات الواردة فيه غير دقيقة"، وانه "احتوى على مغالطات عديدة". ومن غير المستبعد ان تردّ الحكومة على لسان أحد الناطقين باسمها ووزراء دعايتها بالقول ان المنظمة المحترمة ( من جانبي وليس من جانب الحكومة) تتلقى معلوماتها من جهات مُغرضة، بالضبط كما كان يقول نظام صدام ووزراء دعايته رداً على تقارير هذه المنظمة ومنظمة العفو الدولية ولجنة حقوق الانسان التابعة للامم المتحدة، فذلك النظام كان على الدوام ينفي نفيا مطلقاً انه ينتهك حقوق الانسان مع ان الجميع، ونحن معارضوه الذين كنّا في الخارج وبيننا من هم الآن يتولون الحكومة والوزارات بما فيها وزارة الدعاية (أقصد المستشارية الاعلامية لرئيس الحكومة)، كانوا يعرفون ان تقارير "هيومن رايتس ووتش" و" إمنستي انترناشنال" وسواهما كانت صادقة تماماً، بل كنا أحياناً نشعر ان هناك وقائع وحقائق أكثر وأقوى مما تتضمنه تقارير هذه المنظمات التي عادة ما تدقق كثيراً في ما يردها من هذه المعلومات قبل اجازة نشرها.
حتى لو لم يصدر تقرير "هيومن رايتس ووتش" الأخير، فان عدداً غير قليل من العراقيين يعرفون ان الاعتقال بصورة غير قانونية هو من الممارسات المتواصلة في بلادنا حتى اليوم منذ عهدالنظام السابق، وان التعذيب الجسدي والنفسي قائم في المعتقلات، وان الضحايا هم من النساء والرجال سواء بسواء، وان بعض النساء المعتقلات يتعرضن للتحرش الجنسي وحتى الاغتصاب، وان مثل هذا يحدث لمعتقلين رجال أيضاً. هذه المعلومات متداولة في البيوت وفي المقاهي وفي أوساطنا نحن الاعلاميين، ولا دخان من دون نار. ولن يقلل من أهمية هذه المعلومات عدم وجود أدلة مادية تثبتها على نحو باتّ وقطعي، فنظام صدام حسين لم يكن يُعطي أدلة على وحشيته.
أنفع لوزارة العدل ولوزارة شؤون المرأة، وللحكومة عامة، ولنا جميعاً أن تتأنى في الردّ على تقارير المنظمات الحقوقية الدولية، لتحقق أولاً على نحو نزيه وشفاف، قبل أن تردّ على التقارير بوقائع محددة تثبت انها احتوت على "معلومات غير دقيقة" أو على "مغالطات عديدة" إذا كانت هي كذلك بالفعل. أما النفي والإنكار والمغالطة فمثلها عرفنا الكثير في عهد نظام صدام.
مغالطات .. ممن؟
[post-views]
نشر في: 7 فبراير, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 1
ابو سجاد
ماذا تتوقع استاذ عدنان ان العقلية العربية واحدة سوى غند رئيس النظام السابق او في عهد مختار العصر فهي لاتختلف وستبقى هكذا كون العربي لايحسن التطور ان كان في السلطة او خارجها هناك رجاء نطلب من حضراتكم في جريدة المدى عندما تتناولون موضوع نرجوا منكم متابعته و