بغداد/ وداد الجورانيعندما يؤلمك احد أسنانك ويضطرك إلى مراجعة طبيب الأسنان فسيقال لك وهل هناك من دعا عليك لتزور طبيب أسنان ؟ . إن موضوع الأسنان أصبح نقمةً تحل بصاحبها عندنا في العراق , وما يدفعنا لهذا الحديث هو الأسعار الإجرامية التي طلع بها علينا أطباء الأسنان في السنوات الأخيرة وخاصة بعد التغييرات الجذرية التي جرت على العراق , ذاك إن قطاع الصحة أصبح من أكثر المؤسسات التي أصابها الإهمال واستفحل فيها الفساد وفقدت فيها الرقابة المركزية وهذا ما حصل وألقى بظلاله على أحوال المواطنين الاقتصادية السيئة
حتى صارت زيارة الطبيب اكبر مشكلة تؤرق حياته بسبب انخفاض دخل الفرد , وارتفاع أسعار الأطباء الأخصائيين بدون رحمة , وعندما تسألهم يعللون ذلك بارتفاع أسعار المواد الأولية المستخدمة في عياداتهم ولمرضاهم . إننا اليوم بصدد التحدث عن هذا الصعود الفاحش في أجور الفحص والعلاج لدى أطباء الأسنان بشكل خاص . ولندع المواطن يفصح عن همومه بلسانه وينقل لنا معاناته من هذه الناحية .جارتنا (أم احمد) امرأة كبيرة في السن وزوجها رجل متقاعد , وكانت تتألم قائلة : ماذا أقول لك ِ يا ابنتي , إنا أعاني منذ فترة آلاماً شديدة في اللثة وعندما ذهبت الى طبيب الأسنان وكشف علي ً قال لي يلزمك (طقم أسنان) ويكلفكِ (350) ألف دينار وراتب زوجي التقاعدي لايتجاوز (300) ألف دينار ونحن نعيش في هذه المرحلة تصاعد الأسعار في كل مجالات الحياة , والأفضل لي أن أحتمل الألم وأداويه بالمسكنات لأن ما باليد حيلة. ثم دخلنا عيادة طبيب الأسنان ووجدنا فيها زحاما من المراجعين , سألنا رجلاً جالساً ينتظر دوره جانباً ليقول: هذه المراجعة الثانية لي بعد أن أحسست بألم بسيط في سن العقل فأخبرني الطبيب إن التسوس وصل الى العصب وبحاجة إلى حشوة جذر وتكون على ثلاثة مراحل للعلاج وتكلف (75) ألف دينار واضطررت أن اقصر في مصروف عائلتي.وعندما استفسرنا من  طبيبة الأسنان د. أمل محمود عن هذا الارتفاع في أجور المعاينة والعمل عللت ذلك بأن إيجار العيادة الشهري يتجاوز الـ 500 ألف دينار، ناهيك عن مصاريف المولدات أما بالنسبة للحشوات والقلع أو صناعة الأسنان فأننا نستورد المواد الأولية الخاصة بها من دول أجنبية وبأسعار تجارية غير مدعومة من قبل الدولة.ولكننا رأينا أن إيرادات العيادة في اليوم الواحد تقوم بتسديد مصاريف العيادة لشهر كامل . وأثناء جولة لنا في عدد من المراكز الصحية والعيادات الشعبية في بغداد الجديدة والمشتل والمعلمين طلبنا رؤية طبيب أسنان فعلمنا أن هذه المراكز الصحية والعيادات يتواجد فيها طبيب أسنان ولكن فقط للقلع أما للحشوات وصناعة الأسنان فهذا غير متوفر بتاتا وذلك لان وزارة الصحة لا تزود المراكز الصحية بالكميات المطلوبة والكافية من المواد الداخلة في علاجات الأسنان والمعروف أن المراكز الصحية يكون العلاج فيها مجانا أما في العيادات الشعبية فأن المراجعين يعانون عدم وجود طبيب أسنان، وعلل السيد عباس فاضل موظف الحسابات في العيادة الشعبية في منطقة المشتل ذلك أن أطباء الأسنان أخذوا يرفضون العمل فيها لأنها على حد تعبيره (متصرفلهم) فأغلب أطباء الأسنان لديهم عيادات خاصة عصرا وإذا كانت تكلفة عمل الحشوة لديهم لا تقل عن 100 ألف دينار فماذا يفعلون بأل 1000 دينار ثمن الباص للعيادة الشعبية ؟ وفيما تقدم يتبين لنا أن سبب رفع أطباء الأسنان لأجور عملهم هو استغلالهم لعدم توفر أطباء أسنان في العيادات الشعبية والمراكز الصحية، مما جعل المواطن  مضطرا للذهاب إلى عيادة أسنان خاصة وتحمل أعباء التكاليف الغالية وهنا يبرز غياب دور الدولة في ضرورة دعم المواطن من خلال تخصيص طبيب أسنان ثابت في كل عيادة شعبية أو مركز صحي وذلك بعمل جدول خاص ينظم دوام أطباء الأسنان بشكل تناوبي حتى لا يحرم من عمله في عيادته الخاصة .