اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > دوستويفسكي.. عندما يمتلك بطل الرواية بعداً رابعاً

دوستويفسكي.. عندما يمتلك بطل الرواية بعداً رابعاً

نشر في: 11 مارس, 2011: 07:10 م

نجوى فؤاد عليأطلق الكاتب الروسي الكبير فيودور دوستويفسكي عبارته الجريئة " الجمال ينقذ العالم" التي تجسد جوهر فلسفته في الحياة. وكان مقصده ان شعور الانسان بالجمال والانسجام ينعكس في جميع أفعاله وتعامله مع الناس ومع الطبيعة . ولعل أنقى الناس روحا هو الانسان
 الذي يدرك قيمة هذا الجمال الذي صوره المؤلف في شخصية "ايليوشا"والناسك زوسيما في رواية " الاخوة كارامازوف" وفي الفتى القوقازي علي في كتابه" يوميات بيت الموتى" وفي الامير ميشكين الساذج كالطفل في رواية " الابله". ويقول الناسك زوسيما :" نحن لا ندرك ان الحياة هي جنة، ويكفي فقط ان نرغب في ان نفهم هذا لكي تبرز امامنا بكل ما فيها من جمال وبهاء..". بينما يعبر عن فكرة دوستويفسكي هذه الامير ميشكين بقوله :" هناك أفكار ، أفكار رفيعة ، ينبغي علي ألا أتحدث عنها ، لأنني سأثير عندئذ سخرية الجميع  حتما .. فلا توجد لديّ إيماءة لائقة، ولا الإحساس بالاعتدال، وكلماتي مختلفة وأفكاري غير مناسبة ، وهذا كله يمثل إهانة لأفكاري".لقد حقق الادب الروسي بشخص دوستويفسكي ذروة تطوره في القرن التاسع عشر. وهو يعتبر من أعظم الروائيين في العالم حتى يومنا هذا والذي صور دخائل النفس الانسانية بكل رهافة مما جعل رواياته مادة خصبة للباحثين النفسانيين. وما زال النقاد يواصلون دراسة افكاره وشخوصه التي غالبا ما تتسم بأبعاد قد يغلب فيها الشر على الخير. لكن دوستويفسكي آمن- في - الواقع بالإنسان وليد مجتمعه بكل ما فيه من شرور وأفعال خير. ولد فيودور دوستويفسكي في سانكت – بطرسبورغ في 30 تشرين الأول عام 1821 في عائلة انتلجنسيا تعود أصولها إلى ليتوانيا على ساحل بحر البلطيق ومن ثم انتقل احد افرادها للإقامة بروسيا واعتنق الارثوذكسية.وكان ذلك في القرن السابع عشر. وكالن أبوه طبيباً عسكرياً صعب المزاج، أما أمه ماريا نيتشايفا فكانت امرأة طيبة ابنة احد التجار. وقد رزق الزوجان بأربعة ذكور وثلاث إناث.وكان ترتيب فيودور الثاني بين الذكور. وبعد وفاة الزوجة المفاجئ انتقل الاب من مكان العمل في مستشفى بموسكو الى ضيعة  صغيرة بضواحي مدينة تولا. وقد أساء الاب ميخائيل معاملة فلاحيه الذين قتلوه في عام 1838 . وكان فيودور قد انتقل  في عام 1837 الى سانكت – بطرسبورغ للدراسة في كلية الهندسة العسكرية تلبية لرغبة أبيه. وخلال الأعوام الستة التي قضاها في الكلية لم يظهر فيودور رغبة كبيرة في التعلم كما انعزل عن اقرانه وانكب على المطالعة بنهم. وفي عام 1844 منح لقب ضابط- مهندس. ولم يهتم كثيرا بعمله بل واصل اهتماماته الادبية بقراءة اعمال بوشكين وجوجول وشكسبير وديكنز وشيللر وهوفمان وبلزاك وجورج صاند وغيرهم. وبدأ عدة محاولات للكتابة . وفي عام 1845 كتب دوستويفسكي اولى رواياته " المساكين" التي جلبت له الشهرة بعد ان قرأها الشاعر والناشر نيكراسوف مع رفيق لدوستويفسكي طوال الليل ثم جاءا اليه في شقته عند الساعة الرابعة فجرا ليبلغاه بأنه موهبة كبيرة. ونشرت الرواية في عام 1846 وتحول فيودور دوستويفسكي من مهندس حربي الى كاتب مرموق. لكن النقاد استقبلوا ببرود روايته الثانية " البديل" ، وبدأت فترة صعبة من حياته حيث أصبح بدون عمل وبدون مورد رزق. وفي عام 1849 اعتقل بتهمة المشاركة في حلقة سرية معادية للقيصرية برئاسة بتريشيفسكي. وحدث ذلك في فترة حكم القيصر نقولاي الاول الذي مارس سياسة قمع قاسية ضد كل نشاط سياسي معارض رغبة منه في حماية نظام الحكم من تأثير أفكار الثورة الفرنسية التي تسللت الى روسيا بعد الحرب ضد نابليون. لكن الانسان حريص على ما منع ، وكان المثقفون الروس يتلقفون هذه الأفكار ويناقشونها في جلساتهم . وصدر الحكم على دوستويفسكي ورفاقه بالإعدام. وفي 22 كانون الاول 1849  جلب دوستويفسكي ورفاقه الى مكان تنفيذ الإعدام لكن ألغي الحكم فجأة واستبدل بالاشغال الشاقة في سيبريا لمدة اربعة اعوام. وبعد انتهاء فترة الحكم التحق الكاتب جندياً في إحدى الوحدات العسكرية في سيبيريا. وشيئا فشيئا استعاد وضعه الاجتماعي ومنح رتبة ضابط وتزوج من أرملة وحصل على رخصة العودة الى أواسط روسيا. فاستعاد سمعته الأدبية وصار يمارس العمل الصحفي وأسس مع اخيه مجلة " فريميا" التي حققت نجاحا كبيرا ونشر فيها روايته " يوميات من بيت الموتى" . إنها الرواية التي وصف فيها ايام النفي في سيبيريا وما لقيه هناك من شخوص متباينة في الأخلاق والعادات طبقا للإنتماء الاجتماعي والقومي فبينهم الفلاحون البسطاء واللصوص المحترفون والثوار البولنديون وابناء القوقاز. وبدأت الاوساط الأدبية تتحدث عن دوستويفسكي بصفته من الكتاب الروس ذوي المستقبل الواعد. لكن السلطات منعت فجأة في عام 1863 صدور مجلة " فريميا " بعد نشر مقالة اعتبرت ذات أفكار هدامة بالنسبة للنظام. فاضطر الإخوان بعد جهد جهيد لإصدار مجلة أخرى بتسمية " العصر" التي سرعان ما أفلست وتوقفت عن الصدور. وعانى دوستويفسكي عدة مصائب منها: وف

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram