TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > العلمانية

العلمانية

نشر في: 12 مارس, 2011: 05:20 م

(الجزء السابع) غي هارشير ترجمة: رشا الصباغ سعياً لوعي ينفتح على مديات تنويرية هي من مستلزمات البناء الديمقراطي الجديد، وتحصيلاً لفائدة الاطلاع على تجارب العالم في الارتقاء بالانسان وحقوقه، تعيد آراء وأفكار  نشر كتاب العلمانية، على حلقات، للكاتب غي هارشير وبترجمة رشا الصباغ.rn 
ولا تزال (الدعامة) المسيحيّة، حتى هذه الآونة، قويّة جداً ولا سيّما في فلاندر، ولكن لا بدّ أيضاً من أخذ عملية الدنيوة التي نَفَذت إلى المؤسّسات والذهنيّات الكاثوليكيّة بعين الاعتبار: تشهد عليها بصورة خاصّة حركة المقاومة الشديدة المعاصرة، في قلب الكاثوليكيّة نفسها، لمواقف البابا يوحنّا بولس الثاني في ما يخصّ الأخلاق الجنسيّة والأسريّة. العلمانيّة، بدورها، والتي غدت طرفاً فاعلاً في مجتمع تعدّدي، شكّلت إن صحّ القول (دعامتها) الخاصّة. بدت هذه الدعامة هشّةً إلى حدّ ما نظراً لضعف سنادها المكوّن من الليبراليّين والاشتراكيّين الذين كانوا لوقت طويل منقسمين حول المسألة الاجتماعيّة (شكّل الاشتراكيّون (دعامتهم) الخاصة الأقلّ متانة من دعامة الكاثوليك). وهم اليوم، مع ذلك، يحكمون معاً وقد نحّوا الاشتراكيّين-المسيحيّين (مذ ذاك، (المركز الديموقراطيّ الإنسانيّ)) إلى صفّ المعارضة. يبقى أن الحركة العلمانيّة قد حقّقت في هذا الميدان انتصارات لا تمارى: اعتراف الدولة، في عام 1970، بـ (الطوائف الفلسفيّة اللامذهبيّة)، تمويل (دُور العلمانيّة) ابتداء من 1981، إنشاء ملاكٍ من مستشارين أخلاقيّين، تدفع الدولة أجورهم، للعمل لدى القوات المسلحة في عام 1991، وأخيراً، تعديل الدستور في عام 1993، وتغيير المادّة 117 (المادّة 181 في الترقيم الجديد) التي تتعلّق بتلقّي الإكليروس أجوراً من الدولة: فـ (مندوبو المنظمات التي يقرّها القانون والتي تقدّم مساعدة معنوية وفق تصوّر فلسفيّ لا مذهبيّ) ستدفع لهم الدولة مذ ذاك، هم أيضاً، أتعاباً. باختصار، بدل أن تكون العلمانيّة البلجيكيّة جزءاً من تعريف الدولة نفسه (من الـ  res publica ، بمعنى الشأن العامّ، (شأن) يخصّ الجميع، يخص الشعب laos  بكليّته) فإنّها تشكّل اليوم (دعامة) (لا تزال مع ذلك في مرحلتها الجنينيّة المبكّرة). لقد دخلت العلمانيّة في لعبة التعدّدية، الأمر الذي انتقده بعضٌ من أنصارها: أفليس هذا إن صحّ التعبير، كما أكّدوا، (ديناً زائداً على الحاجة) ؟ هل يمكن بسهولة وبساطة تحويل العلمانية إلى أحد مركّبات المجتمع الإيديولوجية في حين أنها يجب أن تشكل الأساس فيه؟ ألم يعقد العلمانيّون صفقة المغبون بقبولهم وضع أنفسهم شكليّاً في مستوى الأديان نفسه، ممّا أعطى شرعيّة جديدة لمراكز الكاثوليكيّة التي لا تزال تتمتّع بقوّة كبيرة؟ سيغدو في الواقع صعباً من الآن فصاعداً رفض النظام بمجموعه: إنّ دفع أجور لرجال الدين كان يمكن أن يشكّل حجّة مقنعة للعلمانيّين في مواجهة الفصل غير الكافي بين الكنيسة والدولة طالما لم يكونوا هم أنفسهم يتقاضون أجوراً (سيتقاضون منذ الآن في شروط معيّنة بموجب المادّة 181 الفقرة 2 من الدستور المعدّل). لا يمكن لأحد أن يكون في (الداخل) وفي (الخارج) في آن، يندّد بنظام يشارك هو نفسه فيه. أجل، إنّ حريّة الضمير في بلجيكا، كما هو الحال في البلدان الأوروبيّة الأخرى، بالطبع، مكفولة ومحترمة تمام الاحترام، ولكن التسوية التي أدّت إلى (دسترة) الحركة العلمانيّة مثقلة بالالتباسات. هذه الالتباسات على كلّ حال ليست حديثة العهد: يتعلّق الأشدّ حساسيّة بينها بتعليم الأخلاق العلمانية، الذي أسّسه الميثاق المدرسيّ إلى جانب التعليم الدينيّ في المدارس العامّة. إذ ينبغي اختيار واحد من الاثنين في الواقع؛ أو تجسّد العلمانية نوعاً من الأخلاق المدنيّة التي ينبغي تعليمها للجميع. الحذر، بطبيعة الحال، يفرض نفسه بشأن موضوع قابل للتحويل بسهولة إلى غايات تلقين ووعظ عقائديّ، ولكنّ التنشئة المواطنيّة تبدو في الوقت نفسه جوهريّة، وهذا يدعو بالتالي إلى شرح ومناقشة رهانات العلمانيّة، التي تصلح للجميع، كاثوليك، غير مؤمنين، وسواهم. إنّ حصر درس الأخلاق العلمانيّة في درسٍ لـ فئة من الطلاّب، ومنافس، فضلاً عن ذلك لدروس الدين، يفرض مشكلاتٍ مريعة في الترابط الثقافيّ. فكل شيء يجري في الحقيقة وكأنّه لا بدّ من التمييز هنا بين تعليم شامل للأخلاق، مخصّص لغير المؤمنين، لأصحاب الفكر الحرّ- بإيجاز، لأولئك الذين يريدون التوجّه في الحياة بالاستعمال الحصري لعقل أكثر اعتدالاً وأقلّ بروميثيوسيّة ممّا اعتُقد أو خُشي في القرن التاسع عشر من جهة، وتعليم يرتكز على المسألة الفلسفيّة في فصل الكنيسة عن الدولة، وهو التعليم الذي يجب توفيره للجميع، من جهة أخرى. أجل، هناك أسباب تاريخيّة اعتُبر غيرُ المؤمنين بموجبها لسانَ حال علمنة المجتمع والدولة في مواجهة كاثوليكيّة رُفضت فيهما لفترة طويلة. ومع أنّهم قد وجدوا إلى جانبهم، في تلك المعركة، بروتستانت ويهوداً بل وبعض الكاثوليك الطليعيّين، فقد أصبح العديد من الكاثوليك اليوم من الموالين لفكرةِ دولةٍ للشعب بأجمعه ويعبّرون بكلّ وضوح عن معارضتهم السلطات الرومانيّة عندما يتعرّض مثل هذا المكتسب (المرتبط في أذهانهم من وجوه عديدة بالانجازات

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram