عامر القيسي استكمالاً للمشهد السياسي المهلهل ، ينفضّ لقاء رئيس الوزراء المالكي مع مجلس النواب بلا نتائج ، فيعلّق المجلس أعماله إلى اجتماع قادم . فلا المالكي قدم وزراءه الامنيين " الدفاع والداخلية والامن الوطني " ولا تمكن الطرفان من مناقشة مطالب المتظاهرين واقتراح قوانين أو برامج للخروج من الأزمة !!
الذي حصل هو تكرار لمشاهد من المناكفات والمصادمات والتوترات أفضت في النهاية الى " اتفاق" عدم الاتفاق، وهي حالة تقليدية اتّسم بها المشهد السياسي العراقي منذ أن ذقنا طعم البرلمان المنتخب خارج فعاليات الحزب الواحد . من بديهيات الحياة الديمقراطية أن تكون في البرلمان معارضة قوية بإمكانها سحب الثقة من أي حكومة وإسقاطها إذا لم يكن أداؤها بمستوى برنامجها المقدم للبرلمان والذي اخذت تفويضا من اعضائه للانطلاق به. في مشهدنا السياسي شاهدنا صناديق اقتراع وقوائم انتخابية وتعرفنا على حسنات المفتوحة والمغلقة وسيئاتهما معا، قرأنا وسمعنا برامج مختلفة لكتل متنافرة لكننا لم نشد معارضة حقيقية تطيح بالحكومات المقصرة، أو تلك التي تسترخي على كراسيّ المكاتب الوزارية متمتعة بالامتيازات بانتظار الدورة الانتخابية القادمة.وهذا ما أكده رئيس الوزراء نوري المالكي، الخميس، من أن الحكومة والبرلمان في البلاد لن يتغيرا إلاّ عبر الانتخابات، وفي حين أعلن أن حكومته أنجزت برنامجاً إصلاحياً يشمل جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، حذّر من عدم قدرتها على إيجاد تخصيصات للمشاريع في حال استمرار التوظيف داخل المؤسسات الحكومية.وقال إن "التظاهرات حق دستوري للمواطنين للتعبير عن آرائهم والحكومة تحترم ذلك الحق"، مؤكدا أن "أعضاء الحكومة والبرلمان جاءوا عبر صناديق الاقتراع ولن يخرجوا منها إلاّ عبرها كما يقتضيه التبادل السلمي للسلطة". لكن الانتقادات وجهت لبرنامجه من كتلة الاحرار والمجلس الاعلى الاسلامي "وهما من حلفاء المالكي " وبعض المستقلين الذين اعتبروا ورقة الإصلاح التي طرحها رئيس الوزراء نوري المالكي خلال الجلسة لم تتضمن جذر المشاكل إنما اكتفت بتلميعات لواقع الحكومة، معتبرين أن الواقع السياسي في العراق هو عبارة عن كتل "متغانمة" على السلطة، بالإضافة إلى محاولات التستر على واقع الفساد في البلاد". وقال طارق الهاشمي على لسان مدير مكتبه عبد الإله كاظم "إن خطاب رئيس الوزراء خلال استضافته في مجلس النواب يوم الخميس، تضمن مجاملات وتهدئة وكان بعيدا عن الحلول الواقعية للمشاكل التي يعانيها المواطنون في جميع محافظات العراق".هذا الانتقاد لبرنامج المالكي بالإمكان توجيهه إلى تقرير اللجنة البرلمانية المؤقتة والمكلفة ببحث الازمة " احتجاجات الجماهير" وتقديم مقترحات عملية لتلبية مطالب المتظاهرين ، فتمخض الجبل ، إذا كان ثمة جبل، فولد فأراً. المقترحات " العملية "المقدمة يعرفها كل مواطن، فقد أتت عامة وهلامية وتفتقر الى أيّ " عملياتية "لحلحلة الازمات . فالتقرير يتحدث عن " توفيرالطاقة الكهربائية " وتحسين البطاقة التموينية " و حل أزمة السكن " و" تحسين الخدمات البلدية "و" توزيع عادل للمنتجات النفطية " و"تفعيل الإصلاح الاقتصادي " وكأنما هناك إصلاح ليحتاج الى تفعيل !! هذه نماذج من " حلول" اللجنة المؤقتة وبإمكان القارئ أن يتواصل معها على هذا المنهج .هذه الصورة كانت متوقعة حسب مصادر سياسية والتي أكدت " أن الجو المحتدم سيكون نتيجة طبيعية لظروف الاحتجاج التي تمر بها البلاد " ورغم دفاع أحد نواب التحالف عن المالكي الذي قال في تصريح صحفي "من المتوقع أن تشهد الجلسة شداً وتحاملاً من قبل بعض الاطراف النيابية على المالكي" فيما عبّرت نائبة عن أسفها عمّا وصفته بالسيناريو والإخراج الضعيف لجلسة استضافة رئيس الوزراء نوري المالكي، والذي اعتبرته لا يلبي طموح الشعب العراقي لاسيما المتظاهرين والشهداء الذي سقطوا خلال عملية التظاهر،، مبينة انه خلال جلسة استضافة المالكي رفض رئيس البرلمان اسامة النجيفي إعطاء الحديث إلى أغلب أعضاء مجلس النواب بحجّة ان الاسماء الموجودة لديه ليس فيها الا رؤساء الكتل، متسائلة في الوقت عينه إذا كان الأمر هكذا فلماذا لا تكون هنالك جلسة مصغرة تقتصر على الأشخاص المعنيين؟ ولماذا تسمى هذه جلسة برلمان؟ وهل معنى ذلك ان لادور لاعضاء البرلمان؟. . بعض المدافعين أرادوا ان يستعرضوا "قوّة" الحكومة عندما قالوا "ان الجلسة بطلب من المالكي نفسه " كي لاتبرز صورة المالكي كما لو أنه في موقع الاتهام وإنه جاء إلى البرلمان دون الحاجة الى استضافته !الكتل البرلمانية تقاسمت كيكة السلطة وغلّفت وعودها الانتخابية راكنة إياها على رفوف النسيان أو الاستخدام المبرمج في الصراعات السياسية الجارية تحت قبّة البرلمان وخارجه ، وبذلك تخلّص المالكي من كاهل المعارضة القوية داخل البرلمان والتي من المحتمل ان تقدم مشروع سحب الثقة منه عند
برلمان بلا معارضة.. حكومة بلا فعالية
نشر في: 12 مارس, 2011: 05:21 م