ترجمة: عدوية الهلالي في مطار روما، تلتقي ثلاث نساء ألبانيات بعد أن هاجرن من الغرب إثر سقوط جدار برلين بهدف العودة إلى تيرانا لحضور حفل زفاف صديقة مشتركة لهن منذ الطفولة، والتي ستتزوج الرجل الذي تحبّ بعد ثلاثين عاماً من لقائها به ..
بهذه الحكاية البسيطة تبدأ (بيسا ميفيتو) الروائية اللألبانية المقيمة في سويسرا روايتها التي تحمل عنوان (الحبّ في زمن الشيوعية) والصادرة مؤخراً عن دار فايارد الفرنسية للنشر في 290 صفحة ..تتعاقب أحداث الرواية بعد أن تتأخر الطائرة وتجبر النساء الثلاث على قضاء ليلتهنّ في صالة الانتظار، كما يتعاقب لديهن البكاء والشكوى مع الضحك من كل المواقف كما تعلمن من حياتهنّ في ألبانيا الشيوعية فيشترين الشمبانيا ويبد أن بسرد قصص حبهنّ الواحدة تلو الأخرى ..حسب الدور، تباشرأنيلا، ديانا وموندا سرد قصصهن التي تبدأ في سنوات الثمانينات، فتصف كل واحدة منهنّ ما لاقته خلال ثلاثين عاما من انواع المشاعر المؤثرة والغريبة، المضحكة منها والمبكية والسامية أيضاً ..آنيلا، على سبيل المثال هي ابنة وزير الثقافة التي تزوجت لكنها افترقت بسرعة عن زوجها لأنها لم ترغب بمغادرة حضن والدتها، وبعد حصولها على الحرية بالطلاق، تقع في حبّ الجميل كوسوفار الذي تكلله هالة البطولة لإدانته في بلده والحكم عليه بالموت ..ورغم أنها تحبّه بشغف لكنه يصارحها في الغابة التي يلتقيان فيها وطالما أخفت أسرار حبّهما السرّي إنه يحبها أيضاً لكنه لن يتزوجها أبداً لأنها مطلّقة ..تشعر آنيلا بالسخط والاستياء وتقسم أمامه بأنها لن تتزوج من أحد غيره وبأنّها ستظلّ تنتظر طوال حياتها اليوم الذي سيطلب فيه يدها مهما كانت العواقب وخيمة..ديانا، بدورها،تعاني من علاقة والدتها بالرجال، إذ كانت امرأة فاتنة لكنها تقيم علاقات عديدة مع رجال ضعفاء يغدقون عليها الإطراء والتملق ثم سرعان مايكرهونها ويهجرونها ..تقرر ديانا إلاّ تسير على خطى والدتها فتعامل الرجال بلامبالاة حتى يتقدم منها طالب شاب في موقف الباص ليصرّح لها بحبّه وبأنّه يحبّها منذ أن كان في الثانية عشرة من عمره وسيحبها دائما ..من جانبها، تملك موندا حبّها الكبير الوحيد والمستحيل أيضاً فهي تحبّ ابن عمها الذي كان يعيش معها تحت سقف منزل واحد ..وتؤمن موندا بأنها أدركت وهي في سنّ الخامسة أنّ المرء يمكن أنْ يحبّ حتى الموت !!تشبه عملية سرد الثلاثي (آنيلا وديانا وموندا) لقصصهنّ ما كان يحدث في الجوقات اليونانية القديمة لما تحويه من تراجيديا وكوميديا، كما تحمل شيئاّ من الأجواء الشكسبيرية فالروائية الالبانية بيسا ميفيتو التي تكتب رواياتها باللغة الفرنسية تمكنت من الإمساك بخيطين في الرواية أحدهما يقود إلى الجنون والآخر إلى الحكمة والعقل وهو ما يقرب روايتها من الأجواء المسرحية الاخّاذة ..ترسم ميفيتو بواقعية مذهلة مشاعر أبطالها وانفعالاتهم المصحوبة بسخرية ميتافيزقية، كما تتعرض لحقيقة مهمة وهي ان الحبّ الحقيقي والصالح لابد من أن يرافقه سلوك جيد ليحافظ عليه فهي تدعو الأحبة إلى التمسك بحبّهم إلى الأبد والى التصرف بطريقة تحافظ على هذا الحب لكي لا تكون النهاية خيبة أمل كما حدث مع بطلاتها ..إنها تثبت لنا أن الفرح يمكن ان يولد من الألم وبأن قصص الحبّ المأساوية يمكن أن تكون جميلة أيضاً إذ يمكن استخدام السخرية سلاحا لتقاوم به بطلاتها خيباتهنّ ..
الحبّ فـي زمن الشيوعية.. رواية ألبانيّة باللغة الفرنسية
نشر في: 12 مارس, 2011: 06:40 م