TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > المادة الثانية أو معضلة الثورة

المادة الثانية أو معضلة الثورة

نشر في: 13 مارس, 2011: 05:38 م

سيد القمنيبعد أن أسقطت الشرعية الثورية المصرية رأس النظام، كان المفترض سقوط الدستور الذي قام عليه و أضاف إليه و حذف منه و رقعه وبهدله وعدّله مرات النظام السابق ، الذي يبدو أنه لم يسقط بعد، و أنه سيظل غارسا أنيابه في الفريسة لآخر لحظة ممكنة، حتى لو غير تكتيكاته مع تحولات يتحول فيها هذه الأيام المخفي إلى علني، 
بتحالف فاشية الإقطاع العسكري مع الفاشية الدينية، حيث للدين سلطانه و مكانه لدى شعوبنا خاصة ، و يمكن استثماره انتهازياً حسب الحاجة لإخراس قول الجماهير أمام قول الإله، بالإبقاء على الدستور الشائه المعيب المهين مع بعض التعديلات التي تخدم حلف الفقيه والسلطان وحدهما.rnتعالوا نتذكر تكتيكات حلف الفقيه و السلطان المرتبطة بما يحدث الآن، فالمادة (77) بالدستور المصري التي تعطي للرئيس مُددا مفتوحة للحكم، قد تمت بمعرفة الإخوان و الدكتور صوفي أبو طالب و الرئيس المؤمن أنور السادات، و بمباركة من أهل الدين جميعا في مشارق مصر و مغاربها مقابل أمرين واحد نظري و الثاني عملي، كان النظري هو إلقاء التشريع بالكامل في أيدي سدنة الدين بإضافة الألف و اللام القاطعة لنص البند الثاني في الدستور لتتحول المادة:"الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع "، إلى "الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع". أما الأمر العملي فهو إطلاقهم على مصر و مؤسساتها وهيئاتها وإعلامها و تعليمها، و بعد أن روًعوا المصريين وهدموا أفراحهم و كسروا تماثيلهم  ودعروا فنونهم وكفروا تاريخهم الفرعوني وأدخلوهم تحت خيام الحجاب والنقاب، أنقضوا على شريكهم الأول الذي أعطاهم مصر وشعبها ، و نحروه على منصته في يوم نصره ، وهو الشأن المعتاد مع الإخوان وكل فرقهم على تعدد أسمائها الحركية، الإنقضاض على الشريك عند أول فرصة، و خيانة العهد فعل معلوم مكرر ومُقدس للإسلام السياسي، عبر تاريخنا الطويل، منذ فجره الأول بجزيرة العرب الذي شهد كل ألوان نقض العهود . اليوم يتمسك الإسلام السياسي وبكل قوته بدستور الفساد، للإبقاء على المادة الثانية تحديدا و التي وقفوا جميعا صفا مرصوصا و ترسا واحدا لها، وأكد القطب الإخواني عصام العريان أنها مادة فوق دستورية، فإذا كان الدستورهو قول كل الشعب و الناس، فما فوقه لا يكون سوى الإلهي، فهي مادة إلهية، رغم أنه لم يرد لا في القرآن و لا في الحديث شيء عن الدستور و نظام الحكم دستوري  أو غير دستوري، ناهيك عن أنه لو كان ذلك صحيحا فلا يجوز لإنسان إذن تحكيم هذه المادة باسم الإله ، و إنما على الإله أن يحكم بنفسه مباشرة لأنه لا أحد يزعم أن يملك توكيلا منه للعمل نيابة عنه في الأرض ، أو أنه الفاهم الأوحد لمراد الله دون بقية المسلمين . والأغرب و(ليس غريباً مع انتهازية الإخوان) أن يتفق الإخوان مع طرح النظام (وليس غريباً مع انتهازية النظام و رخصه) على تعديل مواد بعينها أهمها المادة (77) التي رقص لها الإخوان من قبل زمن السادات حتى كادوا ينصّبونه خليفة لولا خشيتهم من إعطائه صلاحيات مطلقة يبطش بهم بموجبها، و هو ما جعلهم يستعجلون الموقف فبطشوا به أولا. و إصرارهم على هذا التعديل هو لصرف النظر تماما عن فكرة سقوط الدستور بالشرعية الثورية الشعبية و ضرورة وضع دستور مدني جديد ، و هو التعديل الذي لا يسمح لرئيس الجمهورية بأكثر من ولايتين، و هو أمر على المستوى السياسي محمود و مطلوب ، لكن موقف الإخوان منه عبر الزمنين موقف راقصات مبتذل رخيص و انتهازي. فإذا كان الإخوان يسمون أنفسهم بالمسلمين تميزا عن غيرهم بالالتزام بقواعد الإسلام، فإنهم يعلمون يقينا أن الإسلام لا يعرف مُدة لحكم الإمام إنما يعرف أن الإمام يبقى مدى الحياة و عقوبة الخارج عليه هو القتل، و أنه لا معارضة في صحيح الإسلام، و أنه لا ديمقراطية  وأنه " إذا بويع لخليفتين فاقتلوا أحدهما" ، و أن هناك فرقة واحدة ناجية هي التي ستحكم و 72 عداها هلكى، و ليس في الإسلام برلمان و لا مجالس نيابية، فيه البيعة التي هي إقرار إذعان من الناس لمن يستطيع بغلبته و شوكته الوصول إلى سدة الملك أو الخلافة، فيجلس أولاً وتتم البيعة ثانيا، و فيه الشورى أي أخذ النصيحة من الحاشية و المختصين، وله أن يعمل بها أو لا يعمل، و لم يحدث أن عمل بها أحد من الخلفاء حتى الأربعة الراشدين ذاتهم. أبو بكر شاورالصحابة بشأن مانعي الزكاة، فأشاروا بعدم قتالهم وعلى رأس المشيرين عُمر، فلم يأخذ بمشورتهم و أعلن القتال، الخليفة عمر شاور مجلسه في شان خروجه على رأس الجيش لحرب الروم، تسعة قالوا نعم و عبد الرحمن بن عوف قال لا، فأخذ بما قال عبد الرحمن بن عوف، ... وهكذا. حتى سقوط الخلافة، و لم يحدث في تاريخ الإمبراطورية الإسلامية أن تم تبادل السلطة سوى بالخنجر أو بالسيف أو بالسم أو الاغتيال ناهيك عن الحرق و السمل و الصلب. فإذا كان الإخوان يريدون تطبيق الشريعة ويُصرون على المادة الثانية من الدستور فإنهم لا يفعلون فعل الشريعة (الآّن على الأقل) و إن كانوا سينظرون في تطبيقها في ما بعد، فيما قال قطبهم (سعد الكتاتني)، وهو ما يعني أن ما يفعلونه اليوم هو خروجهم على مبادئ الشريعة و تبنيهم مبادئ الكفرة الفجرة مثل روسو وفولتير ومونتسكير وغيرهم، حتى يتمكنوا من الح

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram