TOP

جريدة المدى > غير مصنف > التبت – قلب آسيا المفقود

التبت – قلب آسيا المفقود

نشر في: 14 مارس, 2011: 04:54 م

الكتاب: إلى جبل في التبتالمؤلف: كولن ثابرونترجمة: عبد الخالق عليأين أنتِ؟ يسأل كولن ثابرون في كتاب الأسفار العاشر له.  و هو يستنشق هواء التبت الرقيق. في المجلدات التسعة الأخرى تحوم الرحلة بين الأسطر حيث يسرح كاتبنا في قلب آسيا المفقود. يقفز على طريق الحرير على ظهر سيارة موسكوفيج  قديمة. كان من الأفضل اختيار عنوان (أين أنتِ) لهذا الكتاب الأخاذ. المؤلف يخاطب أمه التي ماتت.
(إلى جبل في التبت) تحكي قصة رحلة، ليست دينية، إلى منحدرات (كايلاس) المقدسة غرب الهملايا. انطلق ثابرون، مع طباخ و دليل و سائس خيل، سيرا على الأقدام من (هاملا) و هي أبعد منطقة في النيبال. استدار الفريق اولا عند نهر (كارنالي) و سرعان ما انحرف شمال غرب باتجاه (نالا كانكار هيمال) التي تنحدر تدريجيا الى التبت. سار الفريق تحت أشجار الجوز و المشمش، عبر قرى (ثاكوري) الهادئة و حقول الرز، حيث كان التجار فيما مضى يقايضون الملح و الصوف بالحبوب. يستحضر ثابرون جسر الصفيح المتأرجح فوق تيار الماء، و اشجار الصنوبر و البلوط الشائك و أغنية وقواق الهملايا فوق العشب الناعم. أحيانا يلجأ الأربعة للنوم على أرضية أحد البيوت،و في اوقات اخرى ينصبون الخيام،يجلسون حول نار المخيم و يسلّمون على مهربين قصار القامة  بقبعات رثة  يسوقون الجاموس المشحون مع السيكائر الصينية. الصوامع كانت دائما نزعة من نزعات ثابرون تظهر من وقت لآخر. هل تذكر الراهب في (رحلة إلى قبرص) (1974)  الذي كان يراقب المؤلف الشاب و هو يحلق لحيته؟. هذه البلاد تستعبد الغرب منذ زمن طويل، صورة العالم الآخر الذي لا يمكن الوصول إليه، بقعة مقدسة و حوزة للعلوم القديمة. يقر ثابرون بأنه مشبع بالرومانسية، و كعلاج فانه يحاول تفكيك البدايات المعقدة للشعور بالهيبة، و يكشف حقيقة عصور العنف الداخلي في التبت قبل 1959، و الغزو الصيني الكريه. من خلال الكلام المباشر للرهبان يتمكن من استكشاف المعابد المتحولة لآلهة المنطقة – الهندوسية و البوذية و العرافين الوهميين المنتشرين وراء الساحل.طالما كان الوازع علامة بارزة في أسلوب ثابرون، على الأقل في كتب الأسفار (انه يكتب روايات أيضاً) انه يقتصد بتعابيره الشجية بشكل متقن،و ينتقل فجأة إلى استنتاج عظيم. يقول في السطر الأول الذي لا ينسى من كتاب (في سيبريا) (1999):" رجل مقيد بالسلاسل يجتاز حقول الجليد الى الأبد ". الآن في هذا الكتاب الضامر،يوسع ثابرون مدى عواطفه. في الصفحات الأولى يكشف بان هذه الرحلة هي شكل من اشكال الحداد على أمه التي ماتت مؤخرا و كانت آخر من بقي من عائلته. من خلال مزج شعري بين السفر و الذكرى،يستخدم ثابرون البوذية لكشف الانعكاسات على دورة الحياة و معنى المعاناة،او انه يحاول ان يقول " الذكريات غالبا ما تكون قاسية على الفكر الهادىء ". في مكان آخر يقول " الرحلة لا تغذي الانعكاس كما كنت آمل ". يصف فرز اوراق أمه المكونة من رسائل حب من أبيه و صور قاتمة لكلاب و قدح شاي مكسور " المسير صعب جدا و الانحدار شديد ". بعد تسلق يقطع النفس في هواء عالي على ارتفاع 11000 قدم،يستذكر اللحظة التي تشبثت فيها أمه بقناع الاوكسجين للمرة الأخيرة،تنطفئ مصابيح الأجهزة الطبية و تنسدل الستارة على السرير. يختفي نبات العرعر و تختفي أغنية الطير و يخيم الفريق أسفل مضيق ممر (نارا) على ارتفاع 15000 قدم في التبت،يعدو قطيع من الماعز،كل منها يحمل كيسا من الملح و يتقافز على صوت صافرات قراصنة (هاملا) ذوي القبعات المخروطية. هناك عبر الحدود،على كل الزوار السفر بسيارات اللاندكروزر الى (تاكلاكوت) التي كانت يوما ما عاصمة لمملكة مستقلة. الا ان لوحات الطريق الصينية  المتنقلة حلت محل الرايات الحريرية التي يبلغ طولها 60 قدما و طمست ما بقي من سحر الإقطاعيين. للامام باتجاه (ماناساروفار) يمتد مائتي ميل مربع من الماء على ارتفاع  15000 قدم،انها فردوس متفتح منذ الحكايات السنسكريتية في القرن السادس و لا تزال من اكثر البحيرات قدسية في العالم. هنا قامت أم بوذا بتطهير نفسها قبل ان تحمله في رحمها. (الهندوس أيضاً يبجلون البحيرة). يزور ثابرون كهفا قضى فيه (ييشي تسوغيال) كاهن التبت الأعظم،آخر اسبوع له في غيبوبة قدسية. بالمقارنة مع اغلب معاصريه،عانى ثابرون – خلال مهنته المكللة كسيد للعبة السفر – من المتاعب لكي يكوّن شخصية صعبة الإدراك، لذا فان هذا الكتاب يشق أرضية جديدة. يكتب قائلا" أريد أن ألمس يدا اعرف انها صارت باردة ". في الفصل ما قبل الأخير،يستدعي بايجاز ذكرى شقيقته الوحيدة – كارول – التي ماتت في سن الحادية و العشرين في منحدر على جبال الألب. يشعر المرء بان هناك شيئا ينضج داخل هذا الكاتب منذ نصف قرن. البحث و عدم العثور.. فكرة تتكرر في الكتاب " نظرت من الكهف إلى الأسفل و أنا أتخيله (الزاهد) يتسلق المنحدر باتجاهي،لكن الشاطئ يبدو خاليا ". أخيرا و في ذروة الرحلة و الكتاب،ها هي قبة كايلاس الرائعة " الجبل ملفع بهيبة طاغية تصعب على التصوير ". يتغلغل كايلاس و هو منعزل وراء متراس الهملايا،في كتب الهندوس المقدسة القديمة بصفة جبل  ميرو المعجز. ب

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

"إعادة العرض": لوحات فنية ترصد مأساة العراق

اعتقال صاحب منزل اعتدى على موظف تعداد سكاني في الديوانية

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 

مقالات ذات صلة

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 
غير مصنف

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 

بغداد/ المدى كشف نائب رئيس الأقاليم والمحافظات البرلمانية جواد اليساري، مساء اليوم السبت، عن عودة عقد جلسات مجلس النواب خلال الأسبوع الحالي، فيما أكد عدم وجود أي اتفاق على تمرير القوانين الجدلية. وكان البرلمان...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram