TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > حلبجة. جريمة العصر

حلبجة. جريمة العصر

نشر في: 15 مارس, 2011: 04:53 م

محمد صادق جرادتحتفظ الشعوب بصفحات مضيئة من تاريخها في مقاومة الظلم والطغيان الذي تتعرض اليه في طريقها لنيل الحرية وكرامة العيش .وتعد جريمة النظام المباد في العراق بضرب مدينة حلبجة بالاسلحة الكيميائية احدى صفحات المقاومة العراقية ضد الدكتاتورية التي تعاملت مع مطالب شعبها بوحشية كبيرة وبعنف مفرط يندى له جبين الإنسانية .
ومن الغريب ان ينظر العالم اليوم لما يحصل في اليمن والبحرين ومصر وتونس وخاصة ما يحدث في ليبيا بعين القلق والترقب والإدانة والتنديد لما يقوم به نظام القذافي من قمع للثورة واستخدام الجيش للأسلحة في قتل الشعب بينما لم نشهد في 16 /3 /1988 أي موقف عربي او دولي يستنكر ما فعله نظام صدام بالشعب العراقي عندما استخدم أسلحته الكيمائية المحرمة دوليا ليقتل أكثر من 5000 مدني من الأطفال والنساء والشيوخ في ظل الصمت والتعتيم الإعلامي إضافة الى غياب صوت المنظمات الإنسانية المتشدقة بحماية حقوق الإنسان والتي ثبت انها تكيل بمكيالين بما يتناسب والمصالح الغربية والامريكية .ومن خلال قراءة لتاريخ العراق السياسي الحديث نجد ان المواطن في هذا البلد عانى عبر عقود طويلة من الاستبداد والظلم نتيجة ممارسات النظام الشمولي السابق الذي بنيت دعائمه على أساس التمييز العنصري والطائفي والقومي, حيث حكم البلاد لفترة طويلة حاول خلالها إدامة بقائه في السلطة عبر استخدام وسائل العنف والتخويف والتصفية الجسدية إضافة إلى سياسات أخرى  تجسدت في زج البلاد في حروب جرت على الشعب ويلات وكوارث مازال يدفع ثمنها حتى اليوم . وعبر تلك الفترة وجدنا ان النظم العربية كانت تستغفل حاكم العراق لتجعل منه أداة وسلاحاً في مواجهة ما تعتبره الخطر الإيراني عبر مواجهة دامت لسنوات تلقى فيها النظام الدعم والمساندة من قبل هذه الأنظمة لديمومة هذه الحرب التي دفع الشباب العراقي دماء زكية خلالها ولكننا وجدنا ان طاغية العراق تحول بعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية الى مارد كبير ابتلع دولة الكويت الدولة العربية الجارة ليوغل في ارتكابه للجرائم ضد شعبه وضد الشعوب الأخرى . وكان من الطبيعي ان يكون هناك رد فعل لهذه التراكمات من الممارسات الحمقاء والتي زادت من أعباء المواطن العراقي وفاقت قدرته على التحمل وهذا ما مهد لموقف معارض من قبل الشعب لسياسات النظام وان هذا الموقف انما جاء كنتيجة طبيعية للمعاناة التي يشعر بها الشعب العراقي على مدى حكم الدكتاتورية البغيضة .وهكذا نجد ان نظام صدام كان المسؤول الأول والأخير عما لحق بالشعب العراقي من ويلات ومن عقوبات دولية وإجراءات كان لها دور في تقييد حرية العراق وسيادته الوطنية .كل هذه العوامل شاركت في اتخاذ الشعب العراقي بصورة عامة والكردي بصورة خاصة موقفا معارضا لسياسات النظام  كتعبير عن الرفض لحالات الإحباط التي يعيشها الإنسان العراقي على مدى سنين حكم النظام وشعور الإنسان العراقي بالرغبة في تمزيق القيود التي تكبله عن التعبير عن موقفه تجاه النظام الذي لم يجر على بلده غير الحروب والويلات على الأصعدة الداخلية والإقليمية والدولية . ما نريد ان نصل إليه في الختام ان إرادة الشعوب تنتصر في النهاية مهما استخدم الطغاة من أسلحة ومارسوا تعتيما إعلاميا وحاولوا التهرب من جريمتهم وإلصاقها بالآخرين إلا أن الحق ظهر في النهاية وانتصر شهداء حلبجة على الحكام وأزلامهم الذين نالوا القصاص العادل وتم إعدامهم بعد محاكمة عادلة وليدخلوا التاريخ من أقذر أبوابه .وعلينا اليوم ان نعطي للحادثة حقها في التوثيق والتقدير والاحترام فلابد ان تكون في المناهج الدراسية ليعلم أبناؤنا تاريخ أجدادهم العظام من الذين وقفوا بوجه اعتى الأنظمة الفاشستية لنظهر للعالم عظمة هذا الشعب المظلوم .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram