TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > العلمانية

العلمانية

نشر في: 18 مارس, 2011: 04:47 م

غي هارشير ترجمة: رشا الصباغسعياً لوعي ينفتح على مديات تنويرية هي من مستلزمات البناء الديمقراطي الجديد، وتحصيلاً لفائدة الاطلاع على تجارب العالم في الارتقاء بالانسان وحقوقه، تعيد آراء وأفكار  نشر كتاب العلمانية، على حلقات، للكاتب غي هارشير وبترجمة رشا الصباغ.
(الجزء الثاني عشر)وتطييفيّ: ذلك أنّ الكنائس ستعيد تشكيل طوائفها وستستعمر المجال العامّ من جديد مشكّكة بالعلمانيّة الجمهوريّة. أجل، إنّ الليبراليّة والتطييفيّة هما من وجوه عدّة متضادتان كلّ التضاد: فبينما تدافع الأولى عن حقوق الاستقلال الفرديّ، تناصر الثانية حقوق (أو تقاليد) الجماعة. ولكن كلتيهما تلتقيان في نزوعهما إلى إضعاف الدولة العلمانيّة المتجلّي في اختزالها إلى الحدّ الأدنى. تُمكِّن الاثنتان إذن (المجتمعَ)، الذي صار يُنظر إليه كمكان وحيد لتشكيل القيم، من استردادها. والحال أنّه لا يخفى على أحد أنّ الأفراد الناشئين ضمن تقاليد مختلفة اختلافاً جذريّاً لن يستطيعوا أن يتواصلوا وأن يكوّنوا، متجاوزين انتماءاتهم المتعدّدة، (طائفةً من المواطنين)، وفقاً لتعبير دومينيك شنابر التي أكّدت أنّ الليبراليّة لا تشجّع بشكل مباشر على جعل المجتمع عشائريّاً، ولكنها تحرّض على ذلك بطريقة غير مباشرة بإضعاف توازنه الوحيد الممكن، المتمثّل في دولة (جمهوريّة) قادرة على تجسيد أمّة ديموقراطيّة ومنفتحة. إن مجتمعاً مركّباً من نوى خاصّة ومن (مستهلكين) أو من طوائف متعايشة ببساطة قد يشكّل خطراً أساسيّاً على المواطنة، أي على المساهمة المسؤولة لكل فرد في (الشأن العامّ). سوف نستخلص النتائج الفلسفية لذلك في ما بعد؛ ولكن ما سيبدو لنا للتوّ لاحقاً، هو أنّ تنامي سلطة الجماعات الدينيّة المتواكب مع ضعف الدولة التي (دجّنتها) تلك الجماعات، يمكن أن يكون له تأثير وبيل على مبدأ حريّة التعبير.rnV - الحريّة الدينيّة وحريّة التعبير1- حكم هانديسايد  تظهر أهميّة الدين في المجتمع بصورة خاصّة من خلال الطريقة التي تتعامل بها الدولة مع التجديف. وقد رسّخ قرارٌ لمحكمة حقوق الإنسان في ستراسبوغ (قضيّة هانديسايد) منذ زهاء عشر سنوات، أحكام المعاهدة الأوروبيّة لحقوق الإنسان بخصوص حريّة التعبير:  ( تشكّل حريّة التعبير أحد الأسس الرئيسيّة لأيّ مجتمع ديموقراطيّ وهي تسري أيضاً على الأفكار التي تؤذي أو تصدم أو تقلق.)  الأقوال الصادمة مغطّاة إذن بالمادّة 10 من المعاهدة، تلك التي تكفل حريّة التعبير. بيد أنّ هناك بالطبع حدوداً لتلك الحريّة: (ممارسة هذه الحريّات... قد تخضع لبعض... القيود المنصوص عليها في القانون، والتي تشكّل إجراءات ضروريّة، في مجتمع ديموقراطيّ، للحفاظ على الأمن القومي، ولسلامة الأراضي، والسلامة العامّة، ولحفظ النظام ومنع الجريمة، وللرعاية الصحيّة والأخلاقيّة، ولحماية السمعة أو حقوق الغير...)  ولكن مثل تلك الحدود، كما نرى، قد تمّ حصرها بصرامة وينبغي في جميع الأحوال اعتبارها (ضروريّة في مجتمع ديموقراطيّ). كثيراً ما تبنّت محكمة ستراسبورغ موقفاً ليبراليّاً في هذا الشأن. والحال أنّ حكماً أصدرته (قضيّة Otto-Preminger- Institut)1  في عام 1994 قد زجّها في منحى مقلق: فقد كانت شركة أوتو- بريمنغير، ومقرُّها إينسبروك، تريد عرض فيلم لفيرنر شرويتر، يرتكز على كتاب كلاسيكيّ (ومعاد للكاثوليكيّة بشدّة) لأوسكار بانيتزا يدعى مجمع الحُبّ  Le concile d'amour. دعاوى جزائيّة أقامها النائب العام بناء على عريضة قدمتها أبرشيّة كنيسة إينسبروك الكاثوليكيّة الرومانيّة، معتبرة أن بثّ فيلم كهذا إنّما هو محاولة (لتحقير التعاليم الدينيّة)، وهي مخالفة يعاقَب عليها وفق المادّة 108 من قانون العقوبات النمساوي. أمرت محكمة إينسبروك الإقليميّة بحجز الفيلم الذي لم يعد إذن من الممكن عرضه؛ وقد رُفض طلب استئنافٍ تقدّمت به شركة أوتو - بريمنغير.في 10 تشرين الأوّل / أكتوبر 1986، أصدرت محكمة إينسبروك الإقليميّة أمراً بمصادرة الفيلم؛ ورفض النائب العامّ تقديم طعن لدى المحكمة العليا النمساويّة. رُفعت القضيّة عندئذ إلى لجنة حقوق الإنسان، ثمّ إلى محكمة حقوق الإنسان في ستراسبورغ التي، ولدهشة العديد من رجال القانون المختصّين بقراراتها واجتهاداتها، حكمت لصالح القضاة النمساوييّن مستندة إلى القيود الموضوعة على حريّة التعبير، وهي في هذه الحالة الاحترام، المشار إليه في الفقرة 2 من المادّة 10 من الاتّفاقية المذكورة أعلاه، الواجب تجاه حقوق الغير. أكّدت المحكمة أنّ حريّة التعبير، يجب أن تمارَس، كما تقتضي المادّة 10، مع الاضطلاع بـ (الواجبات والمسؤوليات). والأمر يتعلّق في هذه الحالة بتجنّب تعابير تحمل (إساءة مجّانية) للآخرين، وتشكّل بناء عليه اعتداءً على حقوقهم. كما تابعت المحكمة التأكيد على إمكانيّة اعتبار معاقبة أشكال التهجّم المتضمّنة إهانة للمواضيع التي تحظى بإجلال دينيّ، أمراً ضروريّاً في المجتمعات الديموقراطيّة؛ وعليه، فقد اعتبر قضاة ستراسبورغ، وبطريقة أثارت استغراباً عظيماً، بأنّه لم يكن هناك خرقٌ للمادّة 10 من الاتّفاقيّة. كانت هذه على الأرجح المرّة الأولى في تاريخ المحكمة

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram