اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > الخالة تولا

الخالة تولا

نشر في: 18 مارس, 2011: 05:57 م

زينة الربيعي خيرتروديس او تولا ,المراة ذات العينين الحداديتين ,صاحبة كنز عذوبة ورقة سرية وعي في العشرين من عمرها ,ان تجعل من حياتها مهمة محددة :-استسلام كاسح تضحي فيه بنفسها.رواية (الخالة تولا) للكاتب ميغيل دي اونامونو رواية ذات طابع خاص فريد من نوعه ذات سرد واقعي لحد المرارة,قام بترجمتها للعربية صالح علماني وطبعت بدار المدى للثقافة والنشر في دمشق عام 2009.
تتحول بطلة الرواية تولا الى (ثيلستينا) مبكرة لغراميات اختها روسا مع الشاب راميرو,تعمل على تزويجهما بماهو اقرب الى الاكراه ,وتختار بتصميم حاسم لارجعة فيه ان تكرس نفسها جسدا ورحا لرعاية ابناء اختها ,وهم ثلاثة وتفعل ذلك في بداية الامر كخالة كلية القدرة ,بطريقة أقرب الى التعسف في حلولهامحل أم الصغار الحقيقية وما أن تموت الام حتى تصير الخالة تولا أما معلنة, مع الحفاظ طوال الوقت على عزوبيتهاوتظل حتى أخر ايامهاامامعلنة _وليست زوجة اب بأي حال_ للصغار الثلاثة ومن سيأتون من الاغواء المشين لخادمة.معنى صارم للواجب يستند الى تدين متزمت موروث عن الاسرة يجعل من تولا عذراء أما او اما عذراء تدافع بالبسالة نفسها عن حدي هذا التناقض بالغ الوضوح .من هذا الدفاع المتصلب والقاسي المتزامن في حدين متعارضين تنشأ مأساتها ,نسخة مفخمة للنزاع الداخلي المعهود,لصراع شخصيات اونامونو التقليدية الاحتضارية التي لاتجد لحظة سلام واحدة ,ولايوفرها الكاتب لنا نحن قراء قصصه. غير ان مأساة تولا لاتستند الى اهتزاز الجسر الواصل بين الضفتين-الامومة والعذرية-في سياق الحياة الفيضاني المندفع. انها تستند الى الرغبة الجنسية .ومن دون مسكنات بل بأسراف متعدد الوجوه يصف اونامينو تولا كانها بركان على وشك الانفجار طنجرة ضغط جنسي غير مشبع ومتلهف ,يهدأ بدفقات بخار روخانية مؤكدة,أجل ولكن بتحويل مفاجئ ومتسام للرغبات الجسدية المشتهاة.وتبدأتسلسل الرواية بتقديم كافي ووافي عن مجمل الرواية وشرح للحالة الانفرداية التي تمر بها بطلة الرواية وشرح كذلك صفات كتابية عديدة للكاتب أونامونو وتليها مقدمة نعتت في الكتاب انها غير ضرورية ولكنه بزهوه المعتاد يضع الخالة تولا في هذه المقدمة في مدار تيريسية وكيخوتية وفي مدار مأساة انتيجون الكلاسيكية .لا يمكن الاعتراض على اي شيء ويمكن مجاراة المؤلف ,وخاصة من منطلقات اكاديمية وتعليمية .اما بعيدا عن هذه المنطلقات فان ما سيراه قارئ اليوم في قراءته السريعة لهذه القصة هو انها ميلودراما كآبة وعدم أحتشام ,ربما اشبه بنسخة مختصرة لواحدة من الرويات المطولة التي شاعت في القرن التاسع عشر .وتلي هذه المقدمة الرواية كاملة من بداية شرح لحياة الفتاتين تولا وروسا وحياتهم مع خالهم القس النبيل ومرورا بطريقة تعرف روسا الى حبيبها وزوجها فيما بعد ,وتتخلها لقطات درامية في وصف مسهب عن طبيعة الخالة تولا وتسلطها المفرط باختها ,وتيتمهم المبكر المصحوب بأحتشام وتربية محافظة جدا.وبعد زواج روسا وتكوين عائلتها بدات التحكمات الواضحة جدا للاخت تولا وخصوصا بعد انجاب الاخت لاولادها حيث تتضح صورة الخالة على انها الام المستترة بستار الخالة ..وبعدها تستمر الاحداث بعد وفاة اخت روسا والخال النبيل وانتقال تولا للعيش مع الزوج وابنائه كأم معلنة وليست كزوجة أب والى باقي سرد الرواية ..ان تفحص المغالاة الاونامونية في ميدان الدين والفلسفة,وأقحامها بخطورة دون شك –مسألة "الاختية " في المقدمة وال"التنحيل"في المتن _ في سياق الحبكة الروائية ,لايمكن له ان يغمض عيوننا عما هو جلي اننا حيال قصة ايروتيكية مكشوفة ,وربما من أشدها دويا وتوترا وارهاقا ومرضية في الأدب المكتوب بالقشتالية في القرن العشرين .منذ البدء يعرف ان تولا تشعر بميل نحو راميرو,زوج اختها, ولكنها تصر حتى وهي تحت سقف البيت نفسه ,على أبعاد تلك الكأس وتغيطتها بالاسمنت ((انه ابن اخر لي )) ,تقول عن راميرو,مخادعة نفسها ربما وربما انطلاقا من قناعاتها الدينية الحاسمة,يبرز عند تولا –بسبب تحفظ اخلاقي حيال الجنس ومايتبعه من خطيئة الجسد –كره عميق للنساء وخوف من الرجال .نفور جسدي من الرجال "هذا الكائن الفظ" على حد قولها , المرتبط فقط ولايمكن ان يكون غير ذلك بتنامي حدة رغبته كرجل, رغبة راميرو. تتحصن تولا في واجباتها الامومية تتمون بوحدة حميمية وروتين ممل ,تدفع اشرعتها بالريح السخية لحماسة قداسة مضمرة ,تخدر غريزتها بلهفة عظيمة للطهارة والنقاء,ولكنها في ذلك كله لاتتوصل الا الى ان تفرخ من الرغبة الجنسية برعما يلامس كيلا نقول يعانق, السادية المازوشتية.تنتصب فوق تسلطية متشددة –"كفى"-تقول الخالة تريدها طيبة النوايا بينما هي متداخلة مع مفهوم للواجب متطلب ومتضخم, تعاني تولا وتجعل كل من حولها يعانون,تدفع نفسها وتدفعهم الى قدر مؤلم وتعيس ,متحكمة بحياة الجميع وحياتها من برج حراسة النرجسية ,حب الذات والعجرفة ,امر تتعرف اليه هي نفسها عندما يتحول بناؤها الحديدي الصارم الى انقاض وتجري الحساب مع شبح الفشل .المعركة بين ملاك الروح وشيطان الجسد بين يدي اونامونو المعرض للمحن والشدائد تترجم الى جو مشحون بحسية تزداد بريقا كلما انكرت نفسها او تقنعت بتعبير حذر, فتنفجر وتتمزق بعنف وميض جنسي دفين.النص المترع

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram