TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > الهويات العميقة وصناعة الحروب المفتوحة

الهويات العميقة وصناعة الحروب المفتوحة

نشر في: 19 مارس, 2011: 05:17 م

علي حسن الفواز(2-3)أزمة تاريخ الدولة.. أزمة وجودها وهوياتها.من أخطر هذه انكشافات هذه الدولة هو أزمة علاقاتها الصراعية تاريخيا بين مكوناتها، وفي سياق في علاقتها بالآخر، إذ ان خروج هذه العلاقات من منطقة التعايش القهري، والمسكوت عنه الى المنطقة المتفجرة بالازمات وعلاقات الصراع والشكوك والحروب السرية، يعني ان هذه الدولة قد تحولت الى منطقة الجغرافيا الساخنة، تلك التي تملك الاستعدادات الكافية لأن تتحول إلى أمكنة حروب ثقافية معلنة، والى بيئة نفسية لا اصطناع المواقف والفتاوى التي يقود الكثير من حلقاتها أصحاب التيارات الأصولية  وأجهزة الإعلام المضللة،
 وبعض قوى اليسار الجدانوفي فضلا عن بعض أصحاب النزعات القومية المتطرفة  في الثقافة العربية والذين وجدوا في هذا الصراع هامشاً لانتهازيتهم وتسويق شعاراتهم الفضفاضة، تلك التي تكرست في ظل أنماط الحكم التقليدي(حكم الرجل الواحد، والهوية الواحدة، والايديولوجيا الواحدة) والتي استشرفت سيرورتها من خلال الانقلابات العسكرية، او من خلال التوريث المحمي بسلطة القوى الدولية المهيمنة على المنطقة منذ نهاية الحرب العالمية الاولى، والتي صنعت الكثير من الدول بدءاً من دولة إسرائيل وانتهاء بالدولة السعودية ذاتها. وإن ما يسمى بالصراعات العربية التي عاشها تاريخ هذه الدول هو في حقيقته جزء من التباسات المصالح، وطبائع الصراعات الدولية القطبية بين أمريكا والاتحاد السوفيتي السابق، والتي وضعت الهزائم العربية في صراعها التقليدي مع الآخر، بمثابة التعبير التاريخي عن النزوع الى فرض هيمنة لتوزيع مصادر القوة، والى فرض الشكل التقليدي للدولة المصانة بنوع من هيمنة فرض الهويات العميقة، والذي قد يدفع الى استقراءات مريبة لطبيعة هذه الهزائم، ودور دول معينة في معطياتها، أي ان نمط الدولة العربية في مرحلة ما بعد 1967 هو غير نمط الدولة ما قبل هذا التاريخ، فالعديد من الدول قد تم تحييدها بالكامل لصالح مشاريع المصالح الأمريكية ومنها مصر ودول الخليج والأردن، وان بقاء دول أخرى خارج هذه اللعبة يعني استهلاكها بالكامل مابين نزعات معقدة للتسليح الذي يستهلك اكثر من نصف ميزانياتها تحت يافطة التهديد الدائم، وإبقاء شعوبها تعيش ازمات الفقر والتردي التنموي الاقتصادي والبشري،  فضلا عن ان هذه الأزمات خلقت من جانب آخر تشويها أخلاقيا لحركات التحرر العربي من خلال فرض أنظمة سياسية لاتقبل بالحريات والديمقراطية ولا بالتداول السلمي للسلطة، التي تحولت في الادبيات السياسية والايديولوجية والاعلامية الى مصادر ترويج للبضاعة الغربية، ولتمرير مشاريعها السياسية وهيمناتها، وهذا ما أسهم في صناعة أشكال مرعبة من الاستبداد السياسي وأنظمة الحكم القمعية التي أوهمت شعوبها بالخطر الرأسمالي و(الحروب البرجوازية) والتي قادت في ما بعد الى التورط في أزمات تنموية وحضارية والى صراعات داخلية امتدت الى اغلب الدول، والتي نشاهد الآن تداعيات تراكمها التاريخي من خلال الانتفاضات والثورات الشعبية. مقابل كل هذا، كان هناك الكثير من القوى السرية التي عمدت الى إيجاد مساحات لافتعال صراعات غير متوازنة مع القوى الدولية والتي أسهمت في تأجيج مظاهر التطرف الديني، والتطرف اليساري، والى اتساع ظواهر اكثر تعقيداً من الصراعات الباردة بين الاتجاهات الراديكالية في الدين والسياسة مع اتجاهات موالية لماهو تقليدي، خاصة تلك التي ترتبط بأنظمة الدول التقليدية التي تعيش حمائيا تحت شرعنة المصالح الغربية لأنها تحوز مصادر الثروة النفطية الكبيرة، والتي يجعلها تتحكم بقوة الطاقة، وقوة المصالح، والتحصّن بنوع من العلاقات الدولية الكافلة لضمان استمرار الحكم فيها رغم ان أنظمتها السياسية البالية تعيش بعيدة عن اية شرعية دولية، ولاتضمن فيها ابسط حقوق الإنسان في الحرية والمعيش والرفاهية والعدل والمساواة والتعبير، ومنها الحقوق الهوياتية والأخلاقية والثقافية.هذا الوجه البشع لهيمنة النظام الدولي، هو المسؤول عن إنتاج ظواهر هذه الدول، والتغافل عن جرائمها، وسياساتها، وربما هو المسؤول حتى عن إنتاج وبقاء أشكال الهويات المتعظية فيها، تلك تؤمن بقوة المركز المالك للهوية الابوية والطارد لاي وجود تمثيلي للهويات الاخرى، لان هذه الهويات المنغلقة، ظلت غير مؤثرة، إلاّ عندما تحولت الى مشكلة تهدد الداخل الغربي الامريكي، عندها اضحت مشكلة دولية كبيرة، وذات تحديات تكلّف ميزانيات الدول الغربية وامريكا المليارات الكثيرة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram