الكتاب جيبوتيالمؤلف: ايلمور ليوناردترجمة:عبد الخالق علي أحدث روايات ايلمور ليونارد، و هي الرابعة و الأربعين في تسلسل رواياته، تأخذه إلى ما وراء الشواطئ الأميركية، بعيدا خارج الجذور الإجرامية – ديترويت، ميامي، هوليود – التي يمتلكها بشكل او بآخر، عميقا الى بقعة غير مألوفة لكنها تبدو مغرية و مأخوذة من عناوين الصحف البارزة. كما يوحي العنوان، فأن رواية " جيبوتي " قد كتبت في القرن الأفريقي، و هي تحكي كيف ان (دارا بار) – الوثائقية البارعة – تنطلق مع ذراعها الأيمن – خافييرليبو – لتصنع فيلما عن القراصنة الصوماليين الذين يختطفون السفن في خليج عدن.
دارا - بطلة ليونارد - ثابتة العزم، ذكية، نزقة، مثيرة، خطفت الأوسكار و لا تزال تبدو دافئة ببنطالها القصير و مشد الصدر. اما خافيير البالغ الثانية و السبعين من العمر و طوله ستة أقدام، فانه أميركي من أصل أفريقي. سبق و ان اجتمعا في فيلم دارا عن إعصار كاترينا، و الآن يعملان كفريق. أما الممثلون – كما يتصور القارئ – فهم ليس (جي لو) و (كلوني) اللذين شاركا في فيلم " بعيدا عن الأنظار " لستيفن سودربرغ – و هو الكتاب الكلاسيكي لليونارد في أوائل التسعينات-، و انما هم انجلينا جولي و مورغان فريمان أو صامويل جاكسن. في الحقيقة ان دارا و خافيير قد التقيا بالقراصنة و بالدبلوماسيين و المتطفلين المريبين، و باولئك المتواجدين هناك الذين لا تعرف دوافعهم. هناك المليونير بيلي واين من تكساس، الذي يبدو انه قد علق بصنارة السي آي أي و بالشقراوات الجميلات الظريفات اللواتي يأملن الزواج به، و هناك جيمس راسل و جاما الأمريكي او جاما رسولي - متعاطي المخدرات صغير الشأن من ميامي الذي ينظر للإسلام على انه " طريق الانطلاق " (في معانيه المتعددة) و الذي يتحول الى إرهابي " لم يكن يرى ان كون الفرد جهاديا يجعله خائنا أكثر من بيع المخدرات او امتلاك محل لبيع المشروبات الكحولية ". الآن ينظر جاما الى سفينة مختطفة مليئة بالغاز الطبيعي السائل ؛ أي انها قنبلة عائمة، و يتأمل جاما السافل ان يفعل شيئا رائعا من أجل القاعدة. كالمعتاد، يستخدم ليونارد الحوار و تبديل وجهات النظر من أجل عرض التعقيدات و المفاجآت. و بالقليل من النجاح يؤطر القسم الأكبر من العمل ضمن خطة دارا و خافيير، و يراجع الشريط السينمائي الذي أنجزاه، و يختبر كلا منهما عما رآه و سمعه و في نفس الوقت يحاول فرز ما سيكون عليه فيلمهما. و بهذا الشكل يطرح ليونارد سؤالا موضوعيا " كيف يمكن تعديل و توفيق الحقيقة المشوشة المعاصرة؟" و بينما هو يقطّع رواية " جيبوتي " فانه يشعر بان البحث فيها قد زاد كثيرا. يبقى ليونارد هو ليونارد، معظم الحوار و انماط الكلام جميلة جداً. اللغة و الرطانة تجعلنا نلتفت الى هذا المؤلف، اذ انها تكون مفاجئة أحياناً و في أحيان أخرى تنبسط بذكاء و بشكل لطيف " تنحني دارا لتطبع قبلة على فم خافيير و هو ينظر إلى صدرها من حافة البكيني الذي ترتديه ". رواية " جيبوتي " لن تسقط مثل حصاد العنب، و لا يزال ليونارد – وهو في الثمانينات من عمره – يدفع واحدة من انجازاته المتقنة التي لا خلاف فيها، إلى هذا الباب من أبواب الأدب.
جيبوتي وقراصنة الصومال
نشر في: 21 مارس, 2011: 07:24 م