الكتاب: حياة رومان غاريتأليف: ديفيد بيلونترجمة: إبتسام عبد الله في عام 1975، أثارت رواية إيميل أجاز الثانية التي تحمل عنوان،" الحياة من قبلنا "، ضجة كبيرة في الأوساط الثقافية الفرنسية، وكانت تتناول ذكريات صبي عربي نشأ في ضواحي باريس، وحافلة بعبارات باللغة الدراجة، وشخصيات غريبة، وقد امتدح النقاد تلك الرواية،
ورشحت لجائزة الكونغور (المعادلة لنوبل في فرنسا)، وفازت بها، لتغدو بعد ذلك الأكثر بيعاً في البلاد، ثم كشفت الصحف عن الحقيقة، وهي إن أجار كان اسماً مستعاراً للكاتب رومان غاري (الروائي الشهير الذي فاز مسبقاً بالكونغور – التي تمنح مرة واحدة فقط- ولذلك السبب، كتب غاري روايته الثانية باسم ايميل أجار، ليفوز بالجائزة الثانية.وفي هذه السيرة عن حياة رومان غاري، يبدو المؤلف ديفيد بيلوز، غير متعاطف مع الروائي الذي يتناول أعماله، ويصفها بأنها متوسطة الجودة، ولكنه يستخدم حياته بشكل بارع للتوصل إلى صلة ما بينها وبين أعماله.وهذه الملاحظات لا تقلل من شأن الكتاب، الذي يستمد أهميته من اسم رومان غاري وحياته الحافلة. وقد سبق لعدد من كتاب السيرة، تناول حياة هذا الروائي الفرنسي. الذي عاش حياة غير اعتيادية أشبه بالأسطورة. والسيرة التي كتبها جورج بيريس عام 1993، تعتبر أفضل من هذه السيرة الجديدة لبيلوز، ومع ذلك فإن حياة غاري الحقيقية تفوق ما كتب عنها حياة مثيرة، ورحلات جوية إبان الحرب، وزواجه من ممثلة شهيرة وهي جين سيبرغ وعلاقاته المفرطة بأخريات. وقد استعار غاري أسماء عدّة قبل أن يستقر على ايميل اجاغر، واصدر العديد من المذكرات بعضها، كما يعتقد النقاد مفبركة.ولد رومان غاري في عام 1914، في بلدة تعرف اليوم باسم ليثونيا، في بولندا. افترق والداه وهو في سن مبكرة، وانتقلت الأم مع ابنها إلى فرنسا، وانتمى إلى السلاح الجوي وعندما شبّت الحرب العالمية الثانية، فرّ غاري إلى انكلترا، عبر المغرب، منضماً إلى قوات فرنسا الحرة. بزعامة ديغول. وفي نهاية الحرب، لم يبق على قيد الحياة من رفاقه إلاّ خمسة.وفي تلك المرحلة، كان قد اصدر روايته الأولى وتزوج ليسلي بلانش، وهي كاتبة انكليزية، أدخلته إلى أوساط المجتمع الراقي، ولم تهتم بعلاقاته الأخرى مع النساء، وفي أعوام الأربعينيات والخمسينيات، عمل رومان غاري في السلك الدبلوماسي الفرنسي، حيث ذهب مع زوجته الى بلغاريا، سويسرا ونيويورك ولوس أنجلس، حيث كان يتولى منصب القنصل الفرنسي العام، ويختلط مع الأوساط السينمائية، وفي نهاية الأمر، انفصل عن زوجته الأولى وتزوج نجمة السينما، جين سيببرغ.وقد كتب غراي عدة روايات باللغتين الانكليزية والفرنسية، مترجماً بنفسه تلك الأعمال، من لغة إلى أخرى، وكانت أعماله جيدة وتنال دائماً الجوائز الأدبية، وتحقق أعلى المبيعات، والعديد منها تحولت إلى أفلام سينمائية، وتحول عبر تلك الأعمال إلى نجم في عالم الأدب.ولكن الشهرة الأدبية، لا تستمر إلى الأبد، فهي بحاجة إلى دماء جديدة، فهو في بداياته الأدبية كان شاباً وسيماً وغير معروف، وعندما أصبح في السبعينيات من عمره، غدا شيئاً مألوفاً، لا يقدم الجديد، ولم تعد كتبه تحقق ذلك النجاح السابق، فكان عليه آنذاك أن يبتدع لنفسه هوية جديدة، رجل أقل سنّاً متعاملاً مع العصر الجديد وأفكاره، وهذا خلق شخصية أيميل أجار.ونجاح رواية،"الحياة من قبلنا"، حولت ذلك الاسم المزيف، أجار، إلى نجم شهير في عالم الأدب، لا يمكن الاختفاء تحت اسم مستعار والأقنعة السرية. وطلب غاري من احد أقاربه، بول بافلوفيتج، الاعتراف بأنه،"إيميل أجار"، ثم قام بكتابة رواية قصيرة في ستة أسابيع، باسم بافلوفيتج. وقد حقق الأخير شهرة واسعة وحصل على إطراء النقاد، وبعد نجاح الروايتين، أصيب غاري بحزن ويأس، لأنه لم يكتبها باسمه، وإن النجاح كان من نصيب قريبه، أو كما يقول كاتب السيرة،" أفضل أعماله الإبداعية لا تنتمي إليه بسبب تلك الأسماء المستعارة".ويبدو أن الجهد الذي بذله لخلق " أيميل أجار"، قد استفزه. إذ إنه في أواخر حياته، أصدر روايتين، واحدة باسمه والأخرى باسم أجار، ثم أطلق رصاصة على رأسه وهكذا تحولت حياته إلى حكاية أشبه بالأسطورة.rnعن/ الغارديان
رومان غاري وأسماء مستعارة
نشر في: 21 مارس, 2011: 07:26 م