اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > نصيحتي لكم: أن تَسْقطوا بهدوء!

نصيحتي لكم: أن تَسْقطوا بهدوء!

نشر في: 26 مارس, 2011: 06:35 م

ياسين طه حافظ كما، ترون، يا بعض "الرؤساء"، إني أتحدث بعبارة لا تخلو من تعاطف وإن كانت تنزع إلى مالا يرضيكم. لكني، كما ترون أيضاً، أتمنى لكم انسياباً هادئاً ومحترماً. فذلك هو ما يتناسب والملوك والأمراء ورؤساء الدول المترفين ذوي السلطان فهم ما اعتادوا خشونة الكلام فكيف بـ"خشونة الأحداث" وفظاظة "الرعاع"؟ لا تشككوا بعبارتي "انسياباً محترماً"، وبخاصّة "محترماً" أنا أعرف بأنكم ترتابون في كلامي وان الاحترام الذي أتمناه لكم ليس "خالصاً". لأنكم تعرفون بأنكم وصلتم إلى كراسي الحكم بصورة غير محترمة. ولذلك صعبٌ على خيالكم، وعلى خيال أي عاقل، ان تخرجوا من الحلبة مطرودين ومحترمين. هذا تناقض يصنع التآلف بين نقيضيه الأدب، لا الحياة!
لكن، أيها السادة، أنا صادق في كلامي، فقد علّمنا "سرفانتس" ، صاحب "دون كيخوتة" ان يمكن ان تكونوا خاسرين ومحترمين. هل تذكرون قوله؟ لا تتذكرون؟ حسناً اذكّركم بقوله بعد خيباته العديدة، قال لصاحبه وهما عائدان: "لندخل قريتَنا باحترام!" إذن يمكن ان تكونوا خاسرين ومحترمين باستثناء واحدٍ هو ان تكونوا مطرودين من شعوبكم بعد دمٍ وبعد قتال .. نعم، هنا، ان تظلوا محترمين، مسألة فيها الكثير من المجاملة، بل ومجاملة مفضوحة حدّ السماجة. لأنه احترام مصطنع، مثيل لما يقدّمه رؤساء العالم لا ولكم التابعة، يا أصدقائي الأتباع! وانا لم اقل "الخونة" حتى الآن ...ليكن حديثي جذرياً. أعني ان يكون سياسيَ المنطلَق: لقد جاءت بكم للرئاسات قوى دولية. يمكن إيجازها بثلاثية أمريكا بريطانيا فرنسا. وهي التي هيّأت جوّاً احتفالياً بالنصر إثر انقلاب او ثورة، هي في حقيقتها إكروباتيكيات سياسية. وهذه أمور تعرفونها معرفة تفصيلية و "تنظيمية" و "تلقينية" و "اتفاقات" على شروط وعلى أهداف وسبقتها، يا سادتي، "تربية" بمدارس "خاصة" واجتماعات قبل التنفيذ للتأكيد على "افضليات" والتأكد من حفظكم للدرس، سواء لإثارة نزاعات مع دول مجاورة او وقوفا ضد الاتحاد السوفيتي في زمنه، وضد أهدافه وأنصاره، او من اجل آبار النفط ونوع الاهتمام بها، او بتحقيق أهداف على الحساب كأن تقوموا بأفعال، حروب مثلاً، بالنيابة!هذه الدول، أعني تلك القوى المُحِبّة التي جعلتكم حكاماً وقادة وأوصتكم بحماية النفط ومكافحة الأفكار المتطرفة وما قد يسيء الى مصالح الدول الصديقة (حلوة الصديقة ها؟) او الحليفة..، هذه الدول بعد سنين تكون قد هيأت برنامجاً آخر، ستراتيجياً جديداً يتناسب والعصر. يتناسب وتطور الثقافة وضخامة المنجز الإنساني في العلوم والدراسات الاجتماعية والقانون واتساع الحاجة للحريات. يقابل هذه ازدياد الحاجة لضمان حركة قواتها وأسلوب التعامل مع الشعوب..لذلك، وكما جاءت بكم لمصالحها، تتخلى عنكم لمصالحها. هل هي سيئة؟ أبداً! ذلك تخصصها. هم يعملون لمصالح بلدانهم وانتم، يا سادتي، (ما تزالون حتى الآن "سادة" ..)، أقول وانتم يا سادتي تبيعون مصالح بلدانكم لكي ينال احدكم رئاسة، زعامة، سلطاناً ... الخ. وهي صفقات تمت برضا الطرفين...بهذا الوعي، اعني لهذه الأسباب والتحولات الموضوعية، الحتمية، انتم أمام مسألتين: إما العناد الأحمق، غير مصدقين بأنها تتخلى عنكم بعد كل تلك الخدمات، وتواجهون نتائج تندمون عليها، متمتمين ببلاهة، لقد "غدر الغادرون" أو "أمريكا خانتني" او "مش معقول اليحصل ده..". لا ينفعكم الندم على فوات فرصة آمنة وبأقل  الخسائر..، وإمّا ان تكونوا عقلاء تتدارسون الأمور، كما فعل علي زين العابدين وكما فعل حسني مبارك بعد تردد، فانسحب بتعقّل وبإقرار بما "هو مطلوب" ...نعم، أنا أُقدّر جيداً، وعميقا، معاناتكم الشخصية. فقد اعتدتم عقوداً كاملة على الرئاسة والموقع الدولي واحترام زعماء الدول لكم والحفاوات والاستقبالات في العواصم وأيضاً على الأموال والحسابات والمناسبات  والمواكب والفضائيات، تنتظر فرصة للقائكم، وزعماء دول حولكم يرتجون رضاكم وأموراً أخرى "من الدنيا" اعف الآن عن ذكرها...كيف بعد ذلك السلطان الواسع الباذخ، يأتي المنفى ومصادرة الأموال والعيش في ظل آخرين كانوا يرتجون رضاكم، ثم كشف المستور والوثائق و "ما خفي كان اعظم بل كان اخسّ وأدنى واشنع...!.نعم، ليست مسألة هيّنة، هي محنة، مأساة فردية، ان ملكاً او رئيس جمهورية، يعاني حرجاً مثل ذلك. ولكن النتائج الصعبة أو المُفْجِعات، يتناسب حجمها وحجم المرء وأهميته وشأنه! فالراعي قد يطرد من صاحب المال بسهولة ولا يشكل ذلك حدثاً ولا يهتم احد بذكره. والموظف قد يترك وظيفته ومدير الحسابات من مصرف قد يستغنى عنه..، وسوى ذلك كثير. وهي كلها أمور لا تشكّل احداثاً دولية ولا ما يغير خارطة! أمّا ان تكون زعيماً، ملكاً، رئيس جمهورية، قائد "ثورة"...، فتلك طبعاً مسألة أُخرى ..فأنت بما تعاني: إنساناً نتعاطف مع محنته، فرد، صار يعتقد بمرور الزمن عليه، انه صاحب السلطان والرئيس المهاب والشعب "رعيّته"! التحوّل إلى الإقرار بان الشعب هو صاحب السلطان وانه واحد، حتى غير صالح، من الرعية، حدث درامي قد يبعث على الجنون، وفي أفضل الأحوال، لا يتم بسهولة وليس الإقرار به حدث يومي يمكن استساغته .. هكذا ترونني، يا سادة، أقدّر المأساة الفردية لأيّ منكم، ولكنه "الدولاب" السياسي الضخم في العالم الحديث يُسقِطكم واحداً واحداً ولا ينفع بعدُ تعاطفي مع معاناتكم وعذاباتكم الشخصية.أتمنى لكم الحكم

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram