أ.د. حسين أمينالمسؤول الناجح في أي موقع لا يجيء بالصدفة، وإنما يفترض أن يكون الابن الشرعي للنزاهة والتجرد ومخاصمة التحزب لفريق دون آخر، حيث المصلحة العامة تجلس وحدها في مقعد متميز لا يشاركها فيه أحد.والمسؤول صغيرا كان أم كبيرا يفضل أن يكون على قدر واسع من العلم والثقافة والمعرفة، فالتاريخ ودروسه يزيدانه علما بحسنات وأخطاء من سبقوه، وعندما يكون المسؤول على مثل هذا القدر من الثقافة وحسن الفهم والإدراك يصعب على محترفي الوساوس والشكوك والوشايات أن يصلوا إلى داخل عقله أو أن يؤثروا على قراراته، لأن عقله الناضج لا ينفتح على مصراعيه إلا لمن يستشعر أنهم يملكون معلومات صحيحة دقيقة سرعان ما يلتقطها بذكائه الحاد ولماحيته البراقة!
وأنجح المسؤولين هم الذين لا يكفون عن المتابعة والذين يواصلون السؤال عن مصير التوجهات التي أعلنوها والقرارات التي أصدروها لكي يتأكدوا من أن هذه التوجهات والقرارات قد عرفت طريقها إلى أرض الواقع ولم تعبث بها في الطريق أيدي المعوقين والمعطلين الذين لا يعدمون اختلاق الوسائل والتبريرات للتغطية على سلوكياتهم المريضة.والحقيقة أن من أهم واجبات المسؤول الناجح أن يظل على اتصال مباشر مع القاعدة العريضة من مرءوسيه، وأن يتجول بينهم على فترات شبه منتظمة حتى يستطيع أن يلمس على الطبيعة نبض هؤلاء العاملين فينتصر لمصلحة الغالبية العظمى بعد الاستماع إلى الشكايات والهموم الحقيقية، ويتبعها باتخاذ القرارات الفورية التي ترد المظالم وتعيد الحقوق لأصحابها.وعندما تتعلق أبصار الناس وعيونها بالمسؤول الناجح فإن ذلك مرجعه مجموعة عوامل أساسية، في مقدمتها أنه لا يركز فقط على سرد الأوجاع والمشاكل وإنما دائما يسمعون منه وعودا صريحة بأن بمقدور الجميع أن يسهموا في سرعة الخروج من عنق الزجاجة بالتكاتف والحب والانتماء والتوافق على حلول عملية وواقعية تستند إلى العلم والإمكانات المتاحة، وتخاصم بالونات الأوهام وحبوب المسكنات الوقتية أو المخدرة!والمسؤول لا يترك بصمة في موقعه عندما يتركز اهتمامه على مجد شخصي، توهم أنه يستطيع أن يصنعه من خلال تركيز كل الصلاحيات في يديه، وإنما الذي يصنع البصمة الخالدة له ولموقعه هو ما يتركه من أعمال وإنجازات يصعب على أحد مهما يمتلئ قلبه بالحقد أن يمسحها لأنها محفورة ومثبتة على أرض الواقع بحب الناس واقتناعهم بعظمة ونزاهة صانعها!
المسؤول الذي نريده
نشر في: 28 مارس, 2011: 05:19 م