اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > فنون المرايا واقتصاديات السوق

فنون المرايا واقتصاديات السوق

نشر في: 29 مارس, 2011: 05:10 م

علي النجارمالموتحول العدد الكبير من منتجي الفن(الفنانين) إلى عمال ثقافيين في السوق التجاري العولمي الهائل. ذلك راجع لما لحق بالصفة أو الصيغ الفنية التقليدية من تحولات وتغيرات جوهرية في العديد من مفاصلها الرئيسة المهمة. فالعمل الفني بشكل عام يخضع لآليات تنفيذه بمحركاتها الذاتية. لكن ما حدث من تغيرات جوهرية في العديد من طرق ووسائل التنفيذ العمومية(الآلية) التي وفرتها الثورة التكنولوجية بأدواتها الاتصالاتية السائلة وآلاتها الدقيقة والخفية وإعجازها التنفيذي المتقارب والمتداخل حتى بمظهرية الوسائل التنفيذية التقليدية الموروثة من أزمنة الحداثة وما قبلها أدى إلى تمدد هذه الذات الفنية العمومية الجديدة الساحرة
 عبر مساحات افتراضية مسامية، ليس لحد فناء ما قبلها تماما، لكن بما يزاحمها ويعطل الكثير من السحر الذي أسبغه العرف الثقافي الذوقي النخبوي عليها ومنذ العصور الأثرية الماضية. وبتنا ننتظر ان تصبح نتاجاتنا الفنية الفردية إرثا منقرضا، لولا الحنين الدفين للأصالة(أو النسخة الفريدة) الذي لا يزال فاعلا، و لولا مضاربات السوق التجاري، رغم كل ما يعتري هذه الفعالية من أغراض أخرى لا تمت لها بشكل من الأشكال. نشأ الفن الشعبي الحديث(البوب ارت) في انكلترا بداية عام(1950)، ولم يتجاوز العام نهايته، حتى انتقل الاهتمام به وبشكل فائق إلى الولايات المتحدة. لم يكن الأمر خاضعاً للمزاج الشعبي للحاضن الجديد وحده، بل الأمر تعداه إلى سلوكيات السوق التجاري الأمريكي الشمالي، من إمكانات تسويقية تتنافذ ومتطلبات الشارع المهووس بماركات سلعه. ففي الولايات المتحدة اكتسب الاعتراف به كفن مهد للمساهمة في نتاج ما بعد الحداثة، وساهم أيضا في تأسيس اعراف تسويقية لا تزال فاعلة بما حوي نتاجه من ماركات هي جزء من اختراعات السوق. فنتاجه معظمه ماركات أو بصمات شعبية مفردة أو على شكل مسلسلات لا تزال مشهديتها تطل علينا أعمالا فنية تسويقية(المسلسل الكارتوني سمبسون مثلا) كذلك تقنيات(وارهول) الصورية الطباعية، والتي اشتقت مصادرها الصورية بشكل عام من الوسائل الإعلامية الشعبية، وتحولت كما تقنيات رواد هذا الفن الآخرين إلى مجال خصب لتطبيقات إعلامية صورية تعدت سطح العمل الى الصورة الفوتوغرافية والفيلمية ولتتبعها تقنيات تنفيذ الأفكار الفنية الافتراضية التي تلت زمنيا ممهدة الطريق لاستغلال كل سبل تغيير الذائقة الفنية و للدخول في مجال السوق الاقتصادي قوة دفع متواصلة.لقد تحول بوستر الفيلم السينمائي القديم( لما قبل السبعينات) إلى اثر فني وخضع للمضاربة الفنية التجارية بأسعار خيالية، حاله حال أي تحفة فنية(أصلية). ليس الأمر بطرا بل لما له من قيمة فنية تتمتع بخصوصية  بصمة الفنان وجهده الفردي المتميز، هذا الإنتاج اليدوي الفريد هو ما تفتقده صناعة كل البوسترات الفيلمية الجديدة بتقنيات أنظمتها الرقمية الجمعية( الفوتوشوب، أودوبي شوب، الكرافيك) التي تظهرها شاشة الكومبيوتر، والخاضعة للتغيير المستمر وحسب طلب الذائقة الاجتماعية العابرة للقارات وباختلافات انفتاحها أو محظوراتها الثقافية و الاثنية. لكن، وبكل ما خضع له البوستر من اختلافات في أزمنته التواصلية من الأثرية الثقافية الى الاجتماعية العامة الملامح. فان العديد من المفاصل التنفيذية الفنية(الارت) وكوسائط أو وسائل إشارية، هي الأخرى جرى إزاحتها إلى خدمة المجال الاقتصادي،  باستحداث البوستر الفني المختلط الوسائل(الفوتو والرسم والتصميم والنص الشعري أو الفنتازي وما يلحق ذلك من تغريب فني)، ومثلما الإجراءات المفاهيمية للفيلم الدعائي التلفزيوني المعاصر ومدى تداخلها والفكرة المفاهيمية الفنية. لقد تخلخلت المناطق التعبيرية الفنية التقليدية السابقة لتنبثق من فوضى هذا التخلخل ابتكارات  الوسائل الدعائية التجارية المعاصرة وبالتزامن مع مبتكرات معاصرتنا الفنية وانزياحاتها التعبيرية الشاملة. وتداخلت مصادر رعاية الفنون ومصالح مموليها بالتوافق وتبادل المصالح المشتركة، المعنوية منها والمادية. فعاليات وآليات اشتغال ما اصطلح عليه بـ( الاقتصاد الجديد) ليس مقتصراً أمرها على التداولات الاقتصادية المحصورة بالمداولات النقدية و البضائعية الصناعية التقليدية، بل تعدتها لمصادر احتكارية جديدة عبر خطوط ما اصطلح عليه بـ(مجتمع الترفيه المعلوماتي) الذي أدمجت ضمنه العديد من الأشكال الثقافية والفنية وتم تسويقها عبر الخطوط الاتصالاتية الفائقة الجديدة. مجتمع الترفيه المعلوماتي الجديد، هو المجتمع الاستهلاكي الذي يستقبل كل ما تطرحه الخطوط الإنتاجية الكبرى للكارتلات الاحتكارية العالمية، بعد إجراء فلترته من خلال خطين متوازيين هما الاستثمار التنافسي الأمثل لوسائل الدعاية الإعلامية ، والاستفتاءات لتجميع الرغبات عبر نفس الوسائل الاتصالاتية الرقمية والمباشرة. ومن ثم يتم تجميع ملامح المنتج(الفني الاستهلاكي) بما يوائم رغبات المستهلكين المجتمعية لا النخبوية. بالرغم من أن أهم ميزات الفنون هو نخبويتها. إن استحدث الاقتصاديون المرتبطون بقرارات السلطة الريكانية(فترة حكم ريكان في الولايات المتحدة) واشتغلوا بما عرف بـ(اقتصاد المرايا(1) الذي افرز الكوارث الاقتصادية العالمية اللاحقة. فان خرافة اقتصاد(فنون التسلية) بآلياته المنبثقة والمرافقة لاقتصاديات السوق الجديد. الخرافة اللذيذة والمخدرة أو المدغدغة لأحلام المستهلكين، هي الأخرى لا يتعدى كونها، كما أرى(فنون مرايا). ما أطلقت عليه(فنون مرايا) هي فنون الترانزيت، فالصورة عابرة لكل القارات ومخترقة كل الثقافات

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram