ترجمة: عدوية الهلالي موضوع مرض (الزهايمر) الذي أصبح معروفا ومنتشرا حاليا بشكل خطير أصبح مادة دسمة للروائية الفرنسية كريستين اوربان فحولته الى رواية تحمل الكثير من ملامحها الشخصية ...تروي الرواية التي تحمل عنوان (بلد الغياب) سيرة الكاتبة الذاتية عبر سرد علاقتها بوالدتها المسنة في الماضي والحاضر أي قبل وبعد إصابتها بمرض الزهايمر .. وتستخدم الروائية مبضع الجراحين لتدرس بتشريح دقيق نفسية والدتها التي كانت امرأة متأنقة وجميلة وأصابها جنون فقدان الذاكرة فجأة، مشيرة بألم الى عجز تلك المرأة عن نسج علاقة ثقة مع ابنتها طوال حياتها ..
لقد رسمت الروائية صورة والدتها بلا تحيز فمنحتها ملامح كائن لم يعرف سوى الطيش والنزق أسلوباً لحياته، لكن روايتها لم تخل مع ذلك من خليط من الحنان والدعابة والشعر ...في البدء ،تولت الكاتبة وصف الأعراض الأولى لمرض الزهايمر بدقة وبراعة صارمة ثم تصاعدت الأحداث ليشعر القارئ بتوتر الكاتبة وألمها خاصة في المقطع الذي تصف فيه كيف تروي العجوز لابنتها عبر الهاتف تعلقها بكلب جديد قامت باقتنائه ثم تكتشف الابنة انها إنما تتحدث عن لعبة من القطيفة !!تعتبر الكاتبة انطلاقا من هذه الحادثة ان والدتها إنما تضع قدمها على عتبة الجنون فتحاول التماسك والمحافظة على واقعيتها لتتمكن من سرد الأحداث بحيادية ..انها تطرح سؤالا ملحاً حول الشيخوخة وان كانت هي أسوأ ما يمكن ان يحدث للمرء فتشعر بالخوف ويتضح ذلك من خلال سطورها ..ورغم ان الرواية قاتمة وكئيبة في معظمها لكن هناك أيضاً فسحات للضحك والكوميديا السوداء ..فبعد ان تسمع العجوز بوفاة احد أصدقائها وهو السيد بيلو اثر إصابته بإغماء يحدث بسبب البرد خلال استحمامه والعثور عليه ميتا في مغطس الحمام ، تقرر بعناد رفض الاستحمام حتى إشعار آخر حتى حين تأخذها ابنتها إلى ساحل مشمس فهي تخشى من برودة الماء ..تحوي الرواية الكثير من المعاناة والخوف من الفشل وعدم القدرة على التواصل الكامل بين الام والابنة ، لكن كريستسن اوربان تنجح إلى حد كبير في تقديم احترامها وولائها الموجع والمؤثر لهذه الأم التي تحبها وتعلم انها تحبها أيضاً رغم كل شيء ..انها تعرض صورة المرأة بكل جروحها الخفية التي طالما أخفتها خلف شططها وطيشها دون ان تنسى التعبير عن ألمها لماحلّ بوالدتها بصور مؤثرة وحاذقة ..صدرت رواية (بلد الغياب) للكاتبة كريستين اوربان مؤخرا عن دار البان ميشيل للنشر في 170 صفحة ..
(الزهايمر).. في رواية فرنسية للكاتبة كريستين أوربان
نشر في: 1 إبريل, 2011: 05:28 م