اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > كورت فونكوت.. بينما ينام البشر

كورت فونكوت.. بينما ينام البشر

نشر في: 2 إبريل, 2011: 08:54 م

عبد الخالق عليالقصص القصيرة التي كتبها سيد الهجاء الأميركي بوقت مبكر تكشف عن كاتب يشحذ مهاراته الظاهرة أصلاً . في الخمسينات من القرن العشرين تخلى كورت فونكوت ، و هو في الثلاثينات من عمره ، عن مهنته كرجل دعاية لقسم البحوث في شركة جنرال إلكتريك ، و كرس نفسه للأعمال الحرة . و سرعان ما نشر اولى رواياته " بيانو العازف " (غير ناجحة) و بدأ بكتابة قصص قصيرة لمجلات عائلية .
 تم شراء و نشر بعض قصص فونكوت، ثم أعيدت طباعتها على شكل كتاب تحت عنوان " طير الكناري في بيت القطة " و " مرحبا في بيت القرد " . قصص أخرى لم يتم نشرها أبداً لكنها رأت النور بعد موته . ظهرت اول مجموعة بعد موته " العودة الى أرماجدون " في عام 2008 ، و هي تحكي قصصا خيالية و غير خيالية تخص موضوع الحرب و السلام . المجموعة الثانية " انظر الى الطائر الصغير " تحوي قصصا قصيرة لم يتم نشرها منذ الخمسينات ، ظهرت في السنة التالية . و الآن ها هي " بينما ينام البشر " عبارة عن مجلد قريب من " انظر الى الطائر الصغير " مع ست عشرة قصة غير منشورة سابقاً . بغض النظر عن الكنوز العظيمة التي تركها فونكوت بدون نشر ، فقد كرس ، في فترة واحدة من حياته ، وقتاً و جهداً كبيرين لكتابة القصص الخيالية القصيرة .في قصة " جيني " يقع بحار مسافر في حب جنوني مع نتاج بحثه الذي عرضه : ثلاجة تستطيع ان تتحدث و تفكر مثل زوجته الرائعة . في قصة " السوفان " تجتاح الولايات المتحدة عدوى انتحار الناس من اجل مبالغ  التأمين على الحياة . اصبحت المهنة الرئيسية للبلاد هي " الموت من اجل الحياة " و هي فكرة خاصة بفونكوت . قصة " قبلات بمئة دولار " تحكي كيف ان اثنين من المدراء التنفيذيين يتشاجران حول مجلات تخص الفتيات و حول نداء هاتفي كاذب . في قصة " راعي عائلة بيرسون " يقود طالب هندسة سيارته برفقة عروسه الى كيبكود ليتولى ادارة شؤون ميراثه . قصة " و يده على الخانق " تصور الأيرل هاريسون ، و هو رجل اعمال ناجح وصانع إمبراطورية  بالفطرة ، ينزعج من كونه اقصر قامة من اغلب الرجال ،  يتجاهل زوجته الجميلة و يكرس نفسه لمنظومة السكك الحديد الجديدة التي شرع بها في السرداب . تبدأ القصص بسرعة و تستمر بالجري ثم تنتهي بنفس السرعة . انها قصص مكتوبة بمهارة ،  و كما يصفها ديف ايكرز في مقدمته ، قصص مصائد فئران ، قصص يمكن قراءتها في جلسة واحدة ويمكن هضمها بسهولة . المكان هو انديانابولس حيث ترعرع فونكوت و أماكن أخرى مختلفة في نيويورك . ظروف القصة و خلفياتها تقع في مكان ما بين " إنها حياة مدهشة " و " رجال مجانين " . نهايات بعض القصص تبدو سريعة و هذا هو السبب في ان فونكوت رفضها و رماها في البداية. إلا ان الانتقال بين العديد منها يمثل التيار الخفي للضياع و الحزن لدرجة اننا نشارك هذا الكاتب الأميركي الذي يعتبر من أكثر الكتاب الاميركان شيطانية و حزنا . في قصة " راث " يكتب فونكوت" أدت الامرأتان التحية لبعضهما بانحناءة في الرأس عند عتبة الشقة . امرأتان ارملتان أحداهما متوسطة العمر و الأخرى اصغر منها سنا . لقاؤهما يؤكد الوحدة التي تشعران بها " . تسافر المرأة الشابة الحامل " راث " لمقابلة أم زوجها الذي توفي حديثا . يتم الترحيب بها بأسلوب مداهن مخادع . تتشاجر الامرأتان حول مستقبل الطفل الذي لم يولد بعد ، و تدرك " راث " بأن ام زوجها "العنيدة" " المرأة الغراب " مريضة و مجنونة . الضياع في قلب القصة ، و ذكرى عن الحرب العالمية الثانية . قصة مثل " راث " تنبئ بمستقبل عظيم  لفونكوت . رؤيته للحياة هي رؤية مريرة – إنها حياة غير حصينة ، متزعزعة ، مؤلمة ، و ان القدر يمكن ان يصفعنا بقوة في أية لحظة – يهتم فونكوت بالتحري عن الخطأ و الصواب . في أواخر الخمسينات انطوت فترة المجلات و توقف فونكوت عن كتابة القصص القصيرة  و اتجه الى سوق قصص الخيال العلمي الجديدة . في الواقع كان أقرب الى مارك توين و فرانك كابرا منه الى  إسحاق آسيموف . يميل النقاد الى اعتبار فونكوت كاتبا ارتجاليا مثل عازف جاز منفرد ، إلا ان هذه الأعمال المبكرة تبين كيف انه استوعب قواعد و اصول المهنة التي هشمها في ما بعد و هو مبتهج . تركز " بينما ينام البشر " على رجل صحافة ، محرر عنيد يتمسك بالحقائق القديمة لأعياد الميلاد في الوسط الغربي . يدعى هذا الشخص (فريد هاكلمان) . يقول الراوي عن هاكلمان " انه يشبه فأر المزرعة من عدة جوانب ، كان وحيدا ، مغتبطا بنفسه ،  كسولا ، و سريعا في استخدام مخالبه الحادة" . هذه القصص المتوترة الموجزة تبين لنا جذور مستقبل أدبي عظيم بالفطرة .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram