لم تظهر مجموعة بشرية على وجه الأرض أكثر ذكاءً وعبقرية مثل الشعب الآشوري بحضارته الضخمة والواسعة والمشعة التي تمظهرت في ثقافة بلاد الرافدين ورموزها وأعلامها فبقوتهم، وقدراتهم الخارقة استطاعوا نقل هذه الحضارة الى الأمم الأخرى في اتساع نفوذهم وامتداده، لقد كان للتفاعل الحي
شاكر مجيد سيفو للعناصر الثقافية لهذا الشعب دوره الكبير والخطير في الإشعاع الثقافي والفني في الآثار التي تركها، وبخاصة العلامات الفنية المتطورة والبارزة في النحت المتميز،والبارز في الألواح والجداريات والمسلات الحجرية ومشاهد الحرب والصيد وتماثيل الثيران المجنحة... لقد تمظهرت مع كل هذا الإشعاع الحضاري بنى المكان وبصورة جلية ساعدت وسارعت في تحقيق حلم الأسنان الآشوري في اجتراحه بنيات المرويات والقص والسرد ومنظومة الحكاية الشعبية، فكان أن تشعبت وتنوعت مع الحلم داخل الفضاء المكاني، فبلاد آشور متخيّل حكائي احتفالي واحتفائي في كل ما تحمله بنى الأمكنة من رموز وأشارات وعلامات سحرية ومخيلاتيه وأسطورية، تتفاعل داخل هذا الفضاء المكاني وتفكّر وتتخيل وكأنها مخلوقات تبني أحداثاً للمتن الحكائي، الذي يعدّ البنية الأساسية من بنيات الفن المتخيل بعناصره الزمانية والمكانية، وذوبان المعطيات الاحتفالية فيه كنسق معرفي تشكيلي قصصي مكاني، تحيلنا هذه المقاربة الى اجتراحات واحتفاءات أكيتو في معرفيتها وأسطورية تشكلّها النصي وتشكيلاتها البنائية وسيميائية رموزها على مدى إثني عشر يوماً، تقودنا مؤولاتها الدلالية الى التجذر الحميمي والصميمي في المكان، كبنية حكائية مرواتية "كأرض، وأم، ووطن، و بلاد،" تمتلك كل مقومات الإنسانية الأممية، فالفضاء المكاني بجميع إحداثياته الزمانية والمكانية يمتد تاريخيا وماديا في الحيز الستراتيجي لبلاد ما بين النهرين أو ميزوبوتاميا وهو يرسل رسالة تحيل معطياتها إلى أنّ هذا الشعب حيّ وسيبقى حياً إلى الأبد... يسعدني هنا ان أستعير مقطعا شعريا يوحي بما ينفرد النص النهريني دائما في مقولاته "يقول: الأب الشاعر يوسف سعيد في أحد نصوصه: "تعبأت خاصرتي بالوجع، تأخذني صفنة النسور الآشورية الى مباهج حدائق بابل، انتظرت عودة المساءات لعلّي أتحرر من خوفي وفزعي ومغامراتي المفروشة بسجاجيد قانية اللون، لامعة بدم لغة آشور..." إنّ مثل هذا النص الذي يتسرب من ذاكرة الرواية أو القصة الشعرية الاحتفالية "الأكيتوية" تتخلق باضطراد مثل كائن سردي بمخطوطة احتفائية أصبحت شاهدة برموزها الوجودية على عنفوان التاريخ الحضاري، الماضي في سطوته الوجودية الحاضرة، وجودية صورية تتمثل الفكر والثقافة والوجدان الجمعي... وجودية طقوسية تشكيلية تتشكل في "لحية نيسان وأسطورته السيميائية الفلسفية الوجودية، بعد كل هذا الزمن الفيزيقي وسلسلته التاريخانية فكراً وسلوكاً وطقوساً وأعياداً واحتفالات وكرنفالات، هذا التجذر والتشيّؤ هما بكل فخر، الإقامة في منطقة الحياة والخلود والزهو والكبرياء والتحدي... يبقى الجندر الحضاري الذي يعتاش على الأسطورة وماضوية التشكيل والبناء، يعقلن نسقه الانطولوجي في إمكانية مضاعفة معانية حسب المفهوم الهايدجري.. يبقى الإحساس بجماليات التاريخ في المتخيل السحري الماضوي من فهومات ميتاجماليات الحاضر المتجسدة في طراز الأعياد والاحتفالات، كالاحتفال بأعيادنا الدينية والقومية على حدّ سواء...
لحية نيسان في تذكار أكيتو ..ميتاجماليات الاحتفال والمعرفة الكونية
نشر في: 2 إبريل, 2011: 09:06 م