د. مهند البراكفيما يعيش العالم قلقاَ كبيراَ بسبب تسونامي اليابان المأساوي الذي راح الآلاف ضحايا له وفق ما وجد و أعلن عنه حتى الآن، إضافة الى الخسائر المادية الجسيمة.. تطور الأمر أكثـر بسبب ما أحدثه التسونامي من خلل في مفاصل التبريد في محطة " فوكوشيما النووية " شرق العاصمة طوكيو. حيث لا تزال تتواصل مجمعات المحطة النووية السلمية بالتفجّر، في سلسلة مؤسفة من فقدان السيطرة عليها، و الذي أدىّ إلى إخلائها من فنييها بسبب التصاعد الخطير لنسبة التلوث في داخلها . ليصبح موضوع الساعة الذي يتسبب بظهور صراعات حادة في البلدان الصناعية، و بتظاهرات و مسيرات احتجاج عاصفة متصاعدة فيها . .
و الوقت الذي يعيد ذلك الى الأذهان ما تسببت به حوادث التسرب النووي من اضرار و خسائر صحية و تشوهات بشرية لأجيال عديدة، إضافة إلى الخسائر المادية الجسيمة لبلدان صناعية متطورة في الغرب و الشرق، و خاصة في الولايات المتحدة، والاتحاد السوفيتي السابق، بريطانيا و غيرها رغم التعمية عليها . . التي في مقدمتها التسرب النووي الخطير في هاريسبورغ في ولاية بنسلفانيا الأميركية عام 1979 ، التسرب النووي في كارثة تشيرنوبيل عام 1986 . . يؤكد خبراء و مراقبون دوليون محايدون ان القوة النووية اليوم لم تعد عامل استقرار للأنظمة و الدول، كما عبر القادة الإسرائيليون في أربعينات القرن الماضي، و زادوا بان القوة النووية تشكل صيانة تؤمن سلامة دولتهم، و كما يعبر اليوم الرئيس الإيراني احمدي نجاد في ان امتلاكه القوة النووية، سيضمن استقرار نظامه . . فالقوة النووية الباكستانية مثلاَ لم تصن استقرار البلاد، حيث لاتزال تعيش صراعاتها العنيفة الداخلية، كما لم تصن القوة النووية الهائلة التي امتلكها الاتحاد السوفيتي، من تفككه المؤسف وانهيار نظامه . .في وقت أشارت و تشير فيه أحداث و بحوث علمية احدث إلى ان منطقتنا الشرق أوسطية، هي منطقة بركانية، لعبت فيها الهزات الأرضية العنيفة و البراكين ادواراً مهمة تسببت في تحطيم و اندثار حضارات و حضارات على توالي آلاف السنين و الى اليوم . . و شواهدها ماثلة في بترا، ارم ذات العماد بين دولتي عُمان و السعودية، و عاد و ثمود و مضارب سليم في الأخيرة، و قمران و البحر الميت في فلسطين ـ إسرائيل، إضافة إلى الهزات الأرضية المتتالية في إيران و باكستان و الهند . . من ناحية اخرى، يرى خبراء جيوفيزياويون و جيولوجيون، ان التجارب النووية تأتي في مقدمة أسباب الهزات الأرضية و إيقاظ البراكين الخاملة.. كما أجمعت نتائج البحوث التي أجريت في باكستان عن أسباب توالي الهزات الأرضية المؤسفة فيها مؤخرا. و فيما تتسبب هزة ارضية عنيفة في تسونامي اليابان في تحطّم محطة نووية سلمية لا تُعرف حدود كوارثها اللاحقة بعد، في بلد متقدم و شعب متحضّر اشتهر بتفوقه التكنيكي والعلمي.. يتساءل كثيرون عن ماذا سيحصل في بلدان منطقتنا النفطية البركانية، ان امتلكت مفاعلات نووية للأغراض السلمية ـ دع عنك ما للأغراض العسكرية ـ في حالة حدوث هزة أرضية عنيفة تتسبب بحريق كما يصاحبها دائماً.. و مجتمعاتنا لا تزال تئن من الصراعات الدينية والطائفية؟ ومن تفرّق الصف و الفساد صراع الكراسي و بعثرة عوائد النفط الخام ؟؟!فالتغطية على عيوب الأنظمة بالادعاء الفارغ برغبة عدد من أنظمة منطقتنا النفطية، بتحقيق قفزات تطورية سريعة و استقرار يخيف الأعداء، بالهروب نحو المفاعلات النووية، ليس فقط لم يعد ذا نفع لها، وإنما صار مصدر مخاطر جسيمة لم يصل العلم الى تحديدها او تحديد عدد أجيالها المصابة بعد. في وقت صارت فيه دول نووية كبرى تهرب من المصادر النووية إلى مصادر أخرى للطاقة، لا يزال يتربع على عرشها النفط الخام و مشتقاته. و في وقت تستطيع فيه أنظمتنا تحقيق الاستقرار لها بتوظيف ثروات بلدانها الهائلة التي تؤكد دساتير حكم كل دولناـ من التي فيها دساتيرـ بأنها ملك شعوبها.. توظيفها بما يلبيّ مطالب شعوبها وشبابها، و لحل الاحتقانات الاجتماعية فيها، و إعلان الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة و المشاريع النووية !
تسونامي اليابان ومشاريعنا النووية!
نشر في: 2 إبريل, 2011: 09:10 م