TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > العملية السياسية فـي العراق.. شركاء أم فرقاء؟

العملية السياسية فـي العراق.. شركاء أم فرقاء؟

نشر في: 8 إبريل, 2011: 05:27 م

حسين علي الحمدانيفي بريطانيا لا يوجد دستور بل ثمة أعراف باتت تحكم مسارات الأشياء في دولة لم تغب  الشمس يوما عن مستعمراتها ، وأيضاً لا توجد ثمة أزمات سياسية أو اجتماعية أو غيرها ، لأن المجتمع هناك أفرز كاريزما سياسية قادرة على العمل وفق الأعراف السائدة  المنبثقة من تقاليد المجتمع البريطاني ، وهذه التقاليد ظلت تحكم حتى الحياة السياسية في هذه الدولة .
وأغلب دول العالم وضعت دساتير لتنظيم الحياة، وفي مقدمتها الحياة السياسية لكي تضمن الدول الدستورية أن يحصل مأزق أو يفترض أن لا يحصل أي مأزق بحكم إن الدستور ومواده تنظم الحياة السياسية في البلد بما لا يسمح بوجود خلل في هذا المفصل أو ذاك ولا يمكن أن يحدث أي فراغ من شأنه أن يؤثر بشكل أو بآخر على المواطن والوطن والعملية السياسية .والعراق من البلدان التي فيها دستور أخذ مشروعيته من الشعب (رغم التحفظات الكثيرة) وبات هو الفيصل في تنظيم حياتنا وفي مقدمتها كما قلنا الجوانب البنيوية لمؤسسات الدولة العراقية التي هي طور النمو ولا يمكن لنا أن نقول متكاملة خاصة وإن ما نستخدمه الآن في بناء الدولة هو التوافق وليس الدستور ، والتوافق الذي نقصده هنا هو توافق القوى السياسية التي فشلت حتى هذه اللحظة في الاتفاق على الوزراء الأمنيين في بلد أكثر ما يحتاجه للقيادات الأمنية التي تأخرت لأسباب عدم التوافق ليس بين الكتل السياسية فقط بل داخل الكتلة الواحدة نفسها، خاصة وإن ما مطلوب لهذه القيادات الأمنية أن تكون مستقلة عن القوى السياسية ،علاوة على مهنيتها وهذا يعني بأننا نبحث عن إيجاد توافقات ربما من المستحيل وجودها ما لم تكن هنالك مبادرة جديدة تكمل ملف استكمال تشكيل الحكومة العراقية في ما يخص الوزارات الأمنية .وواحد من الحلول التي ربما تكون مطروحة بين قادة الكتل هي اللجوء للدستور أو ما يمكن أن نسميه الهروب من التوافقية صوب الدستور لشغل هذه المناصب المهمة جدا ليس للكتل السياسية بل للملف الأمني في هذا البلد الذي ستغادره القوات الأمريكية نهاية 2011 بموجب الاتفاقية الإطارية المعقودة بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية ، وبالتالي فإن وجود وزراء يمثل أهم مرتكزات نجاح عملية الانسحاب من جهة ومن جهة ثانية على العراق أن يتكيف مع الأوضاع الإقليمية الجديدة في المنطقة  .وربما يقول البعض ولماذا إذن نلجأ للتوافقات طالما إن الدستور فصّل كل شيء ؟ ونقولها بصراحة بأن التوافقات أصبحت العرف السائد في العراق ، وهذا العرف أحيانا يكون مناسبا ومخرجا سليما، ولكنه في أحيان أخرى يكون مأزقاً خاصة إذا ما تعلق الأمر بوزارات أمنية كالدفاع والداخلية والأمن الوطني ، وبالتالي نحتاج لأن تترطب الأجواء بين الكتل السياسية بشيء من الثقة التي من شأنها أن ترتقي بالعملية السياسية والأمنية في البلد نحو الأفضل، وعلى ما يبدو، ما زلنا نعيش مرحلة عدم الثقة بين شركاء العملية السياسية .وبالتأكيد الشعب ينتظر استكمال ولادة الحكومة لاسيما إننا تجاوزنا عاما كاملا على الانتخابات، وبالتالي علينا أن نجرب اللجوء للدستور طالما إن التوافقية لم تحسم أمر ملف هذه الوزارات التي تنتظر حسمها ومعها ستحسم الكثير من الأمور والمتعلقات التي ما زالت تلف المشهد العراقي بنوع من الضبابية التي لا نتمناها في العراق خاصة وإن البلد منذ 2003 يعيش أجواء ديمقراطية وممارسات أفرزت خيارات الشعب العراقي عبر ممثليه في البرلمان ، والجانب الأكثر أهمية يكمن بأن العراق يسير الآن بخطوات واسعة نحو الاستقرار بعد طي صفحة الإرهاب وبقايا فلوله التي يتم اصطيادها من قبل الأجهزة الأمنية من جهة، ومن جهة ثانية هنالك ثمة خروقات أمنية كبيرة جدا كما حصل في اقتحام مبنى مجلس محافظة صلاح الدين وعمليات الاغتيالات التي طالت عدداً من  الأشخاص في العاصمة بغداد ، وبالتالي تصبح الحاجة قائمة فعليا للخروج من عنق زجاجة التوافقات  التي على ما يبدو إنها فشلت في بلورة رؤية مشتركة بين فرقاء وليس شركاء العملية السياسية . 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram