TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > فـي المساءلة الديمقراطية لأجهزة الأمن

فـي المساءلة الديمقراطية لأجهزة الأمن

نشر في: 12 إبريل, 2011: 05:07 م

الجزء الاولحبيب صالح مهدي العبيديأستاذ جامعي / هيئة التعليم التقنيفي حين يقال ان التجسس هو ثاني أقدم حرفة في العالم ، تعد مساءلة اجهزة الامن ظاهرة حديثة، فقد اخبرنا القرآن قصة نبي الله سليمان ( ع) وملكة سبأ بلقيس ، وكيفية نقل المعلومات عن هذه الملكة العظيمة ملكة سبأ عن طريق جنود سليمان المكلفين بجمع المعلومات عن الامم المشركة، وهكذا كان الهدهد هو احد هؤلاء الجنود المكلفين بالعمل الاستخباري بنقل الصور والمعلومات للنبي والى نهاية القصة المعروفة . لقد كانت عملية جمع المعلومات عن الطرف الآخر في المعادلة،
 هي الشغل الشاغل لكل الملوك والامراء والقادة في ما بعد ، وعملية توظيف هذه المعلومات لصالح الإمبراطورية او المملكة أو الإمارة في مجالات شتى ، كان ابرزها الحروب والصراع على النفوذ والسلطة ، هذا ما اخبرنا التاريخ فيه عن الحضارات القديمة ، وفي ما بعد الحضارة الاسلامية، وفي مقدمتها دولة المدينة المنورة ، وقيادة النبي محمد ( صلى الله عليه وسلم) للمعارك وكيفية توظيف المعلومات الاستخبارية الواردة اليه في ادارة هذه المعارك والنجاح فيها والقضاء على خصومة المشركين. ومع التقادم الزمني لممارسة هذه الحرفة فقد تطلب ذلك تقنينها وتنظيم آليات العمل لها وعليها ، وهذا حصل فعلاً في العصر الحديث ،فلغاية منتصف سبعينات القرن الماضي، كانت اجهزة الامن مع أي إشراف قد تتطلبه ، تعتبر فرعاً تابعاً للسلطة التنفيذية في جميع الدول الديمقراطية تقريباً ، ناهيك عن الدول الدكتاتورية ، وقبل ذلك لم يكد يكون لدى البرلمانيين أي معلومات عن الاجهزة الامنية او أي تاثير فيها.كانت اجهزة الاستخبارات تعمل في عقد السبعينيات في العديد من البلدان ، مثل المملكة المتحدة ، بموجب مراسيم تنفيذية ،وبالتالي لم يكن هناك حاجة الى الحصول على موافقة البرلمان على هيكلية تلك الاجهزة وعلى صلاحيتها الخاصة .لكن هذا الوضع بدأ يتغير في الولايات المتحدة في منتصف السبعينيات عندما سَنَّ الكونغرس الأمريكي الذي هزته الفضائح التي انطوت عليها عمليات تجسس محلية على المحتجين المعارضين لحرب فيتنام والفضائح المتعلقة بالعمليات السريّة غير القانونية التي نفذتها وكالة الاستخبارات المركزية ، تشريعاً بالغ الأثر أعطى للكونغرس دوراً أساسياً في مراقبة الاستخبارات ، اضافة الى آليات المراقبة الاخرى. تلا ذلك إدخال إصلاحات في استراليا وكندا ، واكتسبت هذه العملية زخماً في الثمانينيات . وبعد انتهاء الحرب الباردة بدات المرحلة الثالثة من مراقبة الاستخبارات في الدول التي كانت تحكمها انظمة شيوعية ، والتي ادخلت إصلاحات بتشجيع ودعم الدول الغربية على اجهزة استخباراتها عبر وضعها للمرة الاولى تحت حكم القانون وإخضاعها لمراقبة كل من السلطة التنفيذية والبرلمان. وفي إجابة عن تساؤل يطرح نفسه ، لماذا غيرت الدول من عاداتها القديمة ، وأخضعت اجهزتها الامنية للمراقبة والمساءلة العامة؟ فقد وفرت فضائح اجهزة الامن بالعديد من دول العالم الحافز الرئيسي للتغيير في طريقة توجيه اجهزة الامن.وهذا ما حصل في استراليا ، وكندا ،والنروج ،والولايات المتحدة ، حيث فضحت اللجان التشريعية ولجان التحقيق العامة انتهاكات حقوق الانسان وضغطت من اجل تعزيز نظم مراقبة اجهزة الامن. كانت الاصلاحات الدستورية (كما في دولة جنوب أفريقيا) والتحول الى الديمقراطية ( كما في الارجنتين ، وكوريا الجنوبية ، وبولندا) والطعون التي تقدم بها مواطنون ( كما في هولندا ،ورومانيا، والمملكة المتحدة) أسباباً دفعت الحكومات الى البدء بفرض مبدأ المحاسبة العامة لأجهزة الامن لديها .وبحلول عام 2006 ، صار الإشراف البرلماني على الاجهزة الامنية وعلى أساس قانوني ، العرف السائد في الدول الديمقراطية وبات يحصل على دعم الهيئات الدولية مثل المجموعات البرلمانية في مجلس أوروبا والاتحاد الأوروبي الغربي. أحداث 11 ستمبر.. والهواجس الجديدة تعرّض الولايات المتحدة للهجمات الإرهابية في 11/9/2001 ، اثار العديد من الهواجس الجديدة والمتجددة المتعلقة بالمستوى الحرفي للأجهزة الاستخبارية في العالم الغربي واحتمال تحريف دورها والنتائج التي تتوصل اليها عبر اجراءات سياسية. وقد اجرى العديد من الدول تحقيقات وتحقيقات برلمانية خاصة في المزاعم التي تتحدث عن حالات فشل او إساءة تصرف من قبل اجهزة المخابرات في ما يتعلق على الخصوص بالتحضير للحرب في افغانستان والعراق وخوضها والامثلة البارزة على ذلك تتضمن في لجنة ((11 ايلول سبتمبر)) التي شكلها الكونغرس الامريكي ،وتحقيق هاتون (Hutton) في المملكة المتحدة ، ولجنة عرار(Arar) في كندا ، والتحقيق البرلماني الخاص في ألمانيا، كما طلب البرلمان الهولندي اجراء تحقيق في ممارسات التعذيب المزعومة لجهاز الامن والمخابرات العسكرية الهولندي في العراق. ان هذه التحقيقات الخاصة برهان على ان القادة السياسيين لم يعودوا مقتنعين بأن التحقيقات الداخلية كافية وإنهم على استعداد للمطالبة بقدر اكبر من المساءلة.التعاون الاستخباري الدولي:-اصبح تطوير تعاون دولي وتعاون بين اجهزة الامن المتنوعة والاعتناء به مطلباً أساسياً في البيئة الامنية الحاضرة. فإذا كانت الأخطار المتطورة (أي المسلحين الإرهابيين) يعملون ضمن هيكليات تتجاوز الحدود وتتغير باستمرار (فيستفيدون من الابتكارات في عصر المعلومات مثل الهواتف النقالة والانترنيت)، يتعين على موظفوي الاجهزة الامنية والاستخبارية الذين يحاولون تعقبهم الرد على ذلك بالعمل باسلو

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram