TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > السياسة والثقافة فـي العراق ..تاريخ الأزمات.. أوهام الأزمات

السياسة والثقافة فـي العراق ..تاريخ الأزمات.. أوهام الأزمات

نشر في: 15 إبريل, 2011: 07:06 م

علي حسن الفواز كل مرة نعود إلى الحديث السياسي والثقافي نكتشف إننا في المنطقة الساخنة ذاتها، وان السياسيين يصرون على أن يظلوا فيها تحت هذا التوصيف الإشباعي، والمثير للجدل، رغم ان المثقفين بتوصيفهم اللغوي يظلون في المنطقة النقيضة والشائهة، التي  لا حدود لها ولا جغرافيا توصيفية تمنحهم الإحساس بالاطمئنان للأمكنة والناس والحاكميات والعدالة والحقوق والمواطنة وغيرها من المزايا الباذخة..
هذا التوصيف القهري لا يصنع إلاّ أطراً أخلاقية لإعادة إنتاج السياق الضامن للسياسي والثقافي، بقدر ما يصنع المزيد من الشكوك والإقصاء المتبادل، رغم ان السياسة والثقافة في سياق آخر هما وظائف إجرائية، مثلما هما خاضعتان لمفاهيم قابلة للاشتغال المعرفي، تلتقيان عند كل المحاور الان، تشتبكان معا في صناعة اشكال واجراءات تدخل في صناعة الدولة وبنية المجتمع والهويات والجماعات، وتشتركان كذلك في صياغة الأشكال التعبيرية للأمن الثقافي والأمن السياسي معا، اذ لاأمن ثقافياً دون أمن سياسي، ولا أمن سياسياً دون أمن ثقافي. هذا التبادل والتشارك يمثلان حاجة لازمة لتنظيم الفعاليات الاجتماعية والثقافية والسياسية، لكن تاريخ الفصل التوصيفي بين السياسي والثقافي، وتفرد السياسي بحيازة الأمن والثروة والقوة يجعله الصانع الأكبر للشكوك التي ظلت تلقي بظلالها دائما على يوميات الحياة العراقية بكثافة منذ عقود طويلة..حديث هيمنة السياسي هو حديث شرطي، لان السياسي العراقي ليس سياسيا بالمعنى المهني، ولا حتى بالتوصيف اللبيرالي او القانوني، بقدر ما هو في الأغلب سياسي مصنوع بفعل عوامل داخلية وخارجية، حولته الى سياسي اضطراري يحكم بقسوة وبمرجعيات غير سياسية تماما، مثلما جعلته الأكثر خلطا للتوصيف الأمني والإيديولوجي والعسكري في الآن ذاته. وهذه الهيمنة فرضت نفسها كسياقات عمل وسياقات حكم، تحولت بالتراكم إلى آليات استبدادية وإكراهية تضيّق الخناق على الآخرين، ولا تمنح أية فرصة للآخرين بالمشاركة في صناعة ظاهرة الحكم، ولعل أكثر ما يهدد هذه الآليات هي المعارضة الثقافية التي تنتمي دائما الى الأفكار المضادة، الأفكار الرافضة للهيمنة، والتي تمثلها قوى اجتماعية وثقافية ذات نزعات إيديولوجية وصوفية ومدنية. هذا الرفض لم يكن رفضاً بريئا وسلميا، انه رفض قهري، انتج طوال عقود الكثير من السجون والموتى والمنافي والكثير من المقابر الجماعية..إزاء  هذا التاريخ كيف يمكن لنا أن نتخلص من الحديث الراكز في اللاوعي عن العزلة الممنهجة للسياسي عن الثقافي،  وعن تعالي السياسي على الثقافي، خاصة وان اية محاولة لإعادة دمج السياسي والثقافي في ظاهرة الدولة الجديدة ظل حديثا عائما، لوجود ترسخ المعنى العضوي لهذه الدولة في الوجدان، ولعدم وجود التشريعات والقوانين التي تكفل قيم المواطنة القانونية التي يمكن لها ان تعيد توصيف الثقافي والسياسي ضمن سياق أخلاقي بعيدا عن تاريخ الإكراه والهيمنة. هذه الأحاديث تطول وتطول والشكوك تكبر للأسف! لكن الحقيقة التي باتت اكثر وضوحا في ظل مواجهة الكثير من التحديات هي ان السياسي والثقافي يكملان بعضهما البعض، وان عزلتهما هي جزء من وهم الدولة القديمة، وجزء من عقلية الاستبداد التي لا تؤمن بالمعارضة ولا بالرأي الآخر، والذي ظلت تكرسه أيضاً ثقافات غامضة داخل البيئة السياسية والثقافية معا، خاصة تلك التي تنتمي الى الروح السلفية التي تؤمن بهيمة الحاكم ولي الأمر، ونظرية الطائفة الناجية..أزمة السياسة..أزمة الثقافة..تاريخ الأزمة السياسية في العراق يرتبط بتاريخ الهيمنة التقليدية للحكم، والذي صنع له هوية ثقافية تناسب هوية الحكم، وتخضع الى توصيف التابع، هذه الهوية ظلت بعيدة عن نقد السلطة، وربما تتماهى مع نظرتها الشرعية لفقه الحكم وطبيعة العلاقة بين الحاكم والمحكوم، ولكن أزمة الثقافة الحقيقية والواضحة برزت مع صعود الأنماط الجديدة من المعارضات السياسية التي تلبست بلوسات عقائدية وباطنية، وصولا الى المعارضات التي تأثرت بالاتجاهات الاشتراكية والليبرالية والدينية الراديكالية، حتى بات هذا التاريخ المعاصر وكأنه جزء من ازمة تاريخ هذه المعارضات العراقية، لان هذه المعارضة بدت ذات نزعات ثورية حدّ النخاع ورومانسية حدّ الغناء وثقافية حدّ الهلوسة، لكنها بالمقابل تنأى بنفسها عن اي فعل منظم ومخطط له بدءا من فكرة(الثورة) وانتهاء بفكرة الادارة السياسية او حتى انتاج المثقف السياسي الذي يمكنه ان يدير وينظم ويصنع البرامج ويخطط للتنمية والمستقبل! حدّ اننا ورثنا مثقفين يمارسون صناعة الكلام فقط،  وان اي اختبار لهم(خارج فعل المعارضة) سيضعهم امام فشل ذريع او خيبة اخرى. في الوقت الذي عمدت الحكومات القديمة(الملكية والجمهورية) على التحقق داخل فعل السلطة ذاتها والتدرب عليها، والتعرّف على اسرارها، وصناعة كل مصادر قوتها، وربما صناعة اشكال ثقافية ادارية تديم بها نظامها السياسي والأمني وحتى الثقافي..فتاريخ العراق السياسي يشهد بان 90% من وزراء الثقافة والاعلام كانوا من خارج(السياق) الاعلامي والثقافي، وانهم جزء من المنظومة السياسية والعسكرية والامنية والايديولوجية التي تحكم وتصنع وتسوّق الاعلام والثقافة.عزلة المثقف وتلذذه بدور المعارض الدائم وغير المنتج هي عزلة تاريخية أولاً، وعزلة طرد ثانيا، وعزلة تعكس فقر الثقافي لأ

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram