د.فالح الحمراني اغتيال جماعة سلفية في قطاع غزة داعية الحقوق الفلسطينية والناشط الانساني الايطالي فيتوريو اريغوني الذي جاء لغزة ليس سائحا ولكن مدافعاً عنها، لم يكن فقط عملا دنيئاً وطعنة نجلاء بسمعة الشعب الفلسطيني وقضيته وإنما يحمل دلالات انحطاط الوعي السياسي والانساني وخطورة توظيف الدين في الشأن السياسي لتبرير كل جريمة وحماقة وخيانة باسمه. والتاريخ شاهد حيّ على المجازر التي ارتكبت وترتكب في شتى الانحاء باسم الدين.
لدى الكاتب الروسي العظيم دستويفسكي رواية نبوءة وتحذير عنوانها "الشياطين" وترجمت ايضا باسم "الابالسة" اعتقد من المفيد لكل عربي مهتم بالسياسة ويشارك في العمل السياسي والاحتجاجات ان يعود لها. الحديث من ضمن قضايا كثيرة جدا يدور حول مجموعة من الشباب الفوضوي الذين ركبت الشياطين قلوبهم ووعيهم وراحت تقودهم لإنجاز أفعالها الدنيئة. واذا هم باسم الإعداد للثورة والتغيير وإقامة الجنة على الارض وعلى مبدأ الوسيلة تبرر الهدف، راحوا يمارسون تدمير كل شيء من اجل بناء الجديد. فيرتكبون اعمال القتل المجاني وينسجون المكائد والمؤمرات والخيانة ويشعلون الحرائق في المدن للوصول الى الجنة التي يعدون الجماهير البائسة بها، ولم يبق خلفهم الا الرماد والتعاسة وروائح الجثث.حينما يقرأ القارئ العربي اللبيب هذه الرواية سيقارن حتما بين شياطين دستويفسكي وشيطاننا. اؤلئك الذين يزرعون الموت والفوضى يوميا في المدن العربية والاسلامية، يفجرون انفسهم في الجوامع والجامعات والاسواق بأبناء أوطانهم بحجة بناء دولة العدالة وإعلاء كلمته تعالى، وهو بريء، منهم على الارض. يسقط ضحايا افعالهم الابرياء الذين ينشدون الامن والسلام والحياة الكريمة على الارض. إن هؤلاء منتشرون اليوم في كل مكان يعتقدون ان بيدهم صك إلهي لإقامة مملكته ولو بسفك الدماء الزكية، مستغلين مشاعر اليأس والاحباط لدى بعض الشعوب والفقر والبطالة واستبداد الحكومات والزعماء في بلدان اخرى، ان هؤلاء مثل شياطين دستويفسكي تخلو عن القواعد التي تنظم العلاقات البشرية والمناهج التي تقود الدول إلى الازدهار وراحوا يقتلون كل من ظهر امامهم ويدمرون الاصول بحجة بناء عالم لا وجود له إلا في مخليتهم المريضة. مثل هذه الأنباء، وللفظاعة، أصبحت بالنسبة للمتلقي العربي خبراً غاية في العادية، كأنه يسمع ان شجرة سقطت او نيزك تهاوى دون ان يرف له طرف عين. وأبدى العربي الذي يزعم من اعماق لسانه( لا قلبه طبعا) ان العراق العربي عزيز عليه، لامبالاة مروّعة حتى حينما يُعلن ان ضحايا الاعمال الارهابية كانوا بالمئات من الابرياء. وقبلها لم يرف له رمش عين أيضاً حينما كانت تتوارد الانباء يوميا عن وقوع ضحايا القتل البشع لابناء الجزائر على يد قوى ظلامية (العربية)كانت تتستر القوى الفاشية والارهابية اليوم في العراق بالدين والامة ومقاومة الاحتلال وكأن إبادة شعب العراق او جزء منه طريق للتحرر وانتصارا للقومية العربية والدين الحنيف .لم نسمع ان العربي المعاصر أشهر سيفه تضامنا مع اخوته كما تفعل الامم الاخرى في مثل هذه الاحوال. لم نسمع حتى عن تظاهرات احتجاج أو تنديد من قبل نقابات او جمعيات مثقفين، على قتل الانسان العراقي او الجزائري او في لبنان او فلسطين و في غيرها من الدول العربية. دعونا نتساءل من يقتل من؟ العربي يقتل العربي أليس كذلك؟ ولكن العربي نفسه سيقيم الدنيا ولا يقعدها وسيتوجه للمنظمات الدولية ويلعن النظام الدولي ويدعو مجلس الامن لعقد جلسة طارئة ويشكل لجان تحقيق لو اقترف الاسرائيليون او غيرهم من الاجانب جرائم قتل ممثالة للعرب. العرب اذن تستبيح قتل ابنائها علي يد ابنائها وتحرمها على الآخر؟. ام ان العيون تغمض حينما تكون دوافع القتل طائفية. العرب وقفوا موقف المتفرج حينما اشتعلت الصدامات في اليمن وفي السودان وحينما كانت طاحونة القتل تمارس بعملها في شمال العراق ضد الكرد الذين يتوجب على العرب حمايتهم لانهم يعيشون بكنفهم في إطار الدولة التي يديرونها اضافة لكونهم من المسلمين. وكم من العرب زعق حينما اعدم اعتى دكتاتور في العالم بعد محاكمة شفافة وعادلة وصمتوا على قتل المئات من الابرياء في عملية انتحارية جرت بسوق الصدرية. هل لان اغلبيته شيعية؟! ولكنهم من العرب. وحسب معطيات وسائل الاعلام فقد اسفر تقاتل الاخوة الاعداء في غزة عن سقوط ما لا يقل عن 90 شخصا بينهم أيضاً أطفال ونساء ومدنيون( تصورا ان اسرائيل قتلت في ايام معدودة 90 فلسطينيا ماذا سيكون الرد). ولم يحتج العرب على القتلة الاخوة. لم يطالبوا حتى بعقد اجتماع ولو على متسوى المندوبين للجامعة العربية لادانة قتل الفلسطيني لاخية الفلسطيني!. لم يعرفوا هويات الضحايا لقد تسامحوا لان القاتل عربي هذه المرة. وفي الذاكرة الكثير من المواجهات العربية ـ العربية التي سجلها التاريخ ولكن القلوب تعاملت ببرودة معها. فهل تتدهور قيمة الدم العربي حينما يقتل على يد اخية؟. لقد تخلت الامم المتحضرة بقوة عن التقاتل واستباحة دم القريب وحتى غير القريب، ووضعت "تابو" على استباحة الدم . قتل الانسان.وذهبت دون رجعة خاصة نزعة ممارسة القتل الجماعي ( التي يمارسها العرب ضد اخوتهم العرب في العراق يوميا) ضد ابناء الشعب الواحد، لتحقيق اهداف سياسية او طائفية او منفعة شخصية. ان أي هدف لايسوغ قتل الانسان وأ
شياطين دستويفسكي وشياطيننا
نشر في: 17 إبريل, 2011: 05:26 م