TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > دور المثـقـف فـي الانتـفـاضـات العـربـيــة

دور المثـقـف فـي الانتـفـاضـات العـربـيــة

نشر في: 18 إبريل, 2011: 06:25 م

حسين علي الحمدانيهل ثمة فجوة بين جيلين من المثقفين في عالمنا العربي بصورة عامة والعراقي بصورة خاصة ؟ وكيف يمكن أن نتصور المثقف العراقي في المرحلة المقبلة ؟ تبدو هذه الأسئلة كأنها تقول بأن هنالك تباعداً كبيراً وكبيراً جداً بين جيل وآخر ونقصد هنا المثقف العراقي وصورته قبل دخول التكنولوجيا الرقمية والمثقف الحالي أو ما يمكن تسميته بالمثقف الرقمي الذي يسخر ما موجود من تكنولوجيا اتصالات لخدمة ما يريد إيصاله للآخرين بشكل سريع ومكثف .
مع التطور التكنولوجي والرقمي الذي اجتاح العالم ، تغيرت الكثير من وسائل نقل الثقافة وتغير معها الكثير من المسميات التي ظلت راسخة لعقود طويلة في ظل حالة الجمود المعلوماتي التي طغت على المنطقة العربية في الماضي .ومنذ سنوات انفجرت مخرجات التكنولوجيا الحديثة لتستثمر في مناحي عدة ،أهمها: الجانب الثقافي وتفرعاته الكثيرة وباتت تمثل هذه المخرجات التكنولوجية حالة لا بد منها وضرورة من ضرورات المثقف في العالم بصورة عامة وعالمنا العربي بشكل خاص خاصة وإن هنالك ثمة فجوة كبيرة بين العالم وعالمنا العربي الذي وصلته هذه التكنولوجيا متأخرة جدا . لهذا نجد اليوم أكثر من ملياري شخص يستخدم الشبكة العنكبوتية في الحصول على المعلومة والثقافة معا ، وإذا ما عرفنا بأن نصف سكان الكرة الأرضية هم من الأطفال دون سن الخامسة عشرة ، فهذا يجعلنا نستنتج بأن ثلثي سكان الأرض يستخدمون الانترنت في أعمالهم ومطالعاتهم .وبالتأكيد فإن العالم العربي لا يخرج عن نطاق هذه النسب والأرقام لاسيما أن الشباب العربي سخر تكنولوجيا المعلومات في تحطيم نظامين بوليسيين حتى هذه اللحظة هما التونسي والمصري وأخرى في طريقها للزوال  عبر ما عرف بثورات الفيسبوك ، وهنا نجد بأن الثقافة الرقمية أو الديجتل تفوقت على الثقافة الورقية أو بعبارة أدق المثقف العنكبوتي تفوق على المثقف التقليدي الذي وجد نفسه لا يجيد قراءة الواقع لأنه أصلا ابتعد كثيرا عن هذا الواقع، وهنا يبرز السؤال هل سنشهد فجوة بين المثقف التقليدي ومثقف عصر الفيسبوك أو ما يمكن تسميته بالمثقف الرقمي ؟حقيقة الأمر قبل عامين من هذا التاريخ كنت في جلسة جمعتني وعدد من المثقفين ممن صالوا وجالوا في العقود الماضية لدرجة لم يتركوا شأنا إلا وكتبوا به ولم تخل صحيفة أو مجلة من نتاجاتهم آنذاك ، وكنت أتحدث عن دور التكنولوجيا الرقمية في نهضة الثقافة خاصة في العراق بعد عام 2003 ودور شبكة الانترنت التي أصبحت جزءاً من متطلبات المثقف اليومية خاصة وإنها متيسرة وزهيدة التكلفة وسريعة بالتواصل مع الآخرين  من جهة والحصول على المعلومة ومواكبة التطورات من جهة ثانية، كنت أتحدث وشعرت بأنني ربما فشلت في أن أجعل هؤلاء أن يدركون معنى ما أقوله فكيف لي أن أجعلهم يقتنعون بأنني دائم التواصل مع الصحف وأطالع ما يصدر منها قبل أن تصل لبائع الصحف نفسه ؟ حاولت بشتى الطرق أن أوصل هذا لهم لكنني فشلت وأعترف بهذا الفشل الذي جعلني في لحظتها أشعر بأن هنالك فجوة ستحدث إن لم تكن قد حدثت بالفعل بين جيلين اختلفت أدوات استخدامها لنقل الثقافة، فالأول تقليدي في كل شيء والثاني  استخدم الحداثة وسخر التطورات العلمية وما توفره له من مواكبة سريعة جدا لما يدور في مختلف بقاع المعمورة  دون أن يفقد ثقافته وتراثه وخاصيته. لهذا تشكل ثمة مشهد أشبه ما يكون بالخالي من التوازن الستراتيجي كما يحلو للبعض تسميته ، وهذا المشهد  يمثل طرفه الأول المثقف التقليدي الذي لم يساير ويواكب التطورات الهائلة جدا في العالم ويحاول مواجهة هذا التطور بالسلاح التقليدي الذي ما زال يتمسك به دون أن يعي بأن العالم أو الأجيال اللاحقة باتت تستخدم آليات أقوى وأفتك وأشد قوة ، لم يعد المثقف الآن وفي هذا الوقت ينتظر بائع الصحف بقدر ما ينتظر نزول الصحف على موقعها ليطالعها ويتابع جديدها مانحا نفسه فرصة السبق ربما لساعة أو حتى بضع دقائق خاصة وأننا نعيش عصرا رقمياً تحكمه الثواني ودقائق الساعة وأحيانا أجزاء من هذا وذاك.لهذا فإن التأثير في الرأي العام بات الآن مرهونا بمدى قدرتك على امتلاك أدوات التخاطب الحديثة والسريعة والتي يستخدمها يوميا من تريد مخاطبتهم جميعا في لحظة واحدة ، هذا الشيء بدأ واضحا جدا في حملة أوباما الانتخابية وهو في طريقة للبيت الأبيض حيث أستخدم التقنية والتكنولوجيا الحديثة في  مخاطبة الشعب الأمريكي ووصل لما يريده ، وفي عالمنا العربي وجدنا قيادات غير مرئية تحشد الشباب في ساحات الحرية ، لم تستخدم الطرق التقليدية في الدعوة للتحشد والتظاهر بل استخدمت آليات عصرية يستخدمها الجيل الحالي ، وبالتالي وجدنا المثقف التقليدي غائباً لسبب جوهري ربما لم نشعر به في وقته وهو إنه أساسا لا يجيد استخدام التكنولوجيا الرقمية، وهذا سر غيابه عن ميادين التغيير في عواصم العرب التي اكتظت بالحشود كاكتظاظ مقاهي الانترنت بروادها ، وباتت مزدحمة بالشباب الذي تجمع عبر رسائل نصية تارة ودعوات فيسبوكية تارة أخرى  فيما ظل المثقف التقليدي ينتظر وصول بائع الصحف ليطالع أحداث الأمس التي صنعها المثقف الرقمي في عصر باتت التكنولوجيا أداة ناقلة أكثر مما نتوقع.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram