سميرة المانعلندن(إلى شمران الياسري إعجاباً بروايته: رباعية أبو كاطع)فلنضحكْ إذن ! بعد ان هيأتُ نصاً إدبياً، كما اتفقنا، على شكل رسائلَ متبادلة بيني وبينكم، عنوانه : "الحرية، الحرية ، من فضلكم " مشدّدة على اهمية الحرية للمؤلفين فهي كالماء والغذاء للابداع، وعلى ضرورة الاهتمام بها في ملفاتكم حول القصة والادب الرفيع، واذا بي
أغيّر رأيي، فجأة، في العنوان، وأبدله الى " العدالة ، العدالة ، من فضلكم " شاعرةً اننا أيضا بحاجة الى العدالة. ثبّتُ الفكرة جيدا لئلا يصيبني الميلان الى عنوان آخر مثل " الرحمة، الرحمة، من فضلكم " وتبين لي ان هذه قصة لا نهاية لها، اذا بقيتُ مستمرة بها في اختيار عنوان، فنحن على ما يبدو، جدّ معوزين، وفي حاجة لاشياء كثيرة في بيتنا الفقير. بل نحن، لو أردتم الحق بصراحة، مساليخ وبالعامية العراقية ( مصاليخ ).rn...واذا بقيت حالتي على ما هي عليه بالتفكير بتغيير العناوين، حسب الحاجة لنا، فلن أنتهي منها، وربِّ الكعبة، حتى مطلع الفجر .. قررت أن أرضى بالعنوان المذكور أعلاه، وأتحدى الاغراء، ولو أننا وبصراحة (ابو كاطع) خرجنا من اوطاننا، كما أرى، شبه عراة(أرجو العفو) شحاذين. لا تغضبوا مني رجاءً، بسبب هذه الكلمة أو تلك، اصبروا عليّ قليلا،لأنها لم تأتِ سوى نتيجة للاسباب التي توصلت إليها في نهاية المقال (فكونوا معنا) ومعذرة للفضائيات التلفزيونية العربية والمذيعين. الله، يعني لا أستطيع الكلام معكم إلا مع الاعتذار. ما هذا اللغو، إنها حالة لا تدل على الميئوس منهم ولا على اليائسين. على أية حال، ابتدأت ببحثي بهدوء وكأنني من ابناء مدينة البصرة القديمة، المؤدبين، المتأنين، وكما قيل: قد يدرك المتأني بعض حاجتهوقد يكون مع المستعجل الزللُحسنا، لا فضّ فوك، لكن هذا لم يُفدْ ابناء البصرة الاكارم المؤدبين، عطاشى الآن وهم الطافون على بحيرات الماء. لنغير الموضوع رجاء، لانه حساس، كما تشاؤون. إلا أن هذا لا يمنعني عن إخباركم عما سمعت عنهم مؤخرا وهو أن الانقراض مصيرهم وسيحلّ مكانهم آخرون من النوع المتكالب المادي العنيف لينسجموا مع روح العصر. ومع هذا سأصبر، والله مع الصابرين. هكذا، كما ترون يا أحبائي، ابتدأت بالسياسيين، ثم تناوشت علم الاجتماع ولكن همي الاكبر والأهم، لو تأنيتم مثل أهل البصرة، كان في موضوع الآداب والفنون . وبغتة خفتُ وارتعبتُ من النص والموضوع الخطر الذي أنا بصدده ماضية به. اخرجت قرص الكومبيوتر، الذي كنت منهمكة في الكتابة فيه أو عليه (تكنولوجيا حديثة، أطال الله في عمركم)، ورميته بعيدا عني في اقصى الدرج. عندما قرأت بصمت ما كتبته بخفوت، مطلة عليه متلصصة، في الشاشة الصغيرة، متحدثة حول الحاكم وهمجيته في (روزنباق)- لا ليس (الواق الواق) انتم مخطئون- وكيف يرمي الناس بالرصاص والغازات الخايسة (سامة قليلا) او للكلاب المفترسة حين يخالفون امره أثناء السجود والقعود، يعاقبهم من دون رحمة او أي تأنيب ضمير، والله القادر، وكما نعرف، غفور رحيم. إلا أن صاحبنا الفاني – مثلنا في هذه الدنيا الغادرة- يهجّر ويطرد ويقتل من يشاء بالبلد، عندما يشاء وكيفما يرغب دون اي اعتبارات يحرص على اتباعها (ولو ظاهريا) اي حاكم لمسؤوليته تجاه محكوميه . ملتفتة على بعض ما يُسمى بالكتّاب والمؤلفين عندنا وبضمنهم النقاد، وظاهرة التمادي بالشراهة والطموح غير المشروع والكذب والعبث بالثقافة والادب شيء عادي عندهم، معتمدين على التزوير والشطب والتقديم والتأخير والتعتيم، ذاكرة أن هؤلاء أيضا لهم حصة الاسد في موجة الافساد والتخريب في عصر الظلمات والتدمير لا هم لهم سوى نرجسيتهم (الأنا) وتلميع نياشينهم واسمائهم بالغش، وهم لا علاقة لهم بالنقد أوالفن القصصي أو الشعري، فأعوذ بالله، من هذه اللهفة والاستعجال من أجل الشهرة عندهم، ارجو الله أن يجعلهم هادئين رائقين فيكفوا عن الادعاء بأنهم شعراء وما شعرهم إلا (شعر الشماطيط) الذي ضجت منه الناس وخابت تسليتهم فيه، وما كان من أنس وعظة وعبرة عند العربان بالماضي إلا فيه عند القهر والضيق. لولا أن سلطت عليه فئة ناشبة اسنانها ومخالبها فيه، حتى ملّه القراء ونبذوه، صاروا من شدة اليأس منه ناسيه. أما في ما يتعلق بالقصاصين الفارغين، اولئك الذين كثيرا ما اشتكى منهم قراؤهم مستغيثين من الكلام المضجر والحشو والهذر والدم الثقيل، فلا الكلام قصة ولا تقنية كما يدعون، لكنهم وجدوا تكايا واصحاب مجلات وصحف يحظون فيها بالتطبيل والتزمير مصدقين. يبررون فيها مساوئهم وقباحاتهم وكأنها آخر ما توصل إليه الفن العظيم. هؤلاء، أيضا، يعملون خيرا لو حلّوا عن رقابنا بالحسنى وابتعدوا عن القصة البريئة المهتوكة لمآربهم في الصيد الثمين، أتصور أن لهم آنذاك أجرا بالدنيا والاخرة. ولماذا؟! تقول لماذا لا بارك الله فيك، ألا ترى ضآلة الموهبة عندهم والتي لا
الحرية، الحرية، من فضلكم
نشر في: 19 إبريل, 2011: 07:40 م