صبيح الحافظيعتبر تنظيم المعلومات من اخطر القضايا التي تواجه البلدان النامية في مسيرتها نحو التقدم للحاق بركب التكنولوجيا الحديثة، فالحصول على بطاقة الأحوال المدنية ما زال يأخذ طريقا روتينيا لدينا في حين انه لا يأخذ بضع دقائق في البلدان المتقدمة .ومما لاشك فيه ان عدم ترتيب وتنظيم المعلومات في تلك الدول يمثل مشكلة أساسية ما دامت هي الوسيلة المحورية لتعاطي مفرداتها، ففي الدول الأكثر تقدما تعتبر قيمة المعلومات مساوية لقيمة العلم والحضارة .
وتلعب المعلومات الدور الأساسي في المجتمعات الحديثة لأنها تنساب في كل مجالات أنشطة المجتمع سواء كان هذا النشاط علميا او تكنولوجيا أو اقتصاديا او اجتماعيا . وليس نقص المعلومات فقط هو المشكلة الأساسية التي تواجهنا كدولة نامية ، بل تواجهنا مشكلة اكبر واخطر ألا وهي عدم الاستخدام الأمثل لها في حالة توافرها، ويرجع هذا أساسا إلى عدم تنظيم وفهرسة وتسجيل هذه المعلومات وبالتالي يمكن الوصول إلى المعلومة المطلوبة لطالبيها في الوقت المناسب وبالقدر المناسب وبالجهد المناسب .يلعب قسم الارشيف في أية دائرة او مؤسسة حكومية دورا أساسيا في إمداد الأقسام الأخرى في الهيكل الإداري للمؤسسة بما تحتاجه من المعلومات التي تمكن تلك الأقسام من القيام بوظائفها الأساسية بكفاءة وفاعلية .وهناك من الأمثلة التي تثبت فشل كثير من المشروعات التي تقوم فيها الدولة . او اتخاذ كثير من القرارات العشوائية نتيجة النقص في المعلومات المؤرشفة ونتيجة غيابها او تأخير وصولها لطالبيها . في موضوع سابق لي أكدت فيه أهمية المعلومات الموثقة والمحفوظة في أقسام الارشيف في الدوائر الدولة ، ونبهنا الى الوضع المتردي في تلك الأقسام وآليات العمل الخاطئة وعدم وجود الأدوات والمستلزمات الحديثة التي تتطلبها تلك الأقسام بهدف القيام بأعمالها بصورة تسهل عمليات انسياب المعلومات الى طالبيها بدون إبطاء من جهة ، ومن جهة أخرى السيطرة والتحكم بالوثائق الواردة إليها لتوثيقها وحفظها في الملفات طبقا للقواعد والنظم الحديثة وما زالت دون المستوى المطلوب، وندرج هنا أهم المشاكل التي تعانيها تلك الأقسام والإجراءات الخاطئة التي ما زلنا نراها في عدد من دوائر الدولة ومؤسساتها وهي كما يأتي :1- إن أماكن وضع الملفات "الأضابير" هي عبارة عن رفوف خشبية مرتفعة حتى السقف يصعب معها تناول الملف المطلوب في الرفوف العالية ما يؤدي الى تكاسل القائمين عليها عن الصعود والنزول ! وعلى الرغم من ان هذه الرفوف معرضة الى الحريق فإنها تعتبر أرضاً خصبة للديدان والقوارض والأتربة .ولتلافي هذه الحالة علينا استعمال الخزانات الحديدية ذات الأبواب والدواليب الدوارة الحديثة . فهناك شركات ومصانع لإنتاج مستلزمات حفظ وخزن الملفات.2- يجب تجهيز أقسام الارشيف بأجهزة كومبيوتر لخزن الفهارس ومواضع الملفات واستخدامها كأدلة على أماكن وجودها مع ضرورة استخدام أساليب الاستنساخ الحديثة .3- حفظ الوثائق في بعض الدوائر يجري في أوعية من الكارتون الخفيف لا يصلح لعملية التوثيق والخزن حيث انه سريع التمزق والتلف ، من غيره.4- ان العاملين في تلك الأقسام غالبا ما تنقصهم الخبرة والمعرفة للنظم الحديثة في عملية التوثيق المتطور ، وهم قد اكتسبوا خبرتهم من خلال ممارستهم التقليدية للنظم القديمة الجامدة وظلوا على هذا المستوى دون تحديث، والأمر يستوجب تغذية هذه الأقسام بطاقات شابة مدربة وذوي اختصاص في علم المكتبات ونظم المعلومات الحديثة بما فيها الحاسبات الالكترونية ، مع الأخذ بنظر الاعتبار تأهيل الآخرين بواسطة الدورات التدريبية، مع تنظيم زيارات ميدانية لعدد من الشركات والجامعات والمكاتب الاستشارية وغيرها من الجهات التي تطبق كل ما هو حديث من نظم وأدوات ومواد أخرى.
تحديث أقسام الإرشيف في دوائر الدولة
نشر في: 20 إبريل, 2011: 06:09 م