اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > بـول أوستر.. مفاهيم شخصية تطارد بالونات الـفـكـر

بـول أوستر.. مفاهيم شخصية تطارد بالونات الـفـكـر

نشر في: 29 إبريل, 2011: 05:07 م

ترجمة: عبد الخالق علي تدور الرواية الرابعة عشرة لبول اوستر، التي أعدها  في عمارة سكنية يسكنها أناس بشكل غير قانوني في نيويورك، حول نفس المثقفين  المبتلين الذين يعششون في كل قصصه.مثل العديد من رواياته، فإن الرواية الأخيرة لبول اوستر فيها  مؤيد لديه سر غامض، ليكون موضوعا  لكتاب اوستر.تبدأ الرواية في فلوريدا لتكشف عن مثقف صامت (مايلز هيلر)
يبحث عن ملاذ من  الأسى الذي عاناه على يد فتاة كوبية قاصر.عندما تهدده شقيقة الفتاة بالوشاية لدى الشرطة، يضطر مايلز للهرب الى بروكلين حيث ينتقل الى سكن غير قانوني في شقة مع بعض الفوضويين المنبوذين  الذين يمتنعون عن دفع الإيجار، أحدهم يعمل في " مؤسسة للأجهزة المعطوبة " تختص بتصليح المكائن و الهواتف و ما شابه، و الآخر يلتقط صورا فوتوغرافية " تثير الدهشة  الصامتة لكل ما هو نقي". هناك ثلاث تخمينات لما تدور حوله رواية متنزه الغروب – يفكر مايلز " كانت  هناك تلك الامور المنبوذة  في فلوريدا، و الآن هو يتعثر فوق  أشخاص منبوذين في بروكلين ".ابتداءً من ثلاثية نيويورك التي كتبها في السبعينات، كتب اوستر 14 رواية يستنبط الآن اهدافها و موضوعاتها  ببراعة رجل منهمك بحل كلمات متقاطعة ابتكرها هو بنفسه.قصصها بسيطة.كاتب أو مثقف يعيش حياة الرهبان، يكتوي بالحزن لفقدان أحد أفراد أسرته، حتى يطلب منه يوما حل أحد الألغاز، أو إتمام مهمة خطيرة لم تكن بالحسبان.في رواية (موسيقى القدر 199.) يطلب من البطل بناء جدار من الطابوق الغرض منه ان يرمز الى عبث جهود البشر، و هي موضوعة تظهر في الصفحات 23، 34، 37، 42 ثم تستمر بفترات منتظمة مثل قطرات تنزل ببطء من الحنفية.يكاد كتاب اوستر ان يكون غير قابل للتصديق دون وجود التعليم ما بعد التخرج في أميركا.قبل نصف قرن نحت صامويل بيكيت أعمالا بأنفاس أخيرة لرجل ينحت اسمه على حائط زنزانته في السجن.الآن لدينا اوستر، الذي يعالج موضوعات  الحداثة الرفيعة لقراء مدفوع لهم، او يدفعون مبالغ لدراسة بيكيت من اجل كسب العيش.ليس في هذا جريمة، إنما فيه سقوط مخيف من ذهنية  جمالية تأتي فيها الحكايات مغلفة.عند ظهور اوستر  أول مرة على المشهد، كانت قصصه مجردة و  مبهمة، تزدري المحيط الاجتماعي، كما لو انها  تتخلص من فأر ميت.انه في هذه الايام  يدغدغ    اهتمامات الكتّاب البوهيميين شبه الموظفين في بروكلين الذين يصوتون للديمقراطيين، بنفس الخليط من الحيلة و التملق اللذين يسحر بهما (جون غريشام) قرّاءه.أحدى شخصيات متنزه الغروب تنفرد بكونها واسعة الاطلاع و تبدي ملاحظات ماكرة عند العشاء، شخصية أخرى يتم طردها لكونها ثقيلة الظل رغم انها تنشد لباوند عن ظهر قلب و تسرد اسماء معارضيه في العالم منذ 1932.تلك الفتاة الكوبية القاصر قد تسمح لأوستر بأن يبدي ولعه ببعض العنجهية (النابوكوفية) في وجه التقاليد البرجوازية هناك ليتحسر على " العقل الجميل " لمايلز و " حبه العظيم للأدب مما جعل معلميها في اللغة الانكليزية في اعدادية كنيدي، يبدون و كأنهم  دجالون".مثل الكثيرين من مؤيدي اوستر، فان مايلز عبارة عن جمجمة فيها سر غامض ; قبل عدة سنوات دفع شقيقه عن غير قصد أمام احدى السيارات المارة، حزنه في ما بعد اضطره الى نفي نفسه.يكتب اوستر عن العاطفة الانسانية كما لو انه كان  لديه شيء مما وصفه  له، قبل عدة سنوات، احد الركاب و هما في قطار المترو.لدينا " فورات حماس و انتقام "، لدينا " حزن بحجم العالم "، لدينا " نوبات من التشنج منقطع الانفاس ".لكن في الحقيقة ليس لدينا أي من هذه الاشياء .انها  فقط مجرد فكرة عنها.هذا ما هي عليه كل روايات اوستر.أفكار لروايات مع مفاهيم شخصية تطارد بالونات  الفكر من خلال قصص ستحدث، بينما تخطئ هشاشة بنائها من اجل التقشف  في بساطتها.قد يكون الذكاء صفة مبالغاً فيها في الروائي، و يبدو ان اوستر، بعد هذا العدد الكبير من الكتب، قد توصل الى هذه النتيجة.تفكر إحدى الفنانات في متنزه الغروب و هي تواجه جدارا من رسوم الحياة الجامدة " انها تلتقي برسوم  فارغة في أسلوبها، بينما كل ما كانت تريده هو ان ترسم  مشاعرها المتذمرة ".تعود الرواية للحياة مرة اخرى في صورة عابرة لممثلة " بمزاجها المتقلب و عاطفتها غير المهذبة من اجل  النكات القذرة ".رواية اوستر لعام 2..2 (كتاب الأوهام) أيضاً تحتدم في الحياة لإعادة خلق مستقبل ممثل افلام صامتة.كل ذلك يوحي بان اوستر قد يكون على صواب في غلق باب المكتب على مثقفيه في المرة القادمة و يتوجه الى تلال هوليوود.من يدري ؟ سيجد الكثير مما يبعد عنه وجع الرأس لكي ينام، و ربما سيحلم أيضاً.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram