TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > عيد العمال وتاريخ من التضحيات

عيد العمال وتاريخ من التضحيات

نشر في: 29 إبريل, 2011: 05:27 م

محمد صادق جرادظل احتفالات عمال العراق وعمال العالم بعيد العمال العالمي في أيار من كل عام نسترجع المرحلة السابقة من تاريخ الحركة العمالية ومسيرتها الحافلة بالتضحيات، والتي شهدت إضرابات وتظاهرات عديدة في دول العالم المختلفة لتطالب بحقوقها المشروعة والتي سلبتها منها الحكومات الرأسمالية والقوى البرجوازية الباحثة عن الربح الفاحش على حساب العامل وحقوقه المشروعة ومن خلال تفشي الظلم الاجتماعي
 والتفاوت الطبقي الصارخ وزيادة ساعات العمل وتخفيض الأجور بما لا يتلاءم مع الجهد الذي يبذله العامل، الأمر الذي جعل العمال في العالم ينتفضون ضد الظلم وينظّمون الإضرابات، وكان أولها إضراب استراليا في عام 1856 حيث انطلق ليطالب بتقليص ساعات العمل وتوفير ظروف مناسبة للعمال، وبعده انطلقت الإضرابات في أماكن أخرى مثل: بولندا في عام 1863 وتوجت بإضراب شيكاغو 1886 الذي شهد صدامات عنيفة أدت الى سقوط العديد من الضحايا ليشكل ضغطا كبيرا على الجميع في إعطاء العمال حقوقهم وتنفيذ مطالبهم المشروعة من خلال انعقاد المؤتمر العمالي العالمي في عام 1890 الذي يعد انطلاقة حقيقية لتحقيق مطالب العمال، وكانت من أهم مقررات هذا المؤتمر اعتبار يوم الأول من أيار من كل عام يوماً للاحتفال العالمي بعيد العمال وتم رفع شعار «نضال العمال ضد البورجوازية والطبقة الحاكمة مستمر، وما دامت الـمَطالبُ لم تُـلَـبَّ، فإن الأول من أيار سيكون التعبيرَ السنويّ عن تلك الـمَـطالب.» وهكذا اتخذ عمال العالم من هذا اليوم مناسبة لتقديم مطالبهم والدفاع عن حقوقهم ومكتسبات العمال وحركتهم النقابية ورعاية مصالحهم المشتركة والعمل على رفع مستواهم الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والصحي .من هنا يمكننا القول بان الواقع العمالي في الغرب قد شهد تحسنا كبيرا من خلال استقرار المستوى المعيشي وتناسب الأجور مع الجهد وتوفير الضمان الاجتماعي وازدهار العمل النقابي الذي يدافع عن حقوق العامل وينظم العلاقة بين المالك وبين القوى العاملة المنطوية تحت لوائه .أما الواقع العمالي في المشهد العربي فيعاني الكثير من الإهمال والمشكلات المتراكمة ومنها غياب الجهات النقابية الحقيقية التي تدافع عنه وتضمن له حقوقه، وذلك لان الأنظمة الدكتاتورية سعت إلى تسخير جميع النقابات والاتحادات الى واجهات للأنظمة تساعدها في السيطرة على الشعب بكل فئاته وطبقاته وتكون واجهة للنظام وللترويج عن أفكاره الشمولية، ولهذا عانى ويعاني العامل العربي الظلم الاجتماعي وضياع الحقوق، وهذا ما جرى إان الأزمة الاقتصادية العالمية التي شهدت تسريح الكثير من العمال دون حصولهم على أي ضمانات لهم تضمن قوت عوائلهم للمستقبل الذي أصبح مجهولا ومظلما بالنسبة لهم .ويمكن القول بأن التظاهرات التي شهدتها الساحات العربية قد عبرت عن الكثير من المطالب كان أهمها معالجة البطالة المتفشية وتحسين أجور العمال والموظفين وكل أبناء الشعب لضمان مستوى عيش كريم للجميع .وتجدر الإشارة هنا إلى ان شريحة كبيرة من العمال داخل المشهد العراقي مازالوا يعانون الظلم نتيجة للمشاكل الاقتصادية التي أفرزها الوضع الجديد ويجب ان نعترف بان مسألة الإصلاح الاقتصادي في العراق مازالت في بدايتها وتعاني الكثير من المشاكل، حيث ظلت السياسة الاقتصادية المعتمدة في البلاد منذ 2003 وحتى الآن غير قادرة على استيعاب وتطبيق مفهوم الاقتصاد الحديث الذي يعتمد على تنوع الموارد المالية ويقوم على تنشيط فعاليات اقتصادية مهمة لكي تكون رافدا مهما وحيويا في تنشيط الاقتصاد الوطني , ولهذا نجد بأن الاقتصاد العراقي ظل يعتمد، وبشكل كبير، على عائدات النفط وبنسبة قد تتجاوز 93% وهذا ما يلغي دور باقي القطاعات المهمة في بناء الاقتصاد العراقي الجديد كقطاعات الصناعة  الزراعة والسياحة .ولا بد من الإشارة هنا إلى ان إهمال هذه القطاعات المهمة قد تسبب في مشاكل جديدة أضيفت إلى المشاكل الاقتصادية التي يعانيها الاقتصاد العراقي والتراكمات التي أخذت تزداد في السنوات الأخيرة حيث ساهم توقف الإنتاج في الصناعة الوطنية وإهمال المنشآت الصناعية والمعامل الحكومية والأهلية الى تفشي ظاهرة البطالة والبطالة المقنعة إضافة إلى ضياع حقوق العمال الذين عملوا لدى الحكومة والقطاع الخاص لسنوات طويلة انتهت دون ان يحصلوا على ضمانات الاجتماعية لهم ولعوائلهم، لذا لا بد من وقفة في مناسبة عيد العمال العالمي من اجل ان ننظر فيها الى معاناة عمال العراق الذين بذلوا سنوات شبابهم في بناء البلد.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram