اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > إشكالية الجنس والدين في الفن التشكيلي الأوسطي المعاصر

إشكالية الجنس والدين في الفن التشكيلي الأوسطي المعاصر

نشر في: 1 مايو, 2011: 05:11 م

2-3علي النجارإننا عبر صورة الجسدلا نملك سوى ضعفنا  ( رولان بارت)الحجاب، و بضمنه الجلباب، باللغة السويدية، وحيث اقطن. يصطلح عليه شعبيا بالخيمة. ربما أطلقت عليه هذه التسمية لتشابه هيئة الحجاب وما يتبعه من الأردية الأخرى بمظهر الخيمة(1). والحجاب، هو الستار. ومنه(الستر) عرفيا، بالعامية العراقية. ولكون كل من الحجاب والخيمة يخفيان أكثر مما يظهران، رغم اختلاف وظيفتيهما الظاهرية. الفنان الإيراني (مكان عمادي) لعب على مفهوم ومظهر الحجاب اختراقا لمحظوراته وتدميرا لوظيفة الحجب التي اشتغلت عليها، أو الشعيرة الطقسية الجسدية الدينية.. أردية الحجاب في رسومه تنزاح وتنكشف عن أجزاء الجسد الأنثوي الحساسة والمحظورة.
 فما غرض الفنان من هذا اللعب المكشوف على طقس التحجب وتفكيكه لصالح إيحاءات جنسية فاضحة. وهل تندرج أعماله ضمن خط الإثارة الإعلامية، من خلال تعارضها الحاد والخطاب الديني المحلي(الإيراني) المتحفظ. هو يعلنه خطابا فنيا مناهضا للتشدد الديني، لكنه، وفي نفس الوقت خطاب يتمادى وأهداف المصالح السياسية للطرف الآخر. فدمج صورة الحجاب ورموز الإرهاب أو آلاته في بعض رسوماته، لم يعد، في وقتنا الراهن خطاباً مقنعاً لكل الأطراف إذا ما تم المبالغة في طرحه وبتكرار ممل كما يفعله عماد. إلا إذا أريد له أن يحقق شهرة إعلامية في الوسط الغربي. وهذه هي أحد محاذير الخوض فنيا في هكذا مواضيع دون الفهم الكامل للدوافع الثقافية الإنسانية التي يسعى الفنان لإبرازها. لقد اكتشف هذا الفنان وصفة الجنس المحرم والإرهاب، وخلطهم في وصفة واحدة. وبات حريصا على نفسه من تداعيات وصفته هذه، بالتخفي آناً والتنقل آنا آخر. وآناً وجدنا تفسيراً معقولاً لبعض طروحاته. إلا أن تكرارها إلى ما لا نهاية يفقدها غرضها التحريضي، ويدعونا للتساؤل عن مغزى ذلك، وان لم يكن المغزى مخفيا(2). رسوم العمادي لا تملك مواصفات فنية مبهرة. ولا تكنيكا مميزا. ومعظمها لا تتجاوز في صيغتها سمات (الأفيش) الدعائي لأفلام الدرجة الثالثة السينمائية. لكن أعماله اكتسبت شهرتها في الوسط الذي يدعى(عالمي) من خلال اللعب على مفاهيم الموجة العالمية الجديدة لما يسمى بالإرهاب الإسلامي. هو يكشف عن بعض الخلل في البنية الاجتماعية المحلية الإيرانية. ويحاول الكشف عما آل إليه حال المرأة الإيرانية المبتلية بتجاوزات النظام وآليات اجتهادات حجبه وأدواته القمعية الإجرائية . لكن وغير بعيد عن تفسير الفنان، فان ثمة حقائق لا يمكن إغفالها عن اتساع ظاهرة الدعارة في الوسط الاجتماعي(*)، على الرغم من المظهر المتحفظ الظاهر للعيان. ظاهرة لم تصبح بهذا الاتساع لو توفر لإيران حداثة مجتمعية حقيقة لا زائفة. كذلك ما لدور التشدد الديني على الحريات المدنية، ومنها الحقوق المدنية النسائية، من اثر سلبي على واقع حالهن وللحد الذي يحيي بذرة التمرد والتحدي بالسلوك المضاد أو المراوغ  لكل المحظورات(وكل ممنوع مرغوب). إذا تجاوزنا العمل الاقتصادي الضاغط. رسوم عمادي الجسدية من هذا المنظار، هي رسوم سياسية سخرت الجسد الأنثوي رسالة مشفرة ذات حدين. إذا ما عرفنا بان للجسد أيضا رغباته، قوانينه الوضعية، إن تعرضت للانتهاك، فسوف تناور على حافات هذه القوانين وبما يؤدي إلى اختراق مناطقها السلوكية الهشة. ليس عمادي هو الفنان الإيراني الوحيد الذي يناور الجنس في الجسد. بل هي ظاهرة عند العديد من مغتربيهم. واعتقد ان الأمر راجع لفسحة الحرية الواسعة التي وجدوا أنفسهم يتمتعون بها في بلدان اغترابهم. لكن الفن الفارسي وعبر عصوره المختلفة هو بالدرجة الأولى فن حسي، يمجد جمال الطبيعة والجسد. والشعب الفارسي ميال للأنس والطرب وتجويد خط الحروف والمنمنمات والأدب. وحتى لفظ مخارج حروف لغته تشي بذلك... وما حدث من مصادرة متأخرة لهذه الروح الشفافة، اعتقده احدث شرخا في هذه الروح. من هنا حاول العديد من الفنانين، وسط هذه المحنة الثقافية المضادة، البحث عن مصادر إلهامهم. وهذا ما يفسر نزعة التمرد المتوفرة في معظم نتاجهم. ومنه ما يتناول اضطهاد الجسد وتعتيم مناطقه المضيئة. وان كان التعبير عند البعض بحثا حفريا في علة الفصل القسري بين الجنسين، بوسائل إيحائية رمزية راقية. فإنها عند البعض لا تخلو من فجاجة، ربما هي مقصودة، وكما في أعمال الفنانة(شيرين فهيم ) قريباً من عماد، وبعيدا عنه في نفس الوقت، نفذت فهيم أعمال بغاياها المجسمة بمخلفات البضاعة النسوية من الملابس الداخلية والحجاب وغير ذلك من قطع أجزائها، مثلما صنعت اكسسواراتها بغرائبية سقط موادها الأخرى . واستعارت لبعضها أعضاء جنسية ذكرية. في محاولة منها لجمع النقائض تحديا كاريكاتوريا لسلطة الحجب. أعمالها تبدو كأنها دمى العرائس في رحلة استجمام عبثية وسط زحمة الوسائل والوسائط الفنية لما بعد الحداثة التي أجازت التعبير حتى على أنقاض الإرث ومحظوراته. هي تلج منطقة عماد التعبيرية الهجائية، لكن ليس من المنظور الذكوري، كما هي عنده. بل من داخل الفضاء الحريمي العائم وسط مفاعيل الكبت و تابو المساس برموز الذكورة وسلطتها المطلقة. هي أيضا، ومن خلال أعمالها تسعى للكشف عن المستور من ممارسات القمع المنزلي والتهميش  النسوي الاجتماعي المؤيد بسلطة الكهنوت المحلية. لذلك فهي تتحدى بنفس الأداة، أو الامتياز الاختراقي الذكوري، والذي يتم الإعلاء من شأنه دوما، وهي مثلما تجمع النقائض، فإنها أيضا تهدمها برثاثة مجسماتها في نزعة لتحدي  رثاثة في ارث تعتقده لا يحتمل المساس بصيغ ثوابته التي هي في نظرها هشة لحد التمادي في كونها مزحة متعثرة بجلابيب هي دمى من مواد سقط ا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram