الكتاب : الحقيقة الخفية المؤلف: براين غرين ترجمة: عبد الخالق علي عندما يطلب موسى ان يرى من كان يحادثه على جبل سيناء يتم وضعه في شق ارضي و يطلب اليه ان لا ينظر الى النور الساطع كي لا يحترق بنوره . هذا المقطع مذكور بنفس المعنى في الكتاب المقدس للهندوس لكنه يحدث في باكافاد جيتا،و بشكل أكثر وضوحا حول طبيعة الرؤية المصيرية. حيث يستجيب كريشان – اكبر آلهة الهندوس –
لطلب المحارب آرجونا من خلال اخباره بان ليس هناك من يتحمل روعته و بهاءه من البشر،ثم يمنحه السمو اللازم " المشهد السماوي ". ثم يتبع ذلك اكثر الحكايات المرهفة و المؤثرة في الأدب العالمي .يظهر كريشنا بوجهه الكوني: متناهيا،مدويا،يحتوي كل الأكوان مع بلايين العيون و الأفواه،و يستوعب " الأسلحة السماوية" و يشتعل بنور ألف شمس. المشهد مروع ليس فقط بغرابته متعددة الاشكال و انما ايضا لأن ناره تستحوذ على كل شيء. يصرخ آرجونا المرتعب " ألسنة اللهب من أفواهك تلتهم كل العوالم ... ان روعتك تحرق بشكل مخيف ! ". حتى فترة قريبة،كان الفيزيائيون يعتبرون هذا المشهد هذيانا من عصر ما قبل العلم . و لازال الكثيرون يعتقدون ذلك. و مع هذا،و كما يذكر صاحب النظريات البارز ميتشيو كاكو، فان إمعان النظر في العوالم المتناهية الصامتة لم يعد من "السحر و الدجل و الهوس،و إنما هو يشغل أجمل العقول الموجودة على الكوكب " . مرحبا بكم في الكون المتعدد . قبل خمسمائة عام مضت،كان العقل الغربي يعتبر نفسه السيد المالك للعالم الصلب الذي لا يتحرك .في العشرينات وجد (ادوين هابل)مجرات أخرى وراء مجرتنا و أدرك بأنها كانت تبتعد عنا (قسم منها بسرعة اكبر من سرعة الضوء،و هي قدرة مستحيلة اذ ليس المجرات هي التي تتحرك وإنما الفضاء هو الذي يتوسع). و الآن،بعد سلسلة من المنظورات التي تدور في دوامة،جاءت الفرصة بان الكون هو مجرد كون واحد بين العديد من الأكوان : ورقة في غابة كونية . و الأكثر من ذلك – و كما يقول غرين في تقريره عما يسميه البعض بالعصر الذهبي لعلم دراسة الكون – هو ان هذه الأفكار هي ليست تأويلات محمومة من عالم حالم،وإنما هي تظهر من حسابات الفيزيائيين.الكون المتعدد يمكن ان تكون له أشكال عديدة،اعتمادا على المسلك النظري الذي تتبعه . يوضح غرين بأن الكون المتعدد المحشو هو ان التمدد المتناهي للكون في الفضاء يقود الى عوالم تكرر نفسها بالضرورة. اما في الكون المتعدد المتضخم فان الأكوان تبرز عشوائيا و تكون بشكل حفر تنفصل متطايرة . هناك كون متعدد آخر يفترض وجود أكوان أخرى غير مرئية تحوم بالقرب من كوننا . في الفصل الخاص بالكون المتعدد المقلد،يرى غرين بان كوننا هو كون ضوئي مبرمج من قبل حضارة غريبة . الأم لكل هذه الأكوان هي ما يسميه غرين الكون المتعدد الأصلي،و هي ان اي عالم يمكن صياغته رياضيا – او حتى نتصوره – يجب ان يكون موجودا بالضرورة . نعود الى آرجونا،المتلهف أمام الحقيقة التي تحتضن " الرؤى من عيونك العديدة،و الكلمات من افواهك العديدة " . انه مفهوم محير يلوح فوق استحالة الجهود. ان محاولة تعريف كل ما موجود هي مثل محاولة حصر الريح في صندوق او مسك الأحلام. ما هو مؤكد – كما يقول غرين – ان ما كنا نعتقده كونا هو مجرد مكون واحد لحقيقة خفية اكبر و اكثر غرابة . و الأجمل من ذلك ان العلم يعيدنا الى استعراض ذهني غريب يشبه تصوراتنا المضطربة عن ماضينا الخرافي. عن/الغارديان
الأكوان المتوازية والقوانين العميقة لها
نشر في: 2 مايو, 2011: 05:43 م