غالب حسن الشابندر(1) تقول المادة (1) من الدستور: (جمهورية العراق دولة اتحادية واحدة مستقلة ،ذات سيادة كاملة ،نظام الحكم فيها جمهوري نيابي (برلماني) ديمقراطي...).الديمقراطية أشمل من أن تكون نظاما جمهوريا أو ملكيا، نظام الحكم في بريطانيا ديمقراطي ملكي، فيما نظام الحكم في أمريكا ديمقراطي جمهوري، وبالتالي، الديمقراطية مفردة سياسية أشمل هنا، مما يستدعي تقديمها كصفة، فتكون الصياغة الأقرب للمعقولية هنا (العراق دولة ديمقراطية جمهورية....)،
ولما كان نظام الحكم أشمل من أن يكون رئاسيا أو برلمانيا، ولأن العراق نظامه برلماني ،فتكون الصيغة: (العراق دولة ديمقراطية جمهورية نظام الحكم فيها برلماني...) ولكن تبقى مفردة (نيابي)، حيث إن نظام الحكم في العراق الجديد نيابي، أي يختار الشعب ممثليه، فأقترح أن تكون وسطا بين شكل الحكم (جمهوري) وبين طريقة تعيين رئيس السلطة التنفيذية (رئاسي)، وبالتالي، العراق دولة ديمقراطية جمهورية نيابية برلمانية . (2)تقول المادة (2) بفرعها الأول: (الإسلام دين الدولة الرسمي وهو مصدر أساس للتشريع). بصرف النظر عن ملابسات القول بان هناك ديناً رسمياً للدولة ، فإن الإسلام ككل لا يمكن ان يكون مصدراً للتشريع، لأن الإسلام عقيدة وأخلاق وشريعة، والشريعة هي التي تصلح في هذا الاستعمال ، ولكن هنا نقطة اعتراضية أخرى ، فإن مصطلح الشريعة الإسلامية قد يفيد بشكل وآخر إن الأحكام الإسلامية بعنوانها الأولي، وفي هذا لغط وفوضى وكلام يطول ، ولذا قد يكون الأنسب في التعبير هو كلمة أو مصطلح (الفقه الإسلامي)، لأنه يشير إلى جهود علماء وفقهاء المسلمين وليس إلى الشريعة بلحاظ انطباقها على الواقع بالعنوان الأولي البحت، بل لا أغالي لو قلت أن الأكثر مناسبة هو القول:(فقه علماء المسلمين) مع لاحقة تفيد الاختيار الذي يعبر عن مصالح الإنسان، ومصالح المجتمع، ومجاراة ضرورة الزمان والمكان .ولكن هل بإمكاننا أن نسأل عن الدين غير الرسمي بالنسبة للدولة العراقية مادام هناك دين رسمي دستوريا ؟(3)تقول المادة ( 38 ) أساساً : ( تكفل الدولة بما لا يخل بالنظام العام والآداب : أولا : حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل .ثانيا : حرية الصحافة والطباعة والإعلان والإعلام والنشر .ثالثا : حرية الاجتماع والتظاهر السلمي، وتنظم بقانون) .يمكنني أ ن أسجل الملاحظات الآتية هنا:ـ الملاحظة الأولى: أساس المادة مربك للغاية، لأنها قد تفيد بان الدولة تكفل الحقوق الثلاثة المذكورة في ما بعد، ووسائل وأدوات وطرق ذلك (لا يخل بالنظام العام والآداب) فيما المقصود بهذه اللاحقة هي الحقوق المدرجة أدناه! أي الحقوق الثلاثة الآتية! هناك لبس في عودة اللاحقة، لبس في الأصل الذي تعود عليه اللاحقة المذكورة.الملاحظة الثانية: غموض وإبهام المادة في ما يخص اللاحقة الشرطية (النظام العام والآداب)، يجب أن يكون هناك وضوح ، وهي مادة قابلة للاجتهاد بشكل مثير وربما مزعج في كثير من الأحوال .الملاحظة الثالثة : جزء المادة الذي يقول:(بكل الوسائل)، مثير بالطبع، هذه الاطلاقية غريبة، فمن الوسائل ما هو عدواني، ومنها ما هو غير علمي، ربما مضلل، فيجب الاحتراز هنا، وبدقة، للتعبير وسائل متنوعة ومتخلقة ومتجدة ، يجب وضع ضابط هنا . ربما يكون الجواب، ان اللاحقة ( بما لا يخل با لنظام العام والآداب) باعتبارها لاحقة بالمواد الفرعية تكون كافية لتجنب هذا الغموض، وهو جواب قد يكون مقنعا ولكن يرتبك مع ملاحظة ما قلته سابقا في هذا الخصوص، وثانيا، إن التحديد هنا مهم بسبب الإطلاق المربك بحد ذاته. الملاحظة الرابعة: القول: (.... وتنظم بقانون)، لقد امتلأ الدستور العراقي بهذه اللاحقة، وهي لاحقة بمثل هذه السعة إنما تؤشر على فقر وجدب الدستور، ثم هي لاحقة تثير الكثير من المشاكل، فلابد من التفصيل هنا كي نتخلص من إشكاليات المستقبل .الملاحظة الخامسة: جاء في المادة (42): (لكل فرد حرية الفكر والضمير والعقيدة) ، فأي داع لمثل هذه المادة فيما نقرأ الحق الأول من المادة الأصلية رقم (38) ما نصه : (تكفل الدولة ... حرية التعبير عن الرأي...) ؟أليس هناك تداخل واضح ؟في تصوري لو أن حرية الفكر تفرد في مادة واحدة صريحة ،قائمة برأسها، يكون ذلك أليق وأرتب .(4)تقول المادة الأصلية (45) بفرعها الأول: (تحرص الدولة على تعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني ،ودعمها وتطويرها واستقلاليتها ، بما ينسجم مع الوسائل السلمية لتحقيق أهدافها المشروعة لها ، وينظم ذلك بقانون).هذه المادة هي الأخرى تثير اللبس والارتباك... نستطيع أن نقول مثلا: (... تعزيز مؤسسات المجتمع المدني ... بالوسائل السلمية) ولا داعي القول (بما ينسجم مع الوسائل السلمية)، ونستطيع القول اختصاراً: (لتحقيق أهدافها المشروعة) ولا داعي لمفردة (لها) ، ولست أدري فيما إذا كانت الدولة تعمل على دعم وتطوير واستقلال مؤسسات المجتمع المدني، فأي حاجة للقول في المقدمة (تحرص الدولة على تعزيز...)، ألا تكفي كل هذه المفردات للدلالة على هذا التعزيز؟!كلّما كانت المواد بسيطة وواضحة يكون ذلك أدعى لوصفها بالدستورية والقانونية والشرعية.(5)تقول المادة (46): (لا يكون تقييد ممارسة أي من الحقوق والحريات يمس تلك الواردة في هذا الدستور أو تحديدها إلا ب
تصويبـات فـي بعـض مـواد الدسـتـور العـراقـي
نشر في: 3 مايو, 2011: 05:20 م