بغداد/ نادية الجوراني الكل يعلم أن النفايات ليست عبارة عن أوراق ومواد بسيطة يخلفها المجتمع بعد الانتهاء من الاستفادة منها، فمخلفات الأطعمة معرضة للتفسخ ومخلفات وزارة الصحة من الأدوية والمستلزمات الطبية المستعملة والمواد الكيمائية ومخلفات المعامل الإنتاجية ومخلفات المجازر ومخلفات الحيوانات لابد من العمل على عزلها كلا على حدة والتخلص منها بطرق سلمية، فليس الحرق هو الحل الوحيد للتخلص من تلك النفايات.
السيدة أم عبد الباقر من سكنة مدينة الصدر تقول : الحي الذي نسكن فيه يوجد بالقرب منه ساحة كبيرة قد استغلت لجمع النفايات تقوم سيارات جمع النفايات التابعة لأمانة بغداد بتفريغ حمولتها كل يوم في تلك المقبرة والعملية ليست سهلة كما تظنون فهي عملية تجارية بين صاحب السيارة وبعض الأشخاص الذين يشترون الحمولة بسعر ليس بقليل وحسب المناطق وهؤلاء لديهم أشخاص مختصون على شكل عوائل تقوم بعزل النفايات وجمعها كل حسب مادته وقيمته فتعزل عبوات المشروبات الغازية ، ومخلفات الأطعمة، ومواد الكرتون ، ومواد البلاستك ، وما شابه ذلك أما باقي المواد فتقول السيدة أم باقر يقوم هؤلاء الأشخاص بحرقها.وعند سؤالنا من وراء هذه العملية المضرة بصحة المنطقة من حيث الدخان والروائح الكريهة الناتجة عن هذه العملية تجيب العوائل: أنعام واحدة من عشرات النساء اللواتي ساقهن الجوع والحرمان إلى احتراف هذه المهنة ضمن ما أصبح يطلق عليهم في الوقت الحاضر أسم "النبّاشة".... ففي أطراف العاصمة بغداد، حيث توجد أماكن الطمر الصحي، ثمة عالم منسي مسكون بالويلات والحزن، إذ تخرج يومياً عائلات من جبروت الفقر وبيوت المتجاوزين على أملاك الدولة في رحلة بحثٍ عن قناني ماء فارغة، وأجهزة كهربائية عاطلة، وبقايا نحاس ومعادن أخرى وغير ذلك، ويقوم أصحاب الورش الصناعية بتشغيلهم لجمع تلك النفايات وتحويلها إلى مواد أولية لإعادة تصنيعها ومن ثم تصديرها إلى خارج البلاد ... أم سعد، امرأة في العقد الرابع من عمرها، متزوجة من رجل معاق، تقول: "نحن عراقيون ولسنا غرباء، نريد من يلتفت إلى حالنا.. أناشد الجهات المعنية والحكومة، فنحن لم نجد فرصة عمل مناسبة لتوفير لقمة العيش". وتقول زهرة محسن التي غطت وجهها ببرقع أسود: "أبحث بين القمامة عما يسد رمق ابنتي المريضة وأبني الذي فقد سمعه بسبب عدم استطاعتي توفير مبالغ كافية لعلاجه، أعمل منذ الصباح الباكر حتى المساء لجمع قناني المياه الفارغة والعلب المعدنية مقابل أجر يومي لا يتعدى (7000) ألف دينار عراقي"، مناشدة مجلس النواب بالنظر في حالنا . ويقول أبو محمد، وهو سائق مركبة أن سيارات محملة بالنفايات تأتي من مختلف الدوائر والمؤسسات الحكومية للتخلص منها هنا في أماكن الطمر الصحي، فيقوم هؤلاء "النبّاشة"، من أطفال ونساء وشباب بالتزاحم والتدافع بغية الحصول على ما يمكن فرزه، مشيراً إلى أنهم يعتبرون تلك الحمولة من النفايات غنيمة، وعليهم ألا يمنحوا غيرهم فرصة للحصول عليها! ويؤكد أبو محمد أن حوادث دهس قد تحصل أحياناً بسبب تجمع أعداد من "النبّاشة" حول السيارات المحملة بالنفايات، وبخاصة الأطفال وكبار السن منهم، لافتاً الى أنه هناك امرأة تحضر معها أطفالها وتجلس في زاوية بين النفايات لترضع طفلها الصغير، وبعد ذلك تركنه في تلك الزاوية لتقوم باستكمال عملها في جمع النفايات.
مهنة البحث فـي النفايات
نشر في: 3 مايو, 2011: 06:59 م