حسين عبدالرازق أعلن «المستشار» عبدالعزيز الجندي وزير العدل في حواره مع الزميلة «سحر زهران» المنشور في صحيفة الأهرام يوم السبت الماضي «أن الانتخابات البرلمانية المقبلة ستكون بالقائمة النسبية بالنسبة للأحزاب وفردية للمستقلين» وأن جداول قيد الناخبين الحالية سيتم إلغاؤها وسيتم إنشاء جداول قيد جديدة على أساس الرقم القومي
وبيانات السجل المدني «وسيكون الموطن الانتخابي هو الموطن الثابت بالرقم القومي».وهناك أكثـر من ملاحظة على هذا التصريح المهم.أولها أن منهج سلطة الحكم القائمة منذ 11 فبراير/ شباط الماضي.. المجلس الأعلى للقوات المسلحة ومجلس الوزراء.. في الانفراد في اتخاذ القرارات وإصدار القوانين متواصل دون أي اعتبار للاعتراضات العديدة والصحيحة التي عبرت عنها الأحزاب والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني وفقهاء الدستور والقانون وكتّاب ونشطاء سياسيون عديدون، فبعد الاستفتاء على تعديل عدد من مواد الدستور (دستور 1971) الذي سقط بمجرد تولي المجلس الأعلى للقوات المسلحة سلطة الحكم، وقبل ذلك بثورة 25 يناير 2011، أصدر المجلس إعلانا دستوريا في 30/ آذار مارس يحتوي على 62 مادة تنظم فترة الحكم الانتقالية، بدا أقرب ما يكون «دستورا مؤقتا» وليس مجرد إعلان دستوري ينظم العلاقات بين السلطات في الفترة الانتقالية، ثم أصدر المجلس مرسوماً بقانون يجرم الوقفات الاحتجاجية والاعتصام والتجمهر والإضراب عن العمل أثناء سريان حالة الطوارئ (المعلنة منذ 6 أكتوبر/ تشرين الأول وحتى 31 مايو/ أيار 2012)، وتلاه مرسوم بقانون تعديل مواد القانون 40 لسنة 1977 الخاص بنظام الأحزاب السياسية، وكل هذه القوانين تمس بشكل مباشر جموع الشعب المصري، وبصفة خاصة تنظيماته السياسية «الأحزاب» والنقابية «عمالية ومهنية» ومنظمات المجتمع المدني «الحقوقية خاصة»، وكان من المفترض أن تتشاور السلطة معها قبل إصدار هذه القوانين.ثاني هذه الملاحظات أن الجمع بين القائمة النسبية والنظام الفردي سيتم طعنه بعدم الدستورية فقراءة حكم المحكمة الدستورية في 19 مايو 1990 بعدم دستورية بعض مواد القانون رقم 38 لسنة 1972 المعدل بالقانون رقم 88 لسنة 1986 والذي يجمع بين نظام الانتخاب بالقوائم الحزبية ونظام الانتخاب الفردي «لمخالفته المواد (8 و40 و62) يؤكد صحة الطعن بعدم الدستورية، فالمادة السابعة من الإعلان الدستوري هي نص المادة 40 من دستور 1971 وهي المادة الرئيسية التي تأسس حكم المحكمة الدستورية عليها.ثالث هذه الملاحظات أن الجمع بين نظام القائمة النسبية والمقعد الفردي قائم على تقليد أعمى لنظام انتخابي «النظام المختلط» ونموذجه المعروف هو النموذج المطبق في ألمانيا ولا تتوافر أسبابه في مصر، لقد طبق هذا النظام في جمهورية ألمانيا الفيدرالية «الغربية» منذ عام 1949 لمجموعة من الأسباب أهمها ضمان تمثيل كل الولايات حيث ألمانيا دولة فيدرالية، ومصادرة فرص الأحزاب الصغيرة خاصة الحزب النازي الذي كان يحكم ألمانيا قبل وخلال الحرب العالمية الثانية والحزب الشيوعي في ظل انقسام ألمانيا بعد الحرب إلى ألمانيا الفيدرالية «الرأسمالية» وألمانيا الديمقراطية الشرقية «الشيوعية» والحرب الباردة بين الشرق والغرب ومصر على عكس ألمانيا الفيدرالية دولة بسيطة موحدة ومركزية ولا توجد بها ولايات أو جمهوريات، وحرية تكوين الأحزاب مطلقة في ألمانيا ولا توجد أي عقبات أو قيود على قيامها وكذلك حريتها في الحركة والنشاط والتواصل مع الرأي العام والمواطنين، بينما تعاني مصر قيوداً مانعة لقيام الأحزاب منذ بدء التعددية الحزبية المقيدة عام 1976 وصدور قانون الأحزاب عام 1977 وحتى صدور التعديلات الأخيرة على قانون الأحزاب.والملاحظة الأخيرة أن الدوائر الفردية التي يقترحها وزير العدل ستكون دوائر واسعة للغاية مثل دوائر مجلس الشورى أو دوائر كوتة المرأة، وبالتالي ستكون دوائر مخصصة لرجال الأعمال سواء كانوا مستقلين أو من فلول الحزب الوطني أو منتمين لجماعة الإخوان المسلمين أو بعض الأحزاب الجديدة التي أعلن عن تأسيسها أخيرا.وليس من مصلحة الوطن أو الديمقراطية أن يصدر قانون يتضمن ما طرحه وزير العدل من الجمع بين القائمة النسبية والمقاعد الفردية، والأصح أن تتشاور السلطة مع الأحزاب والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني لإصدار قانون جديد لمباشرة الحقوق السياسية وتعديل قانون انتخابات مجلس الشعب طبقا للمشاريع التي أعدتها هذه المنظمات والتي تحقق تمثيلاً حقيقياً.. حراً ونزيهاً.. للأحزاب والقوى السياسية.
«حدّوتة» النظام الانتخابي المختلط!
نشر في: 4 مايو, 2011: 05:47 م