إعداد وترجمة لطفية الدليمي يقول ايشيغورو : قادة اليابان وعجائزها الذين استنهضوا غريزة الحلم العسكري والتفوق الشوفيني - قادوا البلاد الى الجحيم ، عندما انتهت الحرب انصرف بعضهم لترميم الخراب فيما انتحر البعض الآخر، جدي رفض ان يصحبنا إلى بريطانيا ،
لم نقل له وداعا، وهذه محنة عذابنا ،كان لديه مفهوم آخر للأرض والوطن ، حتى الموتى يحمون الأرض من الرحيل أو من التفكك، بقي جدي شاهدا على أن ناغازاكي لن تزول ، ولكن أليس جدي واحدا من جيل العار ذاك؟ في رواية ( منظر شاحب للتلال) ينتحر (اغاتا) وفي رواية(فنان من عالم عائم) ينتحر الرسام العجوز ، يعلق ايشيغورو: لكن انتحارهم جاء متأخرا جدا ، كان عليهم أن ينتحروا ساعة دقت طبول الحرب فهم مسؤولون عن إلقاء اليابان في هوة الجحيم ،يدين ايشيغورو ذلك الجيل الذي تغنى بالحرب ومجّد الطيارين الانتحاريين (الكاميكاز) ممن القوا بانفسهم وطائراتهم على سفن الحلفاء، لم يكن هؤلاء المبتهجون بالحرب والموت يأبهون بأن آلاف الأمهات ثكلن أبناءهن وماعدن ينتظرن عودة الإبن المجند ، يعلق ايشيغورو : هل يدري هؤلاء ماذا يعني أن تصبح الأم دون انتظار؟؟ معنى ذلك أننا نضع قنبلة موقوتة في قلبها.ولد ايشيغورو سنة 1954 في ناغازاكي وغادرت عائلته الى لندن سنة 1960وهو في سن السادسة وأخته الكبرى فوميكو على أمل ان يعودوا بعد عام الى اليابان لكنهم آثروا البقاء في بريطانيا ربما هربا من عار الهزيمة و لان بريطانيا عينت والده كمختص بعلم المحيطات للعمل في بحر الشمال ، (أهلي ارادوا الاغتسال من العار والهزيمة بالمسافة والضباب لكي لا يتهدموا كجدران ناغازاكي)..(انا من ناغازاكي لكني لست عميلا للموت بل عميل للحياة ..) وبعد عشر سنوات من وصوله الى بريطانيا توفي جده في بيت العائلة القديم في ناغازاكي حيث عاشوا مجتمعين وكان الجد يمثل له الصلة الوحيدة باليابان ولم يزر ايشيغورو اليابان إلا مرة واحدة بمناسبة صدور الطبعة اليابانية لروايته (بقايا نهار) ثم تجنب العودة ثانية لأنه خشي أن (يقترف جريمة اكتشاف موت الجميع ..) يصف ايشيغورو الديمقراطية بأنها (تحولت إلى مهزلة صاخبة) وينعى ايشيغورو على عالمنا استسلامه لـ( المطحنة التكنولوجية التي تعمل بلا توقف) وتسحق كل القيم في دورانها الهادر. ياباني أدهش الناشرين البريطانيين وهو في الثالثة والعشرين عندما قدم لهم روايته الأولى ( منظر شاحب للتلال ) ، يقول ايشيغورو عن ذلك : كان لدى الناشرين نهم عظيم لهذا الطراز الجديد من النزعة العالمية في الأدب ، وكان النقاد تواقين الى اكتشاف جيل جديد من الروائيين بعد استغراق المجتمع لزمن طويل في روايات تتحدث عن النظام الطبقي الانكليزي وزنى المحارم والخيانة الزوجية وغيرها ، أراد النقاد جيلا مختلفا تماما عن الجيل العجوز من الكتاب البريطانيين. حقق ايشيغورو موازنة بارعة بين جذوره اليابانية وتربيته ودراسته البريطانية ولغته الانكليزية وقد حببه هذا المزيج المثير من الثقافات الى الناشرين البريطانيين ، يخبرنا ايشيغورو : -منذ البدء قدمت نفسي لهم بوصف محدد أثار انتباههم : أنا ياباني لكني لاأعرف اليابان معرفة عميقة انا من ناغازاكي لكني لست عميلا للموت بل البريطاني. آخر أعمال ايشيغورو رواية (نوكتيرن) 2009 ونوكتيرن مصطلح موسيقى يعني (ليليات) وترجم البعض عنوان الرواية إلى (لوحات ليلية) وقد سبقت هذه الرواية روايته الضخمة (لا تدعني أذهب أبدا) التي حولت الى فيلم سينمائي في 2009 . كتب ايشيغورو سيناريوهات سينمائية وتمثيليات للتلفزيون وكتب ولحن اغنيات لمغنية الجاز(ستاسي كنت) وحققت اسطوانتهما المدمجة المشتركة (فطور في ترام الصباح) أعلى مبيعات لألبوم جاز في فرنسا.يقول إيشيغورو : (لغتي اليابانية فظيعة ، اليابان ،تراجعت في ذاكرتي ) ، استل من اليابان عددا من الروايات ثم بدأت بلاده الأم تتلاشى في ضباب لندن ، روايته الثالثة (بقايا نهار) سوقت شهرته العالمية وبا
الروائي الياباني كازو ايشيغورو: الديموقراطية لم تعد غير مهزلة صاخبة فـي عالمنا
نشر في: 9 مايو, 2011: 05:40 م