ترجمة/ عادل العامل تبدو لعبة النهاية بالنسبة للصحف واضحةً للعيان الآن . و سوف تقرر الكيفية، التي يختار بها مالكوها و مديروها استخدام مواردهم المتضائلة، طبيعة الحصيلة النهائية ، و خدمتها للديمقراطية، و استمرارها في البقاء بطبيعة الحال، كما يقول كاتب هذا المقال، فيليب مَيْيَر.
و في مقالة في عدد كانون الأول 1995 من (American Journalism Review ) بعنوان " تعلُّم حب أرباحٍ أوطأ " تنبّأتُ بالاضطراب المالي الذي نشهده اليوم . و قد حثّت المقالة متسلِّمي الرهانات في شركات الصحف بتقبل حتمية عائدات أوطأ و استخدام مواردهم للمحافظة على ما لدى جماعتهم من نفوذ. بعد عقدٍ من ذلك ، أرشدتُ إلى الدليل على تلك الستراتيجية في كتابٍ عنوانه (الصحيفة المتلاشية : إنقاذ الصحافة في عصر المعلومات). و كانت المناقشة تتَّسم بالكمّية quantitative و التعقيد . و كان هناك تنبيه من غوغل Google إلى عنوان الكتاب ، و قد فهمه القراء بطريقة خاطئة . و هذه الإشارة نموذجية من الإيكونومست، حيث تقول: " في كتابه ، الصحيفة المتلاشية ، يظن فيليب مَيْيَر أن الربع الأول من عام 2043 سيكون اللحظة التي تموت فيها طباعة الصحف في أمريكا حين يرمي القارئ الأخير جانباً بالطبعة المكرمَشة الأخيرة ". و تلك صورة ذكية ، و من الصحيح أن استقراء الانحدار الطولي الراهن في القارئية اليومية سيُظهر نقطة الصفر في نيسان 2043 . لكن ناشري الصحف ليسوا على درجة صلبة من العناد بحيث نستطيع أن نتوقع منهم الاستمرار في ضخ الصحف إلى أن يكون باقياً هناك قارئ واحد . فالصناعة ستفقد جمهوراً هاماً و تنهار قبل ذلك بوقتٍ طويل. و علاوةً على ذلك ، فإن الاتجاهات المباشرة لا تستمر على نحوٍ غير محدد . و الطبيعة تفاجئنا بانعطافات . و قد أظهر تخطيط القارئ اليومي أوضح إشارة إلى التمهيد لهذا في الثمانينات قبل أن يستأنف سيرهالانحداري. فقد ، ألقيت مؤخراً نظرةً أخرى على معطيات القارئية من (المسح الاجتماعي العام لمركز بحوث الرأي القومي) بجامعة شيكاغو و جرّبت مقياساً مختلفاً . فعلى اعتبار أنك ما تزال تستطيع أن توجد عملاً تجارياً طيباً من جمهور يقرأ أقل من صحيفة يومية ، قمتُ بتتبّع النسبة المئوية للبالغين الذين أبلغوا أنهم يقرأون صحيفةً في الأقل مرة واحدة في الأسبوع . و هذا الرسم البياني من عام 1972 إلى 2002 ، يبيّن تمهيداً أوضح بكثير في الثمانينات . و بعدئذٍ ، في نهاية العقد ، كما لو أن شخصاً ما أطلق صفيراً و أمر بالسير في الصف الأيمن ، يلتوي الخط منحدراً مرةً أخرى. و قد حصلتُ ، و أنا أعمل بإحساس تنبؤي ، على معطيات إحصاء غرفة أخبار من ( الجمعية الأمريكية لمحرري الصحف) و في عام 1978 ، عندما بدأ الإحصاء ، كان لدى الصحف اليومية 43ألف محرر أخبار . وقد ازداد عددهم حتى بلغ الذروة عند 56 ألفاً في عام 1990 ، الذي يبدأ بعده الانحدار غير المنتظم . و يتطابق هذا النمو الوقتي في التوظيف بدقةٍ مع التردد الوقتي في انحدار القارئية في الثمانينات . فقيام أناس أكثر بوضع أمور أكثر في الصحيفة أبقى أناساً أكثر يقرأون . بعد عام 1990 ، تعاظمت بالطبع تأثيرات الانترنيت. و عند كتابتي " الصحيفة المتلاشية " ، قللتُ من قيمة سرعة تأثير الانترنيت. و من الواضح الآن أنه أمرٌ معطّل لصحف اليوم مثلما كان اختراع غوتنبرغ للحروف المتحركة معطلاً للمنادين بالأخبار في البلدات ، صحافيي القرن الخامس عشر. و كان جمهور منادي البلدة محدّداً بعدد الناس الذين يمكن حشدهم ضمن مدى الصوت البشري غير المكبَّر. و قد غيرت الطباعة كل شيء . فجعلت حجم الجمهور القارئ بلا حدود من الناحية النظرية ، و بخلق المسجلات المتعددة أو المضاعفة ، مكَّنت من حفظٍ أكثر اعتماداً عليه للمعرفة. و الانترنيت يدمر نموذج عمل الصحف القديم بطريقتين . فهو ينقل المعلومات بكلفة صفر قابلة للتغيير ، الأمر الذي يعني أنه لا يواجه عوائق للنمو ، بخلاف الصحف ، التي عليها أن تدفع تكاليف الورق ، و الحبر ، و وسائل النقل بتناسبٍ مباشر مع عدد النسخ المنتَجة . و تكاليف الدخول إلى الانترنيت منخفضة . فكل مَن لديه كومبيوتر يمكنه أن يُصبح ناشراً ، كما أظهر مات دراج حين أذاع قصة مونيكا ليفينسكي في عام 1998و طلعت علينا مدوّنات لا تعد و لا تحصى بعدئذٍ . و فوائد الكلفة هذه تجعل من المناسب أو المعقول تكوين عمل تجاري من المعلومات العالية التخصص، و هو اتجاه كان قائماً قبل الانترنيت. عن American Journalism Review
الصحيفة المتلاشية ..قد تكون النهاية فـي عام 2043 .. بل أدنى!
نشر في: 9 مايو, 2011: 08:19 م