اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > النسوة يتملْملْن

النسوة يتملْملْن

نشر في: 14 مايو, 2011: 08:20 م

سميرة المانع أخبرت المنظفة سعدية، صاحبة البيت مريم بأن ضرتها تريد رؤيتها في زياره خاصة. ترددت الأخيرة في الموافقة على الزيارة، متسائلة مستغربة:  " من بين جميع النساء،  لماذا؟!" قالت سعدية وهي منهمكة بعصر خرقة المسح بين يديها : " تريد أن تراك، هذا ما فهمته منها ، مجرد زيارة قصيرة، يمكن تعتذر"  صمتت الزوجة الاولى ، مفكرة في الأمر. يُفترض أن شعورها المتراكم من خشية ضرتها قد خَفُت الآن مع مرور الايام. لم تعد تحسّ كما في الماضي بكراهيتها الشديدة  المتوقعة لها كامرأة تستولي على الأزواج.
المرأتان تعيشان في بيتين منفصلين حاليا. يفضل الزوج الميسور الحال المتخم بالاموال أن يفتح بيوتا لنسائه الجدد  حسبما يشاء ومتى يقرر. مريم زوجته الأولى تسكن مع أولادها في بيت عامر تتوفر فيه جميع وسائل الراحة.  بين حين وآخر يطل عليها متفقداً أولاده منها بشكل عابر ما بين ولدين وبنت صغيرة.  تستقبله مريم كما تستقبل أخاها وتودعه في  الباب. وبعد إغلاقه تشعر وكأن شيئا أُزيح عن صدرها،  مكتشفة أنها صارت سعيدة بغيابه ومرتاحة.  قبلت بالصفقة الاخيرة بينهما عندما أعلن أنه يريد الزواج مرة أخرى. لا مردّ لها في الاعتراض.  احتفلت بعيد ميلادها الأربعين مع أصدقائها وأولادها فقط. لم يشاركها الحفل آنذاك كونه  مسافرا إلى ألمانيا كرجل أعمال مشغول.  لقد كثرت أمواله وصفقاته المتعددة مع البلدان الاخرى بصورة خيالية. جاء للحكم  بعد سقوط النظام السابق مَنْ يعرفه جيدا ليدير أمور البلد الآن، وهو دائما أما من أقاربه أو أصحابه، مسيطر على الوضع تماما في حسابه. كل شيء مرتب ومضبوط في رأيه وعلى ما يرام بعد أن عاد من السفر.  سيتزوج فتاة شابة متخرجة من الجامعة توا. يبعد بيت أهلها عن بيتهم  ببضعة شوارع فقط.  تساقطت دموع مريم على المخدة في الليلة الأولى بعد سماع الخبر اليقين، وكأنها مهانة، بصورة متكررة.  ثم بدأت في الليلة الثانية متجلدة على الاذلال، بعد أن أقنعها  أنها ستظل معززة مكرمة في بيتها دوما. صارت تدريجيا تتقبل الفكرة أكثر. في الليالي التالية بدأت تترقب خطوته القادمة متصبرة، محاولة ان تستعيد طمأنينتها وعافيتها وحياتها الروتينية العادية كالسابق. أخيرا عندما سمعت انه اشترى بيتا جديدا وهو يؤثثه على ذوق الزوجة المختارة استقرت امورها بشكل تام ، مكتفية بحياتها مع اولادها، راضية بالخدم والحشم ، بالاثاث الفاخر والطنافس المنتشرة ، بعزها دون أن تتكلف بإرضائه أو البحث عن استحسانه. شيء لم يخطر  ببالها قبل زواجها. أو على الاقل لم تكن تتوقع أن يحصل لها يوما ما يجري أمامها بين حين وآخر.تمّ زواجه أخيرا. انتقل للعيش مع الاخرى في البيت الجديد. اكتشفت مريم راحة بالها كمغنم كبير، راضية بانفكاكها عنه ومن تبعاته والعناية به كطفل صغير مزعج كثير الطلبات أناني،  متخلصة منه إلى غير رجعة.عمره في الخامسة والستين، متخم بالثروة الفائضة عن الحاجة، فجأة، لا يعرف كيف يبعزق النقود هنا وهناك. لا أهمية للمحافظة على السمعة والاثر الطيب الذي سيبقى بعده. لكنه يعتقد أن ليس هناك هدف للرجل كي يستكمل عدته ورجولته سوى أن يغير نساءه بالزواج بين حين وآخر. يتصور أن لا دخل للعمر هنا،  فهو طائش مغرور كونه ما زال معافى.  بدورها، بدأت زوجته الشابة الجديدة المتعلمة في الجامعة  تراقبه عن كثب متوجسة، وان أظهرت موافقتها حسبما يقول. اشترى لها آخر مبتكرات التكنولوجيا الحديثة، يجلبها لها بعد سفراته ، أحياناً  من كومبيوترات آخر طراز، إلى الهاتف النقال الانيق الصغير المجهز باستعمالات متعددة، القادر على اختراق الشبكة العنكبوتية ( الانترنيت) بالعالم كله. كما يحتوي على كاميرا سحرية لاقطة كالعين المجردة القوية البصر قبل الاصابه بقصر النظر للآدميين ، كما يتمكن هذا الهاتف الجذاب، المحمول معها أينما تريد،  في دق ساعة رنانة بجرسها الموسيقي اللذيذ  كي توقظ النائم الحريص على اليقظة  في الوقت المناسب، رنينها أجمل من ساعة (بكبن) من اذاعة لندن، أو يتحول كآلة طابعة بسرعة البرق،  إذا شاءت،  لتطبع الرسائل اللاحصر لها على شاشته ليرسلها بريده السريع  كخدمة لها بثوان معدودات بدل سعاة البريد المهملين او الكلام المعتاد في الهواتف القديمة القبيحة السوداء التقليدية الارضية ذات السمعة السيئة بالمقارنة والتي اصبحت بالنسبة له جزءا من الماضي الاغبر لا يرغب في استعادته بتاتا. كل هذا  بالاضافة للمنزل الجديد الذي بناه لها وفيه بركة سباحة وجدرانها من الموزاييك ، و جهاز جاكوزي في حوض التحمم،  ماؤه متدفق بعنف من اجل المساج للجسم المتمدد فيه، إذا ارادت. ولم يتوان في نشر المجوهرات والعطورعلى منضدة زينتها والهروب إلى لندن وباريس وسويسرا معها ابتعادا عن حرّ منطقة الشرق الاوسط برمتها في الصيف.     كل هذا وفجأة لم ترتح الزوجة الجديدة منه لسبب يجهله.  شعر بأنه يضايقها عندما يريدها جاهزة.  يأتي للدار متوقعا أن يراها على قدم وساق مستعدة لإشباع حاجاته الجسدية والروحية معا، اعطاؤه ما  اعطاها من المال والدلال،  لكنها، مرارا وتكرارا، بدتْ

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram